لقد شهد العِقْدَان الأخيران توسعا سريعا و عريضا فى استخدام وسائط التواصل الاجتماعي عبر العالم عموما بفضل اختراع “الفيسبوك”عام 2004و “اتويتر”سنة2006 اللذان يتصدران ترتيب الوسائط الاجتماعية(الإعلام البديل – alternative medias)الأسهل نفاذا و الأخف ضوابطا والأكثر انتسابا و الأوفر متابعة ،…
و تشير الإحصائياتُ إلى أن 3,4مليار فرد من سكان المعمورة يستخدمون وسائط التواصل الاجتماعي و هو مايمثل زهاء 45%من سكان العالم و اللاَّفِتُ للملاحظة هو أن نسب مستخدمى الوسائط الاجتماعية بإفريقيا و العالم العربي و الأمة الإسلامية متقاربةٌ حيثُ تقل أو تزيد يسيرا عن متوسط 40%من السكان.
كما تفيدُ نتائج الدراسات و الاستقراءات المتوفرة أن نسبة 90%من مستخدمى وسائط التواصل الاجتماعي يَلِجوُنَ و يَنْفَذُونَ إليها عن طريق الهواتف و الأجهزة المحمولة (الجوالة)و أن الشباب (18-35سنة)يمثلون قرابة ثلاثة أرباع(75%)مستخدمى وسائط التواصل الاجتماعي.
و يتضح من العدد الكبير لمستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي(نصف سكان العالم) و انتساب الغالبية الغالبة من ذلك العدد إلى الشباب القدرةُ الكبيرة لتلك الوسائط على التأثير المجتمعي السريع و الواسع من جهة كمايتأكدُ واجبُ ترشيدذلك التأثير من الشَطَطِ البريئ لبعض الشباب و المكر السيئ لغلاة العنصرية و الكراهية و صِنْوِهِمَا من “مُضَادَّاتِ” قيام دُوَّلِ الحق و المواطنة و القانون،من جهة أخرى،….
و لقد لوحظ استغلال دعاة الكراهية و غلاة “الفِتَنِيَّةِ” للسرعة الفائقة لوسائط التواصل الاجتماعي على النفاذ السريع و العريض لأفئدة الرأي العام و “شبه فَرَاغِ” الرادع القانوني فانتشرت البَذَاءاتُ العنصرية على منصات التواصل الاجتماعي عَبْرَ مواقع (websites)مواقع و حساباتٍ (comptes)تٍ comptes و “مَضِيفَاتٍ-مُوَّطِّنَاتٍ” “hébergeurs و “مُسَرِّعَاتِ بحث”accélérateurs de recherche شبه متخصصة فى نَفْثِ سموم الكراهية و العنصرية و الشقاق بين الناس،..
و يُلْفِت “فقهاء اجتماعيون” الانتباه إلى التزامن(من بداية القرن الواحد و العشرين) بين رَوَاجِ وسائط التواصل الاجتماعي و انتشار خطاب الكراهية ضد الأديان و الأعراق و ألوان الَبشرة و المهاجرين،.. و ما نجم عنه من تنامى القاعدة الانتخابية لليمين المتطرف بأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و “الكيان الصهيوني” و توسع ديموغرافيا و جغرافيا “الإرهاب الأعمى” بالعالم العربي و الإسلامي و تصاعد “التدابر و التنافر العرقي و المناطقي و الشرائحي”بالعديد من دول القارة الإفريقية.
و توضح كل الاستقراءات أن أقوى الأسلحة المستخدمة من طرف دعاة الكراهية الدينية و الطائفية و المذهبية و العرقية و الشرائحية و المناطقية بالعالم العربي و الإسلامي و الإفريقي هو استغلال وسائط التواصل الاجتماعي لِنَفْثِ سُمُومِ الكراهية و اختراق الشباب “الأضعف مناعة فكرية” و اكتتاب المتعاطفين،…
و تأسيسا على ما سبقت الإشارةإليه -و لو لِمَامًا- من دور وسائط التواصل الاجتماعي فى انتشار خطاب الكراهية فإن الإجراءات التاليةقد تخفف من خطورة استغلال وسائط التواصل الاجتماعي استغلالا سيئا يُغَذِّى الكراهية:
أولا- سَنُّ قوانين “غَلِيظَةٍ” بالعالم العربي و الإسلامي أو بمنطقتي الساحل و المغرب العربي لمحاربة استغلال وسائط التواصل الاجتماعي لإفشاء خطاب الكراهية(hate speech /discours haineux)نظرا لتشابه محرضات الكراهية و مخاطرها على أمن تلك الدول و سلم تلك المجتمعات.
ثانيا- تحيين القوانين الوطنية المعمول بها بالدول العربية و الإسلامية فى مجال استغلال وسائط التواصل الاجتماعي لبث الكراهية لتشمل العقوبات “المنصات الرقمية” (platefotnumerique )و “مُسَرِّعَاتُ المضامين-accélérateurs des contenus)و ذلك بالاستئناس بالتشريعات الأوروبية الحديثة فى المجال؛
ثالثا-تفعيل “المضادات الوطنية”الشرعية و الأخلاقية و المروئية الممجدة للأخوة و الإيثار واشتراط تمام و كمال الإيمان بحب الخير للناس جمعاء و كذا المبادرة إلى إطفاء كل المظالم و الفوارق الاجتماعية والعرقية و الشرائحية و المناطقية المُغَذِّيَّة للكراهية؛
رابعا-تشجيع “الاستخدام الحميد” لوسائط التواصل الاجتمامن طرف الصالحين من المجتمع ردًّا على الخطاب الشرائحي و فضحا لدعاته و تبيانا لمخاطره؛
خامسا-تحرير “مختصر حول محاربة الكراهية”شديد الإقناعية سهل المفهومية مُوَّطَّإ المضمون و إلزام تدريسه ابتداء من منتصف السلك الإعدادي (بداية سن الشباب) “بالمدارس المدنية”و بعد ختم القرءان “بالمحاظر الشرعية” و استخدام وسائط التواصل الاجتماعي لتدريسه و إفشائه.
المختار ولد داهى،سفير سابق.