في حقبة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، شفاه الله، قررت وزارة التجهيز تطبيق قانون السير حفاظا على أرواح وممتلكات المواطنين، لكن سرعان ما تراجعت السلطات تحت ضغط واحتجاجات الذين يعتاشون من الحالة الموريتانية.
وهكذا تم وأد محاولة أن لانكون في موريتانيا سريعا.. هناك متلازمة حتى الأجانب يرددونها نكاية، فحين تعيب على أحدهم تصرفا مخالفا لضوابط المرور يأتي رده صاعقا: (نحن امالنا في موريتاني).
صراحة لم تشهد موريتانيا فوضى مرورية أكثر مما هو حاصل الآن، ويحدث ذلك تحت انظار عناصر أمن الطرق، الذين تم تهجينهم لينساقوا ضمن جوقة اللا قانون واللا دولة.
مظاهر مقززة ومؤلمة، تعطي الانطباع يقينا أننا بعد أزيد من ستين سنة، لازلنا مجرد رعاة من البدو لايقيمون للمدنية والحضارة وزنا.
ففي كل ملتقى طرق ترى بأم عينك أصحاب سيارات ومركبات (الأجرة) بجميع أصنافها وأحجامها، يفرضون إرادتهم القوية بعرقلة حركة المرور وتجاوز الطابور وخلق طابور ثالث الأمر الذي يمنعه قانون السير، وفي منتصف الطريق يحتل المتسولون المساحة الضيقة المتبقية، أحدهم وهو معاق بالكاد يمكن لأصحاب السيارات المرتفعة ملاحظته، ناشدته أن يخرج من بين السيارت حتى لايعرض حياته للخطر فجاء رده هادئا مؤدبا “طير”.
سيدي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أكاد أجزم بأن ما يحدث لايعدو أن يكون جزءا من صناعة الفشل والسخرية منكم ومن برنامجكم ومأموريتكم، لأن ما يشهده الشارع العام صورة عاكسة للواقع ولجميع مرافق الدولة.
لقد حان الوقت لاستعادة هيبة الدولة وفرض احترام القوانين والتعامل مع الخارجين عليه بصرامة.
الدولة وأجهزتها هي التي كرست هذا الواقع بتخليها عن مسؤوليتها، ولا أدل على ذلك من تحسن وضعية تعامل مرافقها مع المواطنين بعد خطاب الرئيس الذي انتقد فيه بيروقراطية الإدارة داعيا إلى تقريبها من المواطنين.
الخطوة الأولى من أجل تصحيح الحالة تتمثل في منح عناصر أمن الطرق صلاحيات انفاذ القانون على كل مخالف مهما كانت بساطته أو مركزه في الدولة، ومنع المتسولين من مزاحمة السيارات، فمن حقهم أن يتسولوا إن لم يجدوا قوت يومهم، لكن مكانهم هو الرصيف وليس وسط الشارع وتحت عجلات المركبات.
أخيرا على اللواء محمد ولد محمد سالم ولد لحريطاني، مدير التجمع العام لأمن الطرق، ضبط حركة المرور وفرض هيبة الشارع، أو تقديم استقالته، ليس العيب في أن نفشل، إنما العيب في أن نجعل من الفشل هدفا وغاية، وقديما قيل:العادة إذا لم تقاوم سرعان ما تنقلب إلى حاجة.
محمد نعمه عمر