تعتمد التجارب الثورية في العالم دائماً على القاعدة الجماهيرية لإجراء التغيير، باعتبارها الوقود الذي يهدم المنظومة القديمة، لكن بالإضافة إلى تلك القاعدة الجماهيرية، هناك أربعة نماذج دائما ما تكون حاضرة في أي ثورة -السياسي كمخطط للفعل الثوري -العسكري كمنفّذ وقيادي للقاعدة الجماهيرية -المثقف كمنظّر وذراع إعلامي -المتدين كموجه ومرشد ومؤطر روحي . ولعل الدور الأكثر هامشية في هذا الرباعي هو دور المثقف بيد أنه يتحمل أوزار الجميع وعليه تقع مسؤولية تصحيح الأخطاء التي يمكن أن تُرتكب في الثورة وللأربعة طبعا هناك بغاث يراقبون بهدوء موازين القوى ليتخذوا الموقف تحت اسم الأخلاق وحب المصلحة العامة. ولا يعني هذا أن تلك النماذج يمكن أن تكون مستقلة فكثيرًا مايكون السياسي عسكريًا والعسكري مثقفا والمثقف متدينًا ولكل منهم نصيبه من التدين فبولدير كشاعرفرنسا الأول في الثورة كان مثقفاً وعسكرياً دون أن يكون سياسياً. ولينين في الثورة البلشفية كان مثقفاً وسياسياً دون أن يكون عسكرياً وتروتسكي كسياسي وعسكري ومثقف، أو ستالين كعسكري محض دون أن يكون مثقفاً أو سياسياً، أو حتى الخميني كرجل دين وعسكري دون ثقافة وسياسة وحيث ان الثقافة إطار أكبر وأشمل من أن يُحصر في اتجاه واحد سواء كان حزبًا أو جماعة أو فيئة معينة وباعتبارها منتجًا إنسانيًا أوسع تبقى سمة التميز والتفوق خلال الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله إنتدب المجلس العسكري الفريق مسقارو ولد أغويزي لولايتي لبراكنة وتگانت لشرح مضامين الخطاب السياسي الذي تبناه المجلس سافرت كعادتي مع من ألفوا التواجد حيث أريد لهم أن يكونوا عند وصولي لقاعة الإجتماع في مستشفى مدينة تجگجةً كنت متعبًا من وعثاء السفر وفاقدًا للأمل فيما يأتي به نظام عسكري إنقلب على نظام مدني وإن كان قد أوصله للسلطة تنافست قرائح الحاضرين في تمجيد الوافدين للسلطة كالعادة وبدأت أبحث عن مكان قصي أراقب من خلاله المشهد في زهد الباحث عن الماء تحت الرماد كنت أرمق بنظري الرجل وهو يدون بعض الملاحظات وأتساءل متى ينطق ؟؟ وتنتهي هذه المسرحية الهزيلة !! حين بدأ الرجل في الكلام كان الجميع يتناجى عادة في مثل هذه الإجتماعات لأن الأهم هو الحضور والكلام والموافقة جملة وتفصيلا على مضامين الخطاب لكن الأمر معه كان مختلفا وكأن الجميع : قيامًا ينظرون إلى سعيد كأنهم يرون به هلالا إستطاع الرجل أن يكسر القاعدة في لحظاته الأولى كان خطيبا مفوها جهير الصوت متميزًا بحضوره القوي ومظهره الجذاب وشخصيته الفذة الغريب في الأمر أنه صنع من الكثير من المداخلات الواهية أفكارًا وأطروحات سياسية واجتماعية واقتصادية وحتى ثقافية رد عليها بشكل علمي دقيق وجديد على الساحة السياسية خصوصًا من طرف الجناح الذي ينتمي إليه طبع الهدوء والإنصات المشهد في القاعة ولَم يلتفت أحد إلى أحد حتى أنتهى الخطاب بعدها أقبل الجميع إلى المناجات ولعل السؤال الأبرز أين نحن !! بدأت بعد ذلك الإجتماع أتحسس قيمة الثقافة في حياة العسكري والسياسي عمومًا فما أجمل أن يحمل العسكري بندقيته ليدافع عن وطنه ويمتشق قلمه ليوجه مجتمعه ويتحسس فكره ليسطر دستور أمته وما أجمل أن تختار الشعوب من يقودها إلى مصيرها، والتاريخ للأسف أخبرنا دائماً كيف الشعوب تختار مصائرها الآن ونحن نعيش بوادر إصلاح شامل والرجل أحد أركان النظام القائم ويدير مؤسسة الأمن وتربطه بالرئيس الحالي علاقة الفكر والنضج أستطيع أن أجدد إيماني أن العسكري ليس بالضرورة كما يشاع في ثقافة العامة وأن البلاد ستنعم بالأمن وأن قطاع الشرطة سيشهد نهضة شاملة وتميزًا كما كان جهاز أمن الطرق أيام الفريق
مقالات ذات صلة
هل كشفت أزمة الكركرات تحولا جديدا فى طريقة عمل الدبلوماسية الموريتانية؟/ الشيخ أحمد أمين
29 نوفمبر, 2020 | | 2:37 م
مدير الحروف يكتب: عطفا على مقالي .. إنصافا لمدير ديوان رئيس الجمهورية ..
13 ديسمبر, 2020 | | 11:17 م
العَقْدُ الاجْتِمَاعِيُّ المُورِيتَانِيُّ:تَحْيينٌ أَمْ إِصْلَاحٌ أَمْ إعَادَةُ بِنَاءٍ؟ / المختار ولد داهى
1 مارس, 2019 | | 8:12 ص
مَعَالٍمُ المَشْهَدٍ السٍيًاسٍيٍ مَا قَبْلَ “الاٍسْتٍحْقَاقَاتٍ الثًلاَثَةٍ”
25 يوليو, 2018 | | 5:55 م