دخلوا الجيش يوم كانت رواتب الجنود في حدود 3 آلاف أوقية قديمة و رواتب الضباط في حدود 12 ألفا ..
لم يكن دخول الجيش مغريا لغير بعض أبناء القبائل المحاربة المولعة بالجندية حد الظاهرة …
أوائل الضباط كانوا من اختيار الفرنسيين، من أبناء شيوخ القبائل المحاربة الموالين لهم و من أوائل حملة الشهادات (الباكالوريا و شهادة معلم الموازية لها)..
كانت حرب الصحراء بما حصدت من أبناء الفبائل المحاربة ، عاملا ينضاف إلى رواتب الجيش غير المغرية ، لكن حبهم للجندية كان هواية حقيقية..
و كانت سنوات الجفاف (بداية السبعينات) ، وراء بروز العديد من الظواهر التي يتجاوزها الكثيرون اليوم في قراءاتهم التحليلية (أحزمة البؤس حول المدن الكبيرة ، التقري العشوائي ،اعتماد الشعب على مساعدات الدولة ، تفشي الانحلال الخلقي ، ظاهرة النفاق و الانفلات من القيود الاجتماعية …) و كان من بين هذه الظواهر توجه من يُعرفون بأبناء القبائل المحاربة ، إلى الجندية رغم أن دخل غسال أو حلاق أو صاحب عربة حمير كان أضعاف راتب أي منهم ، ضابطا كان أو جنديا ، مثل جل المِهَن المتاحة للجميع (الصيد التقليدي ، الزراعة ، الصناعة التقليدية ، التجارة …) ..
فلماذا (بمنطقكم الأعرج) ، لا نعتبر الدولة مسؤولة عن هذه الخيارات الحرة التي تجعل الصياد ابن صياد و الصانع التقليدي ابن صانع تقليدي و الفنان ابن فنان و المزارع بن مزارع و المنمي ابن منمي ؛ لماذا لا يرى المستفزون (في هذه اللوحة) غير منتسبي الجيش الأقل دخلا من الجميع و أكبر تضحيات من الجميع ؟
هذا لمن يرددون اليوم بجهل و ببلغاوية ، “عنصرية أنظمة البلد” و احتكار “البيظان” لمؤسسة الجيش ..
و هي ادعاءات كاذبة رغم كل ذلك ، فمسابقات الجيش لا تعرف الألوان و لا الجهات ..
ادخلوا أي كتيبة من الجيش و ابحثوا عن أبناء قبائل الزوايا فيها لتكتشفوا أن مثل هذه الميول لا تخص أي لون و ليست من صنع الدولة و إنما من صنع عوامل اجتماعية راسخة لا تستطيع الدولة تغييرها و ليس من غير العابثين ، من يتمنى تغييرها و لا من يستطيع تعويضها في مجتمع تقليدي تحكمه منظومة فاضلة ليست مهمة الجيش النبش فيها ..
– الجيش الموريتاني لا يفرض التجنيد الإجباري مع الأسف لأسباب موضوعية ، و لن يقبل مهما حصل ، أن يخضع لمنطق المحاصصة العرقية البغيضة كما يريد البعض ..
– الجيش الموريتاني ينظم مسابقات سنوية للضباط و صف الضباط و الأفراد معززة بمعايير ليست من أبشع ما تفرضه جيوش العالم، لكن لا يمكن أن تكون جزء من فلسفة الإدارة في مجال التمييز الإيجابي ..
– الجيش الموريتاني (لمن يفهمون ) يعتمد سياسة النوع على حساب الكم ، لا يمكن التراخي في معايير الانتساب إليه ..
✅ اتركوا الجيش فهو المؤسسة الأفضل تنظيما و احتراما لقيم الجمهورية و الضامن الأوحد لها و هو المؤسسة المفتوحة أمام الجميع بالتساوي لكن بشروط استحقاق لا يمكن أن تكون مطروحة للنقاش مثل جل جيوش العالم ..
و ما يردده *الجمرة الخبيثة* (بيرام) ، لا يَفهم معناه و لا يدرك خطورته عليه و لم يعد يجد من يستمع إليه ..
لا يوجد أي تمييز في الجيش و لا في الأمن إلا ما يصنعه الاستحقاق . و هو أمر لن يعتذر الجيش و لا الأمن عنه بكل تأكيد حتى لو حصل صدفة أن جاء كل الفائزين في إحدى مسابقاته من قرية واحدة ..
السكوت عن التجاوزات المكذوبة و تطاول *الجمرة الخبيثة* على الجيش و الأمن ، تجاوز كل الحدود .. تجاوز كل الحدود .. تجاوز كل الحدود . و لم نعد نجد له من تفسير و لا له من نهاية .
* سيدي علي بلعمش