مقالات

ماذا يمكن أن نتعلم من نظام التعليم في اليابان؟ (الجزء الرابع)*

6.نظام التقييم في التعليم الأساسي في اليابان
تقوم الحكومة المركزية والمجالس المحلية للتعليم والمدارس بإجراء التقييم وفقا لقانون تنظيم التعليم المحلي، الذي يحث هذه الجهات على تقييم خدمات التعليم في ولايتها كل عام، وأن ترفع النتائج إلى جمعياتها العامة لنشرها Ozawa, 2017 )). وتقوم الحكومة الوطنية والحكومات المحلية بصياغة خططها لتعزيز التعليم كل خمس سنوات، بناءا على نتائج ذلك التقييم.
أما تقييم نظام التعليم فيتم من خلال تقييم المدارس وفقا لإطار وطني للتقييم المدرسي أنشئ عام 2007. وفي إطار هذا التقييم تقوم الحكومة بإجراء مسح وطني لطلبة الصفين السادس و التاسع من التعليم الإلزامي.
كما تشرف منظمتان عالميتان على إجراء امتحانات دورية لصالح مستويات مختلفة من التعليم. حيث تقوم المنظمة الدولية لتقييم الإنجاز التعليمي (TIMSS) بامتحان كل أربع سنوات لصالح طلبة الصفين الرابع والثامن من التعليم الإلزامي (الابتدائية والاعدادية) في مادتي الرياضيات والعلوم. كما تقوم المنظمة الدولية للتعاون و التنمية الاقتصادية بامتحان( (PISAكل 3 سنوات للطلبة في السن 15 في المعارف والمهارات الضرورية في الحياة.
وعلاوة على هذا التقييم تجري المدارس تقييمات ذاتية كل عام بالإضافة إلى امتحانين وطنين هما امتحان نهاية المرحلة الإجبارية و امتحان دخول الجامعة. ثم يقوم الآباء والمنظمات المهتمة بالتعليم بإجراء تقييمات خارجية باستخدام نتائج هذه التقييمات الذاتية. وتنشر معظم المدارس نتائج هذه التقييمات في رسائلها الإخبارية المدرسية وعلى مواقعها على شبكة الإنترنت.
وتظهر نتائج المقابلات التي تم إجراءها في إطار إعداد هذه الورقة (في مدرسة إكونو وثانوية جامعة كوبي) أن المعلم الياباني يحصل على ملاحظات مرتدة عن عمله من جهات فاعلة عديدة.
وتجري هذه التقييمات لإنجاز الطلاب وتعلمهم لأغراض الرصد. كما تستخدمها المدارس لتحسين ممارساتها التعليمية. وكجزء من العملية، يتم استكمال الاستبيانات من قبل الطلاب والآباء والمدارس لتوفير رؤية أوسع للعلاقة بين أداء الطلاب وبيئات التعلم وأساليب الحياة الطلابية والممارسات التعليمية (Ozawa,2017).
7.التعليم العالي في اليابان
يرتبط ازدهارالتعليم العالي في اليابان بفترة النمو الاقتصادي السريع، حيث بدأ الاقتصاد الياباني في النمو بعد الحرب العالمية الثانية بداية من خمسينيات القرن العشرين واستمر في التطور السريع إلى غاية الثمانينيات من نفس القرن. و خلال هذه الفترة، أصبح تأهيل قوة عاملة تأهيلا عاليا ضرورة لتعزيز الاقتصاد المتنامي وخاصة التنمية الصناعية.
ولكن بعد هذه الفترة، تغير نظام التعليم العالي الياباني من نظام نخبوي إلى نظام جماهيري وذلك بسبب التوسع من حيث الكمية مع زيادة مشاركة القطاع الخاص. كما ازداد تنوع البرامج المقدمة مع الأخذ ببرامج التدريب المهني المتنوعة. و عموما يمكن تصنيف مؤسسات التعليم العالي اليابانية إلى أربعة أنواع مختلفة:
أ – جامعات ومدارس الدراسات العليا
والتي تركز على التدريس والبحث الأكاديميين . وتمنح هذه الجامعات والمدارس درجة البكالوريوس ( 4-6 سنوات) و درجة الماجستير( سنتان) ودكتوراه (3سنوات) والشهادات المهنية (2-3 سنوات).
ب – .الكليات الإعدادية
وهي تقدم دورات قصيرة الأجل من سنتين إلى ثلاث سنوات مع التركيز على التعليم المهني العملي؛ وتمنح دبلوم مهني.و تلعب هذه المؤسسات دورا رئيسيا كمعاهد تدرب الموارد البشرية كمعلمي التعليم قبل المدرسي و موظفي الرعاية الصحية.
جـ – كليات التكنولوجيا
يتم تخطيطها وتنسيقها من قبل المعهد الوطني للتكنولوجيا ، وتوفر هذه الكليات دورات تدريبية مهنية رفيعة المستوي خلال 5 سنوات لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و 19 عاما؛ وبعد الانتهاء من الدورة يتم منح الطلاب دبلوم، مع إمكانية تغيير الدبلوم إلى درجة أكاديمية.
د- كليات التدريب المهني تختلف عن الأنواع الثلاثة من المؤسسات المذكورة أعلاه لكونها مستقلة نسبيا عن وزارة التعليم والثقافة و الرياضة و العلوم و التكنولوجيا. والغرض من هذه الكليات هو تطوير المهارات المهنية والعملية. وبالتالي، فإنها تركز في المقام الأول على تعليم مهارات التوظيف لطلابها وتوفر دورات متخصصة في مجالات مختلفة مثل الطب والهندسة والأعمال والتعليم والرفاه الاجتماعي والنجارة وتصميم الأزياء والزراعة والتصميم الجرافيكي، ومهارات الطهي، وإدارة الفنادق. ويبلغ طول الدورات الدراسية في المتوسط عامين، ويتم منح الخريجين الدبلومات التقنية.
8.نظام ضمان الجودة والتقييم في التعليم العالي الياباني
يمكن تقسيم التطور التاريخي لنظام ضمان الجودة والتقييم الياباني إلى ثلاث فترات مهمة. وتتراوح الفترة الأولي من ما قبل الحرب إلي فترة ما بعد الحرب -وهي الفترة التي تم وصفها سابقا بمرحلة الانتقال من النخبوية إلى النظام الجماهيري. وخلال هذه الفترة، كانت مراقبة جودة مؤسسات التعليم العالي تعتمد في معظمها على نظام الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي. وتبدأ الفترة الثانية في التسعينيات عندما تم إلغاء تنظيم نظام الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي وحلت محله نظم التقييم الذاتي. وأخيرا تبدأ الفترة الثالثة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع إدخال إصلاحات هيكلية كبري حولت الجامعات الوطنية إلى “مؤسسات” مستقلة، وأضيف نظام التقييم من طرف ثالث إلى نظم التقييم الذاتي القائمة من أجل تعزيز الجودة ومساءلة مؤسسات التعليم العالي.
وقد بدأت المرحلة الثالثة بعد إصدار مجلس الجامعات في عام 1998 تقريرا بعنوان “رؤية للجامعات في القرن الحادي والعشرين وإجراءات الإصلاح” تضمن المقترحات الرئيسية التالية:
1- تعزيز جودة التعليم والبحث من خلال رعاية البحث وحل مشاكل الطلاب.
2- ضمان استقلالية مؤسسات التعليم العالي من خلال توفير بيئة تعليمية وبحثية أكثر مرونة
3- اللامركزية في الهيكل الإداري مع زيادة الاستقلالية في عملية صنع القرار وتنفيذ المشاريع
4- إنشاء نظام تقييم تعددي: نظام التقييم الذاتي جنبا إلى جنب مع نظام تقييم طرف ثالث(Ana and Shuichi,2015)
وكان أحد الإصلاحات الهيكلية الرئيسية التي جرت في عام 2004 هو إدماج جميع الجامعات الوطنية البالغ عددها 86 جامعة في كتلة واجدة، أصبحت بموجبه مؤسسات جامعية وطنية. وبهذا التغيير، اكتسبت الجامعات الوطنية نظاما إداريا مستقلا يتمتع بالاستقلالية في كل من الإدارة والتمويل. أما العلاقة بين الحكومة واتحاد الجامعات فتتمثل في ضمان الطرف الذي يمثل الحكومة وهو وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم التكنولوجيا للتوجيه الإداري ومراجعة الأهداف والخطط متوسطة المدى (ست سنوات) التي تقترحها الجامعات. وفي حين أن هذه الخطط المتوسطة الأجل تستخدم من قبل اتحاد الجامعات لطلب التمويل الحكومي، فإن الحكومة تستخدمها كقاعدة لتقييم مستوي الإنجاز للبت في المكافآت المالية أو العقاب (في أسوأ الحالات، وقف التمويل).
وعلاوة على ذلك، تم تعديل قانون التعليم المدرسي من أجل تحرير معايير إنشاء الجامعات وتبسيط معايير إنشاءها، وزيادة استقلالية ومرونة مؤسسات التعليم العالي حتي تتمكن من عادة تنظيم الكليات والمناهج الدراسية. جنبا إلى جنب مع هذه التغييرات، أنشأت وزارة التعليم والثقافة و الرياضة و العلوم و التكنولوجيا نظام التقييم والاعتماد لتعزيز التقييم وتحسين مساءلة مؤسسات التعليم العالي. و يلزم هذا النظام جميع مؤسسات التعليم العالي بإجراء تقييم شامل لتعليمها وبحوثها وعملياتها التنظيمية ومرافقها من قبل وكالات تقييم طرف ثالث متخصصة في الاعتماد والتقييم، والتي يتم اعتمادها من قبل الوزارة.
واعتبارا من أبريل 2014، هناك أربع وكالات تقييم خارجي معتمدة من طرف وزارة التعليم والثقافة و الرياضة و العلوم و التكنولوجيا اليابانية وهي: المؤسسة الوطنية لتقييم للدرجات و المؤسسات الأكاديمية و جمعية الاعتماد في جامعة اليابان و مؤسسة اليابان لتقييم التعليم العالي و الرابطة اليابانية لاعتماد الكليات (Ana, and Shuishi, 2015).

يتواصل مع الجزء الخامس إن شاء الله

*د. المختار ولد حنده-أستاذ محاضر-قسم اللغة الانجليزية- جامعة نواكشوط العصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى