مقالات

مرحبا الدكتور سعد الدين العثماني

لقد ترددت قبل أن أحمل يراعي لأكتب عن تكليف الدكتور سعد الدين العثماني بتكوين الحكومة بعد أن فشل بنكيران في ذلك…. مرد ترددي أن بعض ضعاف العقول سيقولون أنني منافق وانني أميل حيث الريح تميل…وانا – أعود بالله من قول انا – لا انافق ولا اتزلف ولا احابي بل في بعض الأحيان ألقي الكلام بعفوية ولا أبالي عن العواقب … الا ان ما يشفع لي أنني لا أكتب ولا اعلق ولا انتقد إلا مسؤولا يتقلد منصبا في الشأن العام وبمجرد إعفاء اي مسؤول فانني لا اذكره لا بخير ولا بسوء…. وتملك الشجاعة بأن نقول لمسؤول أحسنت صنعا وعملا قولا وفعلا كما نملك الشجاعة بأن نقول له أسأت وأخطات وجانبت الصواب وتعسفت على حقوق الغير أما الأشياء الخاصة فلا عالقة لي بها لا من قريب ولا من بعيد…. بنكيران نصحناه في البداية وعندما انحرف عن جادة الصواب انتقدناه صراحة واليوم وقد ازيح عن المشهد الحكومي فلن ندكره لا بخير ولا بشر … وبنكيران كشخص لا نحمل له أي حقد لا من قريب أو من بعيد ….فهو اليوم كسائر البشر يأمل الخبز ويتجول في الأسواق…. فوالله لو نجح بنكيران في مهمته خلال السنوات الخمس لما ترددت في الإشادة به وبمنجزاته وبما انه فرط في حقوق الضعاف واخفق في كل المجالات خاصة في مضاعفة الاثمان وهضم حقوق الموظف الضعيف في انقاد صندوق التقاعد … و …. فانني انتقدت بكل صراحة وتجرد … والخلاف لا يفسد للود قضية …وسيبقى بنكيران كشخص محل تقدري واحترامي ومودتي واجلالي …
الدكتور سعد الدين العثماني كتبت عنه عدة مقالات يوم كان وزيرا للخارجية كما كتبت سنة 2013 وبنكيران رئيسا للحكومة أن سعد الدين العثماني أحق من بنكيران في رئاسة الحكومة وسأعمل على إعادة نشر المقال هذا الأسبوع لكي يتيقن بعض ضعاف العقول أنني لا انافق وان ما أكتبه صادر عن قناعة ممزوجة بفراسة مؤمن يخطيء ويصيب ….اتقوا فراسة المؤمن لأنه يرى بنور الله . ..
علاقتي بالدكتور سعد الدين العثماني ليست وليدة حكومة الاسلاميين سنة 2011 بل هي علاقة تمتد إلى سنة 1972 وقد كان هو طالبا بثانوية عبدالله بن ياسين بانزكان وكنت انا طالبا بثانوية يوسف بن تاشفين باكادير …. كنا نلتقي أسبوعيا بمسجد الثانوية المحادي لقاعة الأكل بثانوية يوسف بن تاشفين ….كما كانت تجمعنا جمعية الدعوة والتبلبغ ورحم الله الحاج برادة الذي كان ينظم لنا خرجات للدعوة خاصة إلى مسجد سوق الأحد بحي البطوار باكادير ولا زال ذلك المسجد مبنيا بالقزدير ففيه تعلمنا مبادئ القراءة الفردية وفن الخطابة والأخلاق الإسلامية الفاضلة …
كان الدكتور سعد الدين العثماني نشيطا واثقا من نفسه لا يتردد حتى في اصلاح هفواتنا في الصلاة والتصرفات وإبداء النصح لنا عند الضرورة…. كانت علامة الزعامة بادية عليه من خلال تصرفاته ومشيته وتدخلاته باعتباره سليل أسرة علم وأدب وأخلاق…. ابن انزكان ميلادا ودراسة ….والده عالم جليل وعمه داعية كبير ساهم بنشر الإسلام وتعاليمه باللغة الامازغية السوسية ….كما دافع عن اللغة العربية بقصائد لا زال الجميع يرددها ويتمتع بقراءتها مرارت ومرات ….كان لنا صديقا مشتركا هو المهندس عبدالله بها رحمه الله واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والصلحاء وحسن اولايك رفيقا….
اليوم والصديق الدكتور عز الدين العثماني كلف من طرف جلالة الملك بتشكيل الحكومة بعد فشل بنكيران ماذا عساني أن أقول ؟ ؟ ؟،
لقد وفق الله جلالة الملك في هذا الاختيار …. فالرجل دكتور مبرز وعالم جليل اكتسب تجارب مهمة في شتى المجالات العملية والسياسية والثقافية والاقتصادية ….انسان رزين لا يلق الكلام على عواهنه ولا يبحث عن الإثارة أو لفت الانتباه أو التحدث فيما لا يعنيه ولا يتدخل إلا عند الضرورة القصوى ولا يتكلم إلا إذا وجد نفسه مضطرا للكلام…. يقرأ كثيرا يحسن الاستماع ولا يتكلم إلا لماما …..يتكلم بعينيه وبقسمات وجهه أكثر من كلامه مباشرة …..لا تفارق الابتسامة الخفيفة محياه وعلامات الجدية والصرامة سمات ملتصقة به ….
اتمنى من كل قلبي ان يبقى الدكتور سعد الدين العثماني محافظا على رزاته وحزمه وجديته مند ان عرفته طالبا وبعد أن تقلد مسؤوليات عدة في السياسة والعمل …. اتمنى ان لا يتكلم إلا عند الضرورة القصوى وان يترجم أقواله أفعالا وان لا يسمح للآخرين بالتهكم عليه وعلى أقواله ويصبح أداة للسخرية حتى في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية كما وقع لمن سبقه إلى هذا المنصب ….
عليه أن يعرف انه مند يوم الاربعاء 15 مارس 2017 أصبح الدكتور عز الدين العثماني ملكا لكل المغاربة فرغم انتمائه الأصلي إلى حزب العدالة والتنمية فإنه أصبح ملكا لكل الاحزاب يمينية كانت أو يسارية …. يجب أن يبتعد قدر المستطاع عن حزبه ويترك لقادة حزبه حرية التصرف ولا يقع في ما وقع فيه من سبقه حتى أصبح المغاربة يجدون صعوبة في التفريق بين رئيس الحكومة والأمين العام للحزب…. اتمنى ان لا نسمع له خصومة مع أي كان لأن الشأن العام لا يتحمل الخصومات الشخصية لأن الوطن أكبر من الجميع ويتسع للجميع ….
رغم أن أجهزة الحزب ستعمل جاهدة على احتوائه فعليه أن يعرف كيف يتخلص بلطف بين ما هو للحزب وما هو للحكومة …. ما لله وما لقيصر … كل الاحزاب ستكون في خدمة الحكومة موالية كانت أو معارضة…. الاحزاب في المغرب من طينة ومن معدن واحد كلها في خدمة الوطن وتحت لواء الملكية….ولهذا فانا لا استبعد انا ارى تحالفا بين الأصالة والعدالة لأن الخلاف كان خلافا بين الأشخاص أكثر منه بين الأفكار…. بين بنكيران والعماري وشباط ومزوار….اما المعتقدات فهي متقاربة فيما يخص الدين الإسلامي والاقتصاد والثقافة فكلنا مغاربة ولا احد له الحق في المزايدة علينا في معتقداتنا الدينية والوطنية …. فحزب العدالة والتنمية قبل باللعبة برمتها وما عرفه المجتمع المغربي في عهد حكومة بنكيران من تفسخ واستهتار لم نعرف له مثيلا خلال الحكومات المتعاقبة…..انتشار الموبقات بكل أنواعها والقتل العمد والتبجح بالرذيلة…. فاللهم استرنا بسترك الجميل.واجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة…..ومن أبتلي منكم فليستتر …. واتمنى ان تعمل حكومة الدكتور سعد الدين العثماني إلى تخليق الحياة اليومية في المجتمع المغربي قدر الإمكان….إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا …. والاهتمام بالتعليم وإصلاحه إصلاحا جدرية لأن العلم هو أساس النجاح كما أن العدل أساس الملك …. يجب أن يفكر رئيس الحكومة الجديد في المعطلين حملة الشهادات العليا فلا خير في أمة تزدري بمثقفيها والشباب رجال الغد أهم بالعناية من الأرامل الذين يكرمون لأنهم خزان انتخابي …..
اتمنى من كل قلبي ان يمارس الدكتور سعد الدين العثماني منصب رئاسة الحكومة بكل ما في الكلمة من معنى ويعرف في قرارة نفسه انه أصبح رئيسا لحكومة كل المغاربة… ان يباشر مهامه مند أول يوم من مكان محايد حتى لا يقع في نفس الإغلاط التي وقع فيه بنكيران ….فحزب العدالة والتنمية أصبح بالنسبة للمكلف بتشكيل الحكومة حزبا كباقي الاحزاب الاخرى …. يجب التعامل معه على أساس نسبة المقاعد المحصل عليها ….وإذا كان حصل على المرتبة الأولى ب 125 مقعدا فإن مجلس النواب يتكون من 295 مقعدا يجب اخد ها بعين الاعتبار …..وبمجرد النجاح في تكوين الحكومة على الدكتور سعد الدين العثماني السكن في القصر المخصص لرئيس الحكومة بحي الاميرات بالسويسي لأنه أصبح يمثل رئاسة حكومة مملكة شريفة لها وزنها تاريخيا واجتماعيا ومعنويا وكل استقبال أو حركة أو سكون يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عراقة وأهمية المملكة ومن يريد أن يتواضع فعليه أن يتواضع على حسابه الخاص لا على حساب الوطن …
اتمنى من كل قلبي ان يعرف الدكتور سعد الدين العثماني كيف يتخلص بحكمة من قيود الحزب واتباع الحزب الذين يريدون استغلال قوانين الحزب لتكبيل تصرفات رئيس الحكومة … يجب أن لا يذهب الدكتور سعد الدين العثماني ضحية لحزبه كما ذهب بنكيران ضحية سجن نفسه خدمة للحزب أكثر من خدمة حكومته ووطنه …. صقور الحزب الذين لا يتمنوا أن ينجح العثماني في مهمته النبيلة سيضعون كل القيود أمامه….فرضوا لبنكيران التصرف كما يشاء في تكوين الحكومة وفشل….واليوم برلمان حزب المصباح يضع كل القيود أمام العثماني ولا يسمح له بحرية التصرف…. رغم كل ذلك فالعثماني سينجح في مهمته لأنه ابن العلماء والصالحين والله يستحيي أن ينزع بركة من موضع وضعها فيه …..
الدكتور سعد الدين العثماني إذا بقي كما عرفناه فإنه سينجح في مهمته النبيلة لأنه معروف برزانته وطول باعه وبعد نظره وعدم إلقاء الكلام على عواهنه وإلقاء النكت الحامضة والطهرطقات الفجة …. فسبحان مبذل الاحوال من حال إلى حال ….بالأمس القريب ضحى بنكيران بالعثماني…. أخرجه من وزارة الخارجة بدون سابق إنذار…..هاهو اليوم العثماني يحل محل بنكيران في رئاسة الحكومة وسينجح العثماني فيما فشل فيه بنكيران لأن الحياة فرص وارزاق وحتى النجاح قسمة ونصيب وتلك الأيام نداولها بين الناس …..فسبحان مبذل الاحوال من حال إلى حال ….
وحرر برباط الفتح في 20 مارس 2017
بقلم : عبدالله حافيظي السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى