ينتظر اليوم عدد هام من أطر موريتانيا الأكفاء الذين شاركوا في مسابقة لجان إبرام الصفقات بتاريخ 15 إبريل المنصرم نتائج هذه المسابقة التي تم التلاعب بمعاييرها لتصبح إحدى أهم الجرائم الاقتصادية في البلد و نموذج نصب و احتيال لا غبار عليه في نهج النهب المنظم للثروات الوطنية من قبل ولد عبد العزيز و عصابة أقاربه الذين أصبح كل حامل شهادة ابتدائية منهم على رأس مؤسسة عمومية بما يكفي لتأكيد أن هذا الرجل مجرم و وزراؤه مجرمون و برلمانه مجرم و قضاؤه مجرم و موالاته مجرمة:
في سنة 2010 تم تصويت البرلمان على القانون الجديد المنظم للصفقات و الذي بموجبه تم الفصل بين وظيفة إبرام الصفقات و وظيفة مراقبتها و وظيفة تنظيمها ..
و بموجب هذا القانون قامت الدولة بإشراف من البنك الدولي بإنشاء 7 لجان للصفقات تم اختيار رؤسائها على أساس مسابقة كانت عادلة و احترمت فيها قواعد الشفافية.
كانت هذه الشفافية التي فرضها البنك الدولي كشرط لازم لدعم الميزانية، مزعجة لولد عبد العزيز فبدأ يفكر في طريقة للالتفاف عليها، حيث قام 2012 (عند بداية تطبيق القانون) بإصدار مقرر من الوزير الأول تم بموجبه إخراج 20 مؤسسة عن اختصاص تلك اللجان السبعة لكي تسير خارج هذا القانون ليسهل التحايل على صفقاتها و تم إنشاء 20 لجنة من داخل هذه المؤسسات يرأس كل منها مدير المؤسسة الذي يقودها و هم طبعا جميعا من اختيار على بابا و من أهم هذه المؤسسات : صونلك ، (SNDE) ، هيئة النفاذ الشامل ، لجنة المحروقات، سنات، صونادير، المواني و غيرها من مؤسسات الدولة الهامة …
أصبحت هذه اللجان مستقلة و تبرم صفقاتها على طريقة علي بابا و شفافيته الخارقة التي تحول هذه المؤسسات إلى دكاكين للأسرة بموجب مراسيم وزارية ، تمر مرور الكرام على برلمان ولد عبد العزيز الذي يكفي للبرهان على تواطئه و عجزه و خضوعه لرغبة الجهاز التنفيذي المنحصر بطبيعة الحال في يد ولد عبد العزيز ، أنه أبدا لم يرفض قانونا أو قرارا صادرا من مجلس الوزراء رغم أننا ندرك أن أكثر النواب اليوم لا تؤهلهم مستوياتهم العلمية لفهم أهمية أو خطورة أي شيء مما يوقعونه أو يمررونه من قوانين و مراسيم تسير الشأن العام و ترتبط بمصالح البلد و حياة المواطنين.
و مع بداية مأموريته الثانية و تحول تكيبر من شراء الشقق الفاخرة في المغرب إلى بناء الأبراج التجارية في دبي، تطورت وسائل النهب و الهيمنة عند ولد عبد العزيز و توسعت أطماعه و اشتدت شهيته و زاد احتقاره لهذا الشعب الخانع الذي يسلط عليه ولد محم و ولد التاه و غيرهم من المأجورين في بلاطه لتخوين نخبه و تسفيه عقلائه و تضليل عاميته، فتفنن في اختراع نظم السيطرة و الهيمنة، حيث كان القانون يلزم بالتجديد لرؤساء اللجان السبعة و رئيس لجنة رقابة الصفقات كل ثلاث سنين، فقرر على بابا ـ تجاوزا للقانون ـ التجديد لرئيس لجنة الصفقات أحمد باب ولد الشيكر المعروف بأحمد باب ولد مولاي الزين (حتى لا يتجاوزوا أي طريقة للتمويه و النصب)، وحده من بين رؤساء لجان الصفقات و فتح مناصب باقي رؤساء لجان الصفقات للمسابقة. و لم يكتف علي بابا بهذا التجاوز بل ذهب إلى أن عهد إلى ابن عمه المذكور برئاسة لجنة اختيار رؤساء باقي لجان الصفقات في المسابقة لكي يختار على مزاجه من يرأسون هذه اللجان تحت إمرته . و لتسهيل هذه المهمة تم اختيار لجنة التحكيم التي تعمل الآن مع أحمد باب من قبله هو شخصيا من دون مشاركة أي جهة أو فرض أي معايير في تشكيلها. و بالعودة إلى إعلان المسابقة تفهم بسهولة كيف تحايلوا على أهم ميزات المطلوبين أي الخبرة التي تحدد عادة في مثل هذه المسابقات الهامة بعدد السنين (خمس سنين .. عشر سنين) فقد تم تحديد التجربة في الإعلان بعبارة “تجربة معتبرة” و هو تعبير واضح الميوعة و الضبابية ، أريد منه أن يقرر أحمد باب على مزاجه من يرى تجربته معتبرة و من لا يراها كذلك. و ينص قانون الصفقات في مادته السابعة على أن رؤساء لجان الصفقات يتم اختيارهم من قبل الهيئات التي سيديرون صفقاتها، بعد مسابقة نزيهة و شفافة تثبت أهليتهم لتولي هذه المهمة. و بموجب حزمة الإجراءات التي أقرها ولد عبد العزيز أصبح أحمد باب ولد الشيكر بتفويض من علي بابا ممثلا شرعيا أوحدا لجميع هيئات الدولة .. !؟
و التلاعب في مجال الصفقات العمومية في دولة عزيز عالم مفتوح من النصب و الاحتيال الممنهج ؛ فتصميم المناقصة يتم على أساس مواصفات المؤسسات التابعة لهم (تخصصها، تجربتها، وسائلها و إمكانياتها) و هذا هو ما جعل ولد عبد العزيز يقبل بند فتح المناقصات أمام الجميع (ضمن ممهدات الحوار التي قدمتها المعارضة) لأن لا معنى له في الحقيقة.
و يحدد نظام إبرام الصفقات أن المبلغ المقدم من قبل الدولة (30 في المائة عادة) في الصفقات العمومية يكون ـ لزاما ـ بضمان من إحدى البنوك المعترف بها و في سنة 2012 قام علي بابا (من أجل السهر على مصلحة دولة الفقراء)، بإصدار مرسوم من مجلس الوزراء (بؤرة خراب البلد) يتم بموجبه إعفاء من يختارهم مجلس الوزراء (من دون معايير مفهومة) من هذه الضمانة البنكية و بالتالي تصبح الدولة من دون ضمان بتنفيذ لتنفيذ مشاريعها أو إرجاع المبالغ المقدمة لهؤلاء مثل صفقة مصنع الطائرات التي أشرف ولد التاه على دفع 30 في المائة منها لشركة وهمية بلا ضمانة مصرفية و لا عنوان و لا سجل تجاري و لا مقر اجتماعي و لا رقم هاتف ٍ و لا بريد الكتروني . و كان من المفروض أن تسلم الشركة 10 طائرات لموريتانيا في دجمبر 2014 و هو ما لم يحصل لأن المصنع الذي كان من المقرر أن يعمل في موريتانيا لم يتم إنشاؤه بعد و المبلغ المقدم الذي تم دفعه ترفض السلطة الحديث عن مصيره و إن كان البعض يؤكد أنه حول أصلا إلى حساب تابع لولد عبد العزيز في عملية نصب مماثلة لفضيحة “غاناغيت” و الحالة نفسها تمت في صفقة محطة توليد الكهرباء عن طريق الغاز المتعثرة هي الأخرى و صفقة المطار الدولي (و يقول البعض أن هذا التسهيل تم أصلا من أجل تمرير الأخيرة).
و بعد أيام فقط ستخرج لائحة الناجحين في مسابقة لجان إبرام الصفقات و سترون علاقات “الفائزين” الأسرية و القبلية بأحمد باب ولد الشيكر و إذا قرر غير الفائزين تقديم شكوى إلى القضاء من عدم عدالة و شفافية المسابقة ـ لن يغير القضاء الخاضع لنفوذ القصر أي شيء طبعا ـ لكنكم ستتأكدون على الأقل من صحة هذا الكلام .
إن أجرم من في الكون و أكثره إرهابا و أقله وطنية و أبعده عن الدين و أكثره عداء للأخلاق و أسوؤه سريرة و أشره نفسا و أحقره سريرة، هو من يدافع عن ولد عبد العزيز.. هو من لا يدين إجرامه في حق هذا الشعب البائس.. هو من يشارك في نظام أجرامه .. منذ نشأة الإذاعة الموريتانية (حاضنة النفاق الموريتاني الممنهج) و من بعدها التلتفزة الموريتانية التي تأسست على أيادي خريجي الإذاعة و وكالة الأنباء الموريتانية الموبوءتين، و علماء موريتانيا الأجلاء يتعاقبون على منابر هذه المؤسسات لجلد المرأة : هنا صبغت رأسها (إنا لله و إنا إليه راجعون) .. هنا قصت شعرها (اللهم إن هذا منكر فأنكرناه) .. هنا ظهرت خصلة من شعرها (حسبنا الله و نعم الوكيل) .. هنا طلت أظافرها (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)…
إن المرأة الموريتانية تطلبكم أن تكونوا يوما واحدا رجالا جديرين باحترامها.. أن تكونوا يوما واحدا علماء تثق في أمانتهم.. أن تتذكروا يوما واحدا “إن زلزلة الساعة شيء عظيم” أمام سلطان جائر..
كفى تزلفا للحكام ؛ لقد أفسدتم كل شيء في هذا البلد