مقالات

اتشَادْ..مَفَاتِيحُ “الخُروجِ المُسْتَدِيمِ”من أَزْمَةِ ما بعدَ إدْرِيسْ ديبِى.

وُورِيَّ الرئيس التشادي الراحل الثرى يوم أمس 23إبريل 2021 ضمن مراسيم مَهِيبةٍ حضرها 12 رئيس دولة منهم كل رؤساء دول مجموعة الساحل و الرئيس الفرنسي الذى مثل حضوره رسالة فرنسية قوية لكن متوقعة و فى محلها كما مثل طمأنة على توقع موقف دولي و أممي مناصر لإنقاذ جمهورية “اتشاد”من عدم الاستقرار و الانتساب لمصاف “الدول الفاشلة”.

وقد مثل إعلان الجيش التشادي عن تأسيس “مجلس عسكري انتقالي”و تعطيل الدستور و تسريح الحكومة “الحل الواقعي، الممكن و الآمن”؛و الذين يحبذون الحل الدستوري عبر تولى رئيس البرلمان مرحلة انتقالية قصيرة لا تتجاوز أشهرًا معدودات إنما لا يقدرون الظروف التى قُتِل فيها الرئيس السابق و الاحتقان المناطقي الساخن و نُذُرُ حرب أهلية بين قوم شِدَادٍ غِلاظٍ و وجود شبه حروب أهلية على حدود اتشاد الأربعة(ليبيا؛السودان؛وسط إفريقيا و الكاميرون،..).

و المتعيِّن هو أن تتحرك مجموعة الساحل على مستوى الرؤساء مسنودة من طرف الأمم المتحدة و الاتحاد الإفريقي و فرنسا و أوروبا من أجل إنقاذ “اتشاد” من التردي فى غيابات الاقتتال الأهلي و الاختراق الإرهابي و هو أمر إن حصل لا قدر الله فالعدوى به لدول الجوار سريعة و التعافي منه مسار طويل متعرج محفوف بالإخفاقات و لنا فى مالى و أفغانستان و العراق عِبَرٌ شاهدة.

و المسار الذى يجب أن يتبع لإنقاذ اتشاد ينبغى أن يتقصد الخروج المستديم”من الأزمة و أقصد بالخروج المستديم انتهاء الأزمة بشكل نهائي عبر انتخاب مؤسسات قوية و إرساء تقاليد راسخة جالِبَةٍ للاستقرار قادرة على تسوية كل العراقيل أو الأزمات التى قد تتجدد و هو أمر ممكن إذا تم التسلح بالآليات-المفاتيح التالية:

أولا-المبادرة و السرعة: و المقصود هنا هو المبادرة من طرف مجموعة الساحل و الرئيس الفرنسي خصوصا بتشكيل “قوة عمل سياسي Task force politique” عالية المستوى كاملة الصلاحيات محدودة المدة الزمنية بوصلتها إنقاذ اتشاد من الأزمة و مساعدة الطبقة السياسية التشادية على التوافق السريع و طي صفحات الماضى. .

و التوصية فى هذا المجال واردة بشيئ من الخروج عن المألوف عبر تفادى مسلسلات المبعوثين الأمميين و الأفارقة و “المفاوضات الفندقية” بالخارج و نحو ذلك من “المطولات”التى تستهلك عادة وقتا طويلا و نادرا ما تعطى نتائج إيجابية كما هو الحال بالعديد من لصراعات الإقليمية و ما جمهورية وسط إفريقيا و دولة ليبيا من حدود اتشاد ببعيد.

ثانيا- الإجماعية المطلقة:يجدر التشديد على السعي إلى بناء إجماع اتْشَادي مطلق على اتفاق سياسي يُخْرِج من الأزمة و لا يُقصى مكونًا اتْشَادِيًّا مهما كان و لا يستثنى شبرا من الحوزة الترابية التشاديةفذلكم هو الواقى من أوبة الأزمات السياسية الخشنة ولو بعد حينٍ و هو العاصم أيضا من اختراق الحركات الإرهابية التى تتربص دوائر و جيوب الإقصاء و التهميش لتتخذ منها منفذا و حليفا،…

و على قوة العمل السياسي أن تُرِيَّ من أول يوم ” العين الحمراء ” لكل الدول و المجموعات و الجماعات التى قد تسعى بشكل ظاهر أو مستتر إلى عرقلة بناء الإجماع المنشود و خصوصا الدول ذات الأجندات بالدول المحاذية لاتشادْ.

ثالثًا-الشرعية النظيفة: ينبغى على شركاء و حلفاء اتشاد المشكلين لقوة العمل المنوه عنها اتخاذ كل التدابير من أجل تقليص الفترة الانتقالية و العودة السريعة الآمنة إلى الشرعية لكن الشرعية المقصودة هي الشرعية النظيفة مطلقًا عبر انتخابات طاهرة خالية من كل الشوائب و تشكل قطيعة شاهدة مع كل ما يشاعُ عن الانتخابات ببعض البلدان الإفريقية من شبهات التزوير المادي للانتخاب و التأثير المعنوي على الناخبين .

و إذا ما بادر الشركاء و الحلفاء بمقاربة سريعة غير تقليدية خارجة عن المألوف و حرصوا على الإجماع الشامل و الشرعية النظيفة فإن التشاديين بحول الله سيخرجون من الأزمة باستقرار سياسي أرسخ و جيش جمهوري أقوى و نموذج ديمقراطي يحتذى به مرددين رب ضارة نافعة .

المختار ولد داهى؛سفير سابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى