مقالات

أنا سياسي وحقوقي .. صحفي ومثقف

أنا موسوعة من التجارب التقطتها من التسكع و المهرجانات ولقاءات الرفاق ، أخذت من كل فن بطرف ، أعرف أسماء رؤساء الدول ، وبعض قادة تياراتها ، اتقنت التملق والنفاق ، لثمت بهما ضروعا ، وأكلت جموعا ، أجيد التلون وتغيير الجلد ، وﻻئي عرض يباع ، وبرائي أصل قابل للتغيير حتى النخاع ، أبيع مواقفي في المزادات ، لكل شيئ قيمة وثمن ، ادفع وسترى ، سأدبج الشعر والكلمات ، و ارمي بالسهم والنبال اهل الفتن ، سياسي أنا ﻷنني بلا مواقف ، أعارض وجه النهار ، وفي دجى الليل أحرر المحاضر والتقارير في بيوت اﻷمن ، مواﻻتي تقية واحتساب ، واعتراضي مجرد ضغط و استعتاب ، سياسي انا ﻷن خبرتي في التضليل كبيرة ، وتجارتي هراء وقذر ، راكمت الثروة واﻷذرع وشحم اﻷكتاف ، سياسي انا ﻷنني بعت البحر والسماء ، وأكلت الذهب والفضاء ، وأحن لربيع الفساد ، وأيامنا الخوالي مع هؤﻻء اﻷسياد ، كنا وزراء نجمع لا هوادة وﻻ اخلاق ، وسنقاتل او نهلك حتى يعود ذاك الزمان ، سياسي انا ﻷن الأرض والوطن ومفاهيم الشرف أسماء سميتوها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، سياسي انا ﻷنني أروم مصلحتي ، واسمع باهتمام لصرخات امعائي ، سياسي ﻷنني أعبد ذاتي ، فمن يكن لي اكون له ، ومن استدار عني او لم يلفت إلي اصلا حاربته بكل ما اوتيت ،سياسي أنا ﻷن مشاركة الغير اقصائي ، وانتقاص من مكانتي ، سياسي انا ﻷنني ألعن الوطن وأتبول على وجهه.
حقوقي أنا ﻷنني عنصري وفئوي ، حقوقي ﻷن حربي مع اﻷعراق والفئات ، حقوقي ﻷنني احمل جرتي متسوﻻ على موائد الغرب ، حقوقي أنا ﻷنني أدوس قيم اﻹنسان ، و أعارض الحقوق ، حقوقي ﻷنني أضرب مشاعر الناس وكراماتهم وأسب وأشتم ، حقوقي ﻷن الصهاينة احتضنوني ومنحوني اﻷوسمة و التزكيات ، حقوقي ﻷنني تعلمت كيف يباع الوطن ، وكيف تسيل دموع الناس ، وترعف أنوفهم ، وكيف أخلق العواصف من تحت ابطي ، حقوقي بفضل اللون و اللسان .
صحفي أنا ﻷن القدر رماني في بحر المتاعب ، صحفي ﻷنني كذاب ووضاع ، ومخبر وسياسي ، صحفي أنا ﻷن لساني سليط ، وقلمي مليئ بالحبر والمداد، أمدح وأهجوا تبعا للعطاء والمنع ، صحفي أنا ﻷنني أدخل كل البيوت واعرف كل العناوين ، صحفي ﻷن الأقﻻم تكسرت ، وقامات المهنة انزوت ، صحفي واختزل مهنتي في تتبع العورات ، و الشائعات و البهتان ، صحفي ﻷنني أغتصب الحقائق وأخلق اﻷخبار ، وأرمي بالكلمة كل بخيل ومناع ، وأمجد بها كل سخي عطاء ، صحفي وﻻ أخجل .
مثقف أنا ﻷنني لم أتعلم ، مثقف ﻷنني ألج المطاعم والمقاهي ، وأمشي الخيلاء ، وحفظت كلمات لماركس وهوغو ، مثقف ﻷن المعول بيدي أضرب قيم الناس ، وأسوم يالخسف كل مثال ومقدس ، مثقف ﻷنني بﻻ حمولة علمية تطرح ، وليس لدي نفس للنقاش ، مثقف ﻷن الناس تسخر مني ، وﻻ تنتبه لوجودي ، فليس من عﻻج لهذا التجاهل سوى أن أكون مثقفا ، مثقف ﻷنني ﻻ أؤمن بشيئ ، وﻻ أعرف كيف أفسر ، وﻻ كيف أبرر ، مثقف ﻷنني كرهت الموروث ، و ختم الله باﻷقفال على قلبي عن تذوق هذا الدين وفهم مقاصده ومراميه .مثقف وﻻ فخر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى