في الشأن العلمي…
منذ ألف عام أسس أجدادنا عربا ومستعربين المحاظر (المحاضر)
فوق مجال أرض البيظان من نهر السنغال الي سيرت، ومن أزواد الي وادي نون، ومن تمبكتو الي تيندوف ، ومن انيور الي فاس والقيروان.
ألق هذه المدرسة العلمية وروادها اجتاح بغداد، والقاهرة، والمدينة المنورة، والبيت العتيق، ودمشق، والخرطوم، وحضرموت، وعمان، والأسِتانة، وبلادالقوقاز.
هذه المدرسة العلمية أسست كرباط في سبيل الله ، يريد تعليم الخير للناس ، كل من ينتسب لها، مشائخ ،وتلامذة، وكتبا ومؤلفات،مساجد ومعاشات ومساكن ومتاعا دنيويا هو أوقاف حسبة خالصة لوجه الله.
الذين يعملون في دروب تبليغ رسالات الله هذه لايخشون الا الله ولايريدون الا وجهه، لايريدون مالا ،ولاجاها ،ولا سلطة، ولاحزباولا جمعية خيرية، ولا غرضا دنيويا بحتا… هم كالجبال الرواسي وغيرهم كظل زائل.
يدرس هؤلاء ذلك الكتاب، هذا القرءان ، هذا الصراط المستقيم ، هذا النبأ العظيم ، هذا الكتاب المبارك، هذا الهدي القويم ،هذا الفرقان ،الذكر الحكيم، الشرف العظيم، القرءان المجيد، الهدي والرحمة،الموعظة و الذكر، و النور المبين.
وقد جعل الموريتانيون القرءان ربيع قلوبهم، وجلاء أحزانهم ،وأنيسهم في حلهم وترحالهم، وغاية مأربهم، وشرف عزهم، واليه يضربون الأكباد، ويلهجون سواء منهم(مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ–سورة الرعد الآية10)
وقد أخذ هؤلاء علي عواتقهم تطويع كل العلوم من سنة ، وفقه، وسير ، وأصول، ولغة، ومنطق، وحساب وعلوم آلة لكتاب الله وبذلك خدموا الدين والأمة المسلمة في كل مكان وفي كل زمان.
هذه الصناعة المحظرية التي تخرج منتجا قل نظيره مثل:(الحافظ، المحدث، العلامة ، العالم ،العبد الصالح، أمير الشعراء، الفقيه، القاضي ، الداعية، الامام ، المفتي) هي أنبل ما أنتجته مرابع الموريتانيين منذ أزيد من عشرة قرون.
ومن الواجب الفصل بين الشأن الدعوي والتعليمي الرباني لهذه المدرسة العلمية، وجهلة المدرسة السياسية التي تعرف من خلال ثلاث علامات: لحن القول، و جهلأحكام الفرائض الخمسة، وسهولة انتهاك المحرمات.
ان هذه الأيقونة(المفخرة: المدرسة العلمية )، هي الآن شوكة في حلق وخاصرة الاستعمار وأذنابه، وعملائه وأميلزته، وجواسيسه وغلمانه، وهذه الحاشية (علمانية كانت أو دوغمائية)، هي (كحمر مستنفرة فرت من قسورة) حين يشع نور المحظرة ويسطع في المئذنة أو المحظرة أوفي مجال الاعلام المرئي أو المسموع.
وهذه الأيقونة تبيرمن يبحث عن المال والشهرة باسم دين الشعارات والتأشيرات والمقاولات.
….
وفي الشأن السياسي…
يبدو العالم اليوم خطيرجدا.. يشبه بركان صراعاته النتائج المدمرة للحرب العالمية الثانية ، وتشبه فوضاه سقوط برلين، أو انهيار اليابان..
فما أنتجته الفوضى الخلاقة من حروب عبثية في الفضاءين العربي والافريقي(ليبيا والعراق كمثالين للتدخل الأجنبي السافر- ومالي والنيجر كحالتين سائبتين لنفس اللاعبين الكبار) يفرض علي صغار السياسة في المعارضة والأغلبية بموريتانيا أخذ الدروس والعبر، وعدم انهاك البلد في خصوماتهم واحقادهم الشخصية واصطفافاتهم الفئوية والجهوية والقبلية.
لمصلحة من يتصارع ويتجافي ويتنابز هؤلاء؟
لماذا هذه البيانات التحريضية والهجومية السخيفة التي يصدرها الطرفان منذ سنوات خصوصا_ السنتين الأخيرتين- ويحشون بها حروبهم الخفية ؟
وماهو العقل الخرف الذي ينتج هذه البيانات التي لا تحمل الا لغة الشتم والسب والتحقيربالخصم والتجني علي الآخر؟
لندرس جيدا لغة المديح ، ولغة الازدراء في مسلسل بيانات كبريات أحزاب الطرفين لنكتشف أن رؤساء أحزابنا ومن يتحدث باسمهم هم أبناء (المانيفست) وتلامذة (الفكر الأحادي) وتجار(الحروب العبثية ) المدمرة للتعددية وللأخلاق..
لندر الظهر لهؤلاء..
ولنعمل علي بناء الكتلة التاريخية التي تجمع كل الأطراف علي طاولة حوار(لامائدة فيه)، حوار حول المصلحة العامة ، وأولوية المرحلة..
المصلحة العامة : في حاكم قوي لاحاكم ضعيف
والأولوية الآنليست : من يحكم؟
الأولوية هي: بناء كتلة تاريخية تضم الجميع و وقف أسباب النزاعات والحروب، لضمان الاستقرار والسلم الأهلي، والحفاظ علي دولة المؤسسات والمنجزات في عالم يمور من حولنا شرقا وغربا، عالم بلا قبطان رشيد ، وبلا سفن نجاة ، وبلا شواطئ آمنة، وبلا قواعد لعبة ، والموت فيه تصدر تجارة عابرة لكل الحدود؟
ومن أجل الإسراع في تحقيق بناء الكتلة التاريخية يجب أن ينطلق الحوار، وأن توفر كل شروط نجاحه، وأن لا يتخلف عنه أحد، وأن يحجر علي كل متخلف فلا يترك له عذر أو سبب.
وكما قلنا مرارا فان الرئيس المنتخب يملك كل الصلاحيات في تذليل كل العقبات.
وصناديق الاقتراع هي الحكم في كل التعديلات التي يجمع الموريتانيون عليها ،وليست هناك سقوف أوشروط فما يجمع عليه الموريتانيون ،في حوار جامع ينفي كل الشروط المسبقة، ويلغي كل الآجال المتجاوزة، ويجيز كل التعديلات المناسبة ،ويصبح بالوفاق حلا مجنبا لكل منزلق، وميسرا لكل عسير، وملغيا لكل صراع.
بناء هذه الكتلة التاريخية مثل الحفاظ علي تلك المدرسة العلمية
خياران ، الأول يحمينا من مختبرات الفوضى الخلاقة ونتائجها الكاريثية ، والثاني يحمينا من عملاء الاستعمار وتجار الحروب أكالي السحت، وسكاري الحانات والمستهزئين بالقرءان ومنهاج النبوة.، ويحمينا من الطابور الخامس من البشمركة فيالمولاة أو في المعارضة، أوالمذبذبين بين الفئتين ؟
حفظ الله المحظرة ومنتجاتها، وحفظ الله العيون الساهرة التي تحرس الثغور وتقوم الليل لتوفر الأمن للجميع.
وبلغنا ليلة27من رمضان في عز ووفاق، ليلة الجمعة، ليلة القدر ان شاء الله.
محمد الشيخ ولد سيد محمد
ليصانص في الفقه والأصول
أستاذ وكاتب صحفي
13 رمضان 1437 هجرية