الأخبار

هكذا غيرت صفقة بيع المدارس موقف الحكومة من ترميم السوق المركزي

غيرت الحكومة الموريتانية موقفها من ترميم سوق العاصمة نواكشوط، بعد الوصول لمراحل متقدمة من التفاوض مع رابطة ملاكه، وذلك بالتزامن مع بين المدارس المجاورة لسوق العاصمة، وخصوصا المدرسة رقم (2) الواقعة شمال السوق.

وكشفت وثائق ومعطيات حصلت عليها الأخبار أن ملاك السوق، وممثلين عن الحكومة توصلا إلى اتفاق يقضي بتحمل التجار لتكاليف ترميم السوق أو إعادة بنائه وفق المعايير الفنية التي تحددها دراسة يقوم مكتب دراسات دولي تم تحديده، وهو مكتب “COTEM”، أو تلك التي تحددها الحكومة، مع تحمل كامل تكاليف الدراسة والبناء.

ويتشكل السوق المركزي للعاصمة نواكشوط من قسمين، داخلي، ويعرف شعبيا بـ”كرش البطرون”، وهو ملك عمومي، وخارجي ويتشكل من 107 قطعة أرضية مملوكة لمجموعة من التجار الخصوصيين، وبحوزتهم سند عقاري بالملكية التامة لها.

وتغير موقف الحكومة الموريتانية ابتداء من نوفمبر 2015 (يوم 11 نوفمبر 2015 تمت صفقة بيع المدارس) بعد سنتين من التفاوض بين التجار والحكومة أوصلت لاتفاق، وتزامن تغير موقف الحكومة مع بيع الحكومة لمجموعة من المدارس من بينها المدرسة رقم (2) والموجودة في محيط سوق العاصمة.

تهديد بالهدم..
ووصل الموقف الحكومي ذروة تغييره بإبلاغ وزيرة التجارة الناها بنت مكناس للتجار يوم 10 مايو الجاري بضرورة إخلائها قبل فاتح ديسمبر 2017 تمهيدا لهدمها نهائيا مطلع 2018، وذلك بالنظر إلى الخطر الذي باتت تشكله السوق وعدم قابليتها للإعمار، وتعمدت الحكومة الخلط بين القسم العمومي من السوق، والقسم المملوك لخصوصيين.

ضرورة الترميم
ملاك السوق أجروا – بناء على الاتفاق مع الحكومة – عبر مكتب دراسات دولي معتد يعرف بـ”COTEM”، حيث أكد المركز في دراسته التي تمت في نوفمبر 2014 أن السوق يحتاج ترميما، حيث أبدى التجار استعدادهم للقيام به، بل ووقعوا اتفاقا مع تجمع شركات بناء يقضي بانتهاء أشغال الترميم في ظرف 6 أشهر، قبل أن يتفاجأوا برفض الحكومة التعاطي معهم ابتداء من منتصف شهر نوفمبر 2015 تزامنا مع بيع ساحات مدارس بنواكشوط.

وقد بدأ التجار في إنهاء إجراءات الإذن البناء لبدأ أشغال الترميم، قبل أن تتم عرقلتها في إحدى المراحل، لتتوقف فيها إلى اليوم دون تقديم مبرر واضح لمنعهم من الحصول عليها.

ورغم أن وزيرة التجارة والسياحة الناها بنت مكناس، والوزير الأول يحي ولد حدمين أكدوا لرابطة ملاك السوق في لقاء معهم أن الحكومة لا تريد سوى ترميم السوق وجعله آمنا على التجار والمتسوقين، غير أن المتغيرات التي حدثت بعد ذلك جعلت الحكومة ترفض تحديد المعايير التي تريد، وتماطل في إنهاء إجراءات إذن البناء، أو الترميم.

“الحكومة في خدمة المنافس”
ويتهم التجار الحكومة بالتوجه لتهديم حوانيتهم – رغم الحماية القانونية للملكية الخصوصية – وذلك خدمة لملاك السوق الجديد الذي يقام في المدرسة القريبة من السوق، والتي جرت صفقتها في ظروف غامضة، وتم بيعها لأشخاص غير معروفين في عالم المالي والأعمال في البلاد.

ويقول التجار إن سوق العاصمة حافظ على ريادته خلال العقود الأربعة الماضية، ورغم إقامة الكثير من الأسواق في محيطه، إلا أنها ظلت عاجزة عن منافسته، حيث لم يتجاوز سعر المتر المربع– مثلا – 600 ألف أوقية في ساحة ابلوكات، في حين أن سعره في سوق العاصمة يتجاوز 7 ملايين أوقية.

واعتبر التجار أن تحول موقف الحكومة يدفع للتخوف من دفع الحكومة لخدمة أجندات تجارية خاصة، وأن تتحول إلى طرف في التنافس التجاري، وليس حكما محايدا بين الأطراف التجارية المتنافسة، مشيرين إلى أن الاتفاق الموقع بينهم والحكومة يضمن للخصوصيين حقوقهم، ويضمن للحكومة حماية السوق وتجاره ومتسوقيه من المخاطر.

خسائر بمئات الملايين
ويؤكد التجار أن هدم السوق المركزي للعاصمة سيؤدي لخسائر بمئات الملايين من الأوقية، وسيتجاوز الخسائر المادية إلى خسائر معنوية بسبب تأثيره على ثقة المستثمرين في السند العقاري، والملكية الخصوصية، ومدى حمايتها في المجال التجاري بموريتانيا، خصوصا وأن هدم أملاك خصوصية سيعجل التخوف قائما لدى المستثمرين بإمكانية مصادرة ممتلكاتهم أو هدمها في أي لحظة ودون أي تعويض.

كما سينعكس الأمر – حسب التجار – سلبا على النظام المصرفي الموريتاني باعتبار هذه الحوانيت مرهونة لدى البنوك بأسعار معينة، وانهيار أسعارها فجأة سيؤدي لخسارة كبرى لبعض أهم رجال الأعمال الموريتانيين.

القانون أولا..
ويقول تجار سوق العاصمة نواكشوط – المهدد بالهدم من طرف الحكومة – إنهم لا يريدون سوى تطبيق القانون، باحترام الاتفاق المبرم مع الحكومة بترميمه، أو حتى بنائه من جديد وفق المعايير التي تحددها الحكومة على أن يتحمل التجار كامل تكاليفه.

وفي حال أصرت الحكومة على مصادرته أو هدمه – يقول التجار – فإن على الحكومة احتراما للملكية الخصوصية أن تعوض للتجار عن قيمته الحقيقة، كما ينص على ذلك القانون، سواء بمبلغ مالي أو بقيمتها في السوق الجديد، على أن يتم تخييره بين الاثنين.

وأجرت الحكومة الموريتانية في نوفمبر 2015 صفقة بيع عدة مدارس في نواكشوط، كان من بين المستفيدين منها رجل وامرأة غير معروفين في مجال المال والأعمال دفعا مبلغًا يقارب ملياري أوقية للحصول على 8 قطع أرضية في المدرستين 1و2 من أصل 11 قطعة هي مجموع قطع المدرستين، ما طرح حينها تساؤلات عن المشتري الحقيقي وفرضية “تقدم هذه الشخصيات كوكلاء عن أشخاص آخرين، كان شراؤهم لها سيثير الكثير من التساؤلات عن الدافع الحقيقي لبيع هذه المدارس”، بحسب ما جاء في تحقيق سابق نشرته صحيفة الأخبار إنفو.

Related Articles

Back to top button