لقد حاول دفاع المتهمين في هذه القضية منذ الوهلة الأولي تحويل مهمة الدفاع التي أنتدبوا لها من دفاع يهتدي بنور القانون أمام الهيئات القضائية المختصة ، و يتسلح بالادلة و المثبتتات الشرعية إلي كتابات علي تعتمد الجرائد و مواقع التواصل الإجتماعي لتسويق احداث محرفة و قراءات مغلوطة لحقيقة وقائع هذه النازلة ، و ذلك انتهاكا لمبدأ “واجب الحفاظ علي سرية التحقيق” و ابتعادا واضحا عن مهمة المحامي التي يلزم القيام بها في قاعات الحكم و ساحات المحاكم ، عكسا لمهام الصحفي و المدون
و نحن كدفاع عن البنك المركزي قد تغاضينا عن قصد عن البيان الأول ، و أعرناه الصماء من اذنينا ، و لكن تكرار ذلك النهج حدى بنا و بعد ان تعهد قضاء التحقيق بالملف الى تقديم هذا التوضيح انتصارا للحق و دفعا للمغالطة و دحرا للاباطيل ، و ذلك وفقا لما يلي :
1- أن الأفعال موضوع المتابعة قد اكتشفت إثر تفتيش قامت به بعثة من البنك المركزي بتاريخ: 20/02/2019، اظهرت تجاوزات ذات طابع جزائي ، بعد ذلك تقدم البنك المركزي امام الجهات المختصة بتاريخ: 14/06/2019 بالشكوى موضوع النازلة المنشورة .
2- أن الاتفاق الموقع بتاريخ: 20/07/2019 و الذي يحاول الدفاع المحترم، أن يطمس من خلاله نتائج التقرير موضوع الشكوى قد وقع لمنح المساهمين فرصة بيع أسهمهم لمجموعة تجارية تسمي”مجموعة العبدل” وهي عملية البيع التي تم التفاوض فيها مع المساهمين ، و وقعوا وعدا بالبيع الذي لم تتم دون ان يعرف البنك المركزي اسباب ذلك .
و ليس لهذا الإتفاق اي علاقة بمآل ” الشكوى ” الدعوى العمومية المنشورة قبل ذلك بعدة اشهر و التي يعلم المساهمون بحقيقة وجودها ، اذ لا يعتبر ذلك سببا قانونيا لانقضاء الدعوى العمومية و لا مانعا من موانع تحريكها .
3- ان محاولة دفاع المتهمين إقناع الرأي العام بأن البنك المركزي قد أكره موكليهم علي توقيع عقد البيع مع الشركة الكندية ، فيكفي لنفي ذلك أن هذا الدفاع لم يحدد نوع الاكراه الممارس ، و لم يحدد العناصر الواقعية التي يمكن استخلاص الاكراه منها ، فالوعد بالبيع موقع من طرف وكلائهم أمام موثق عقود معتمد ، و منذعام خلى فإن ايا من المساهمين لم يتحدث عن اكراه و لم يتقدم بدعوى امام القضاء لابطال .
4- إن محاولة التملص من نتائج سوء التسيير و تبديد أموال المودعين الثابتة من خلال أفعال مرتكبة من المساهمين قبل عملية البيع ، و كانت موضوع شكوى قضائية قبل عملية البيع هي كمن يحاول حجب الشمس بغربال .
5- ان قول الدفاع المحترم إن عقد البيع للكندين قد تضمن النص على تحملهم لديون المساهمين ، فهو كذلك أمر غير دقيق و لا وجود له في نص الاتفاق ، بل على العكس من ذلك فإن ألوعد بالبيع نص على تحمل البائعين لتبعات ديونهم و ديون شركاتهم الوهمية و التي قدرها تقرير التفتيش المستقل ب 122 شركة.
6- مهما قيل عن عملية البيع فإن ذلك لا يمكن أن يكون قميص عثمان لتبرئتهم من الأفعال المنسوبة لهم و التي أدت إلي تكبد ودائع البنك لخسائر تقارب زهاء العشرين مليار أوقية كما ورد في تقرير المفتشين المستقلين و الذين نص علي تعينهم في الاتفاق المذكور أعلاه.
7- إن محاولة التأثير علي الرأي العام و محاولة إقحام الجيهات العليا –كما أسماها البيان في سير ملف قضائي هو أمر غير مقبول من محاميين كان ديدنهم الحث علي إبعاد الجهاز التنفيذي عن القضاء و الحث على إستقلاليته ، كما ان تلك الاغنية المشروخة لم تعد تطرب السامعين و لا هي بالدفاع الجدي ، بل انها سبيل سالك لكل من هزلت حجته و عزت تبرئته
8- وفي الختام أدعوا زملائي و عمدائي إلي الإبتعاد عن التأثير الخارجي علي القضاء و الاشتغال بدل ذلك بالسعي الى نفي التهم عن موكليهم بواسطة تفعيل الدفاع الناجع الجاد المرتكز على الانطلاق من الوقائع و القانون ، و ان يعلموا ان الحاكم في القضية هو القضاء الذي لا يتأثر و لا ينفعل الا بما تحت يده من وقائع القضية المتمثلة في تبديد اصول و ودائع المدعين ، و لا يستمع في حكمه الا لنصوص القانون التي تجعل المساهمين مسؤولين عن افعالهم الثابتة بالاعتراف و في تقارير التفتيش .
ذ/ يسلم بن يحي بن مولود
محامى البنك المركزي