الأخبارمقالات

التوكتوك جريمة يجب قطع دابرها / سيدي علي بلعمش

الإجراءات التي اتخذتها السلطات ضد عربات التوكتوك ، جاءت متأخرة جدا و كانت دون المنتظر بكثير .
و تبرير انتشار الأمور الضارة بفقر المجتمع و حاجته إليها هي أكبر جريمة في حق البلد و أهله و عار على المثقفين و أصحاب الرأي ، أما ذباب “التواصل الاجتماعي المبتذل” فهو معذور في تناوله لأي ظاهرة كالعادة ؛ يقول بيرنارد شو “الجاهل إذا تكلم أخطأ و إذا سكت أخطأ و إذا ذهب ضل جدا”

لقد انتشرت عربات التوكتوك في البلد بشكل مرعب ، مُخلفة فوضى عارمة لم يسبق لها مثيل و نسبة عالية من الحوادث و إرباك حركة المرور و الخروج على السيطر .

و تؤكد أجهزة الأمن و مكاتب الدراسات و الإحصاءات ذات الصلة في العالم أجمع ، أن انتشار الجرائم و تعقيد متابعتها يرتبط ارتباطا وثيقا بتكاثر عربات التوكتوك و الدراجات النارية و هي أمور تجسدت في بلدنا أكثر من أي مكان آخر و تتصاعد وتيرتها فيه بشكل مرعب.

لا توجد أي طريقة فعالة لفرض احترام قوانين المرور على التوكتوك و الدراجات النارية : التجاوز من اليمن و اليسار ، استغلال أي فراغ للتجاوز ، السرعة الزائدة ، الاستهتار في القيادة ، استغلال هذه المركبات عادة من قبل أعمار طائشة تنقصها اللباقة و الأخلاق . و حتى بعد تحريم ممارسة النقل العمومي على غير الموريتانيين ، ما زال أجانب يحتقرون شعبنا و يعتبرون بلدنا بلا رجال ، يمارسون هذه المهنة على التوكتوك لأنهم تعودوا على التحايل على الشرطة و المرور من المنعرجات الوعرة في المدينة التي أصبحوا يعرفونها أكثر من مواليد نواكشوط.!

حتى الدول الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية (مصر ، البرازيل ، روسيا ، المگزيك و حتى الصين نفسها) ، ترفض تبرير الحاجة إلى عربات التوكتوك و الدراجات النارية لما يرتبط بها من أمور سلبية لا يمكن لأي أجهزة أمن واعية التغاضي عن خطورتها ..

لقد منعت بعض السفارات في بلدنا ، على سياراتها الدخول في بعض مناطق نواكشوط ، لا لأسباب أمنية فقط و إنما بسبب فوضى المرور فيها و عدم احترام السائقين لقواعد السير المعمول بها في العالم أجمع ؛ ألا ترون أن من واجبنا أن نترك لهم منطقة واحدة لتأمين مشترياتهم و تبادل الزيارات بينهم؟
لكن أيضا و أيضا ، من أجل عيون من نتنازل نحن عن حقنا في التمتع بحركة مرور انسيابية ، يحترم أصحابها قوانين المرور و السلامة الطرقية و يتمتعون بأقل قدر من الانضباط و الأخلاق و الالتزام بما تفرض القوانين على الجميع؟

و على من يتخبطون في كلام عامي بَيِّن القصور و الجهل بمسؤوليات الدولة و الاحتياطات الأمنية ، واصفين قرار منع التوكتوك فيها بالفصل العنصري و الطبقي ، أن يفهموا أن السلطات أحرس منهم على مصالح الشعب و الرفق بفقرائه ، لكن التوكتوك جريمة في حق هذا البلد لا مبرر لها ؛ لا بكثافة سكان البلد و لا بنقص وسائل النقل و لا بغلائها كما يجب منع الشاحنات من دخول منطقة شارع الرزق و مجمع العيادات : على تجار الجملة أن يفتحوا محلاتهم على أطراف المدينة بدل قلب المدينة الذي حولوه إلى منطقة تغص بالفوضى و النشل و الأوساخ و الزحمة المستمرة . كما يجب منع الهياكل المخيفة التي لا يمكن لمجنون أن يسميها سيارات (أجسام متهالكة يصعب تحديد حتى من أي ماركة ، بلا أوراق و لا فرامل و لا إضاءة و لا أبواب و لا أرقام …) ، المهيمنة على الطرق الرابطة بين شاطئ الصيادين و قلب العاصمة.

نحن بلد من حقه بل من واجبه أن يسعى إلى ما تفرضه العصرنة من التزام صحيا و أمنيًا على الأقل .
و لا يمكن أن تظل عقول متخلفة تتحكم في تقدمنا و علاقاتنا بالبشر من خلال دقدقة مشاعر مريضة و فرض منطق متخلف بمبررات أقبح من كل ذنب ..

إذا كان لا بد من استخدام هذه المركبات المسببة لكل مشاكل المرور و الأمن في البلد ، فليتم توزيعها في مناطق بالداخل تعاني من النقص أو زيادة الأسعار في مجال النقل ..
أما وجودها في العاصمة فلا مبرر له..
و يحاول ذباب المدونين و بعض بشمركة الصحافة ، في كل مناسبة و من غير مناسبة ، التهجم على سكان تفرغ زينة بأغرب منطق :
ملاك و سكان تفرغ زينة رجال درسوا في أرقى جامعات العالم ورجال أعمال و تجار كدوا و صبروا و تحملوا و مهاجرون عانوا و عملوا ليل نهار في الغربة , بشروطها المجحفة و ظروفها القاسية حتى حققوا أحلامهم …

هؤلاء هم مُلاك و سكان تفرغ زينة ، لا وزراء ولد الغزواني و لا غيره ، فهل كان عليهم ـ بعد هذا الكفاح الأسطوري المتوج بالنجاح ـ أن يعودوا لبلدهم ليسكنوا في أحياء الانتظار رفقا بالفقراء !؟

كل عواصم العالم بل كل مدنه ، توجد فيها أحياء راقية يحاول الجميع (في العالم الطبيعي المتمدن) ، الالتحاق بركبهم و الاستفادة من تجاربهم و نجح الكثيرون في ذلك ، كما استفادوا هم من تجارب من سبقوهم من الناجحين في الحياة.
فما هذه المعالجات السقيمة التي يتم توزيعها على صفحات التواصل الاجتماعي كأنها عبقريات لا تُطال!؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى