ماذا لو كل العرب اختفوا جميعا ً؟؟؟؟
ماذا لو أفاق العالم فجأة واكتشف أننا لم نعد موجودين؟
بالتأكيد لن يخشى من خسارة أي شيء، فلن ينقطع الإنترنت ولن تتوقف الأقمار الصناعية ولا مصانع السيارات وقطع غيارها، ولن تتوقف أسواق البورصة، ولن يفتقد أي مواطن في العالم أي نوع من الدواء ولا المعدات الطبية وأجهزة الأشعة وغرف العمليات، ولا حتى السلاح الذي يقتل به بعضنا بعضا، فلم نقدم للعالم أي خدمة سوى الكلام وصورة قتل بعضنا في الصحف ونشرات الأخبار….
ستطل سيدة فرنسية من شرفتها لتقول لسيدة أُخرى لقد اختفى العرب جميعاً، وستسأل الأُخرى الجاهلة: أنت تتحدثين عن هؤلاء الذين يقتلون بعضهم ليل نهار؟ نعم
واذا كان أحد يعتقد أنني أبالغ في رسم الصورة فليقف على مسافة في أية عاصمة غربية خارج هالوطن ، وليراقب خيط الدم من ليبيا حتى العراق مروراً بمصر وسورية واليمن والصومال وما بينهما من أمة نصفها يسبح على بطنه من شدة الجوع ونصفها الآخر يسبح على كرشه من شدة الشبع ، والاخر يترنح وكلهم عالة على البشرية….
لن يتوقف أي شيء في حياة المواطن الياباني ، ولن يفتقد المواطن الأوروبي أي شيء، ولن يخشى الماليزي أوالتركي أو الأميركي من تعطل حياته اليومية، فليس لنا نحنا العرب أي دور في الإنتاج الحضاري ولا المعرفي ولا العلمي ولا الصناعي ولا الإنتاج المادي ولا الاكتشافات أو الاختراعات ،،، فقط نحن نتناول ما تنتجه البشرية، وكثير من هذا الإنتاج نستهلكه بشكل ضار وخاطئ ، من سيفتقدنا كثيراً لوانتهى العرب فقط هي مصانع الأسلحة التي تكدس المليارات لأننا الأكثر استهلاكاً لما تنتجه، ولم نتوقف عن عقد الصفقات الضخمة لها لأننا نفتح لها سوقاً بالدم مما نستهلكه يومياً من أحدث أسلحة القتل والفتك والدمار… وستتفقدنا كل زبالة العالم من المواد الغذائية المنتهية المفعول والفاسدة التي يحضرها مجرموا العرب الى شعوبهم …. العالم المتحضر ينتجون كل شيء ونحن نستهلك كل شيء، ولا ننتج سوى الكلام والاغاني الوطنية الكاذبة والهابطة ثم نعيد تفسير الكلام وتأويله وتدويره عن التحريض والكراهية والإقصاء ، فكل من العرب له مشكلة مع العرب، ولم تتوقف صراعات العرب البينية منذ فجر التاريخ، دول تكره بعضها وقبائل تتربص لبعضها في نفس البلد الواحد ومليشيات تنتشر بلا حساب ، كلٌ شاهرٌ ما استطاع أن يعده من قوة وسلاح وخيول لم تتوقف عن الجري في ساحات المعارك ضد بعضنا البعض …. وحده الفلسطيني المحظوظ وسط هذه الأمة التافهة أن صراعه مع إسرائيل،،، لكنه لم يشذ عن الأوركسترا العربية ايضا ، فقد فتح صراعاً مع نفسه حماس وفتح وغيرهما ليؤكد انتماءه لهذه الأمة المتصارعة ….. نحن في ذيل القائمة من الامم في كل شيء، لا مستشفيات طبية يأتي العالم للعلاج فيها، ولا جامعات تحجز لها مكاناً في أول أربعمائة جامعة عالمية حسب تصنيف منظمة شنغهاي العلمية العالمية ،، ولا مؤسسات حقيقية ولا برلمانات يعتد بها كلها برلمانات مجرمين ولا قانون يحترم ، كل شيء عندنا صوري ، فليس هناك ما نباهي به بين الأمم ….قبل سقوط الرئيس مبارك الكلب بسنوات ذهب الرئيس للعلاج في أحد مستشفيات ألمانيا مصطحباً عدداً من المساعدين والحراس ، وقد لفتت الحركة غير العادية في المستشفى نظر مواطن ألماني كان يتعالج بنفس القسم فسأل عن النزيل المجاور فقيل له: إنه زعيم عربي، فسأل كم سنة له في الحكم؟ قيل له: اربعة عقود، قال: هذا دكتاتور وفاسد،،، أما لماذا ديكتاتور فلأنه في الحكم منذ 40 عاماً،،، وفاسد لأنه رئيس دولة ووضعت تحت تصرفه كل الامكانيات والصلاحيات ولم ينشئ مستشفى يثق في العلاج به في بلده. لعنه الله ….
لقد كشفت اضطرابات الإقليم العربي خلال السنوات القليلة الماضية هشاشتنا في كل شيء،،، فمع أول هبة ريح انهارت دول، واكتشفنا أن ما بنيناه في السنوات الماضية لم يكن أكثر من بناء كرتوني سطحي لا يحتمل أقل الهزات ، والأسوأ اكتشاف حجم الكراهية والعنف المتأصل في ثقافتنا العميقة وحجم قدرتنا المدهشة بأن نعيد إحياء أسوأ النزعات المذهبية المدمرة والعنصرية بيننا ونستلها لنبرر غريزة القتل المضاد، مستدعين أكثر ما نملك من قدرات كلامية وفتاوى وفضائيات وأموال لإشباع المادي ولا الاكتشافات أو الاختراعات، فقط نتناول ما تنتجه البشرية، وكثير من هذا الإنتاج نستهلكه بشكل ضار وخاطئ، من سيفتقدنا كثيراً هي مصانع الأسلحة التي تكدس المليارات لأننا الأكثر استهلاكاً لها … هم ينتجون كل شيء ونحن نستهلك كل شيء،،،،،،،،،
نحن أكثر شعوب الأرض حديثاً واحتفالاً بالانتصارات رغم الهزائم التي تملأ تاريخنا الحديث والقديم، حتى شعاراتنا أكبر من الأوطان، نحول الهزيمة لنصر بمجرد جمل إنشائية، خبراء في قلب الحقائق وتزييف الواقع والماضي، غارقون في أحلام المستقبل بأوهام بعيدة تماماً عن واقع آخذ بالانهيار، لا نفعل شيء للمستقبل سوى التمني والكلام…… نحن أكثر شعوب الأرض حديثاً عن الوحدة، وأكثرها تشتتاً،،، أكثر شعوب الأرض حديثاً عن الديمقراطية ونحن غارقون في أشد أنواع الاستبداد،، وأكثر شعوب الأرض حديثاً عن التسامح والمحبة والسلام ونحن أشدها كراهية،،، ونحن أكثر الشعوب حديثاً عن حقوق الإنسان فيما أن الإنسان لا يساوي لدينا جناح بعوضة،،، حقوق الطفل والمرأة وكل هؤلاء يتم سحقهم إذا استدعت مصلحة جهة أو حزب، وبعد كل حدث نكتشف أن كل منظومة القيم تلك ليست سوى مجموعة شعارات تسقط مع أول صراع وأول حكم وأول مصلحة لقبيلة سياسية…. كان يجب أن يصاب الإقليم بهذه الرجة العنيفة، ليس فقط لتُظهر عريّنا السياسي والأخلاقي والاجتماعي والسرسري ، بل اصيبنا بصدمة عندما تم اكتشاف واقع الحالة العربية التي حاولنا اخفاءها على امتداد عقود وربما قرون وأصابت بعض الحالمين بعدوى الأمل الكبير ليغنوا “الحلم العربي” والوحدة العربية قبل أن نعود لعصر الجاهلية ونتحدث عن وحدة الدولة الواحدة في العراق وسورية وليبيا واليمن، ولتنزوي كل أحلام وحدة العرب في دولة…. لم يكن يتصور أي من الشباب العرب أن أمامهم واقعا بهذه القسوة وبهذا السوء، ففي لحظة كانت كل الآمال بمستقبل واعد أكثر ، ولكن الحقيقة التي نعرفها جميعا أن كل الشباب العربي الذي يتعرض للتهميش وهو بلا عمل يصطف على الأرصفة في طوابير البطالة منذ سنوات، وهجرة الشباب العربي باتجاه واحد نحو الغرب وحتى عندما كانت الدول العربية مستقرة، ،، فما بالنا عندما يحدث هذا الارتجاج العربي .
كثير يقارنون بين ما يحصل عندنا الان وما حصل في أوروبا عندما خرجت بسرعة فائقة للنور بعد الحروب العالمية … على أمل أن يؤدي هذا النفق المظلم الذي دخلنا فيه إلى نقطة الضوء .. لكن هناك تمايزاً في التجربتين .. ففي أوروبا صاحب الحروب الأهلية نقاشٌ فكري هائل، بينما يصاحب حروبنا نزاعات انتقامية غرائزية لا تنتهي ولا تبشر،… إذا لم نبدأ نقاشنا وقراءة واقعنا على مهل بعيداً عن صخب السلاح ورائحة الدم .. نقاشاً يبدأ بسؤال: ماذا نحن؟ وينتهي بإجابة كيف يجب أن نكون؟؟؟ وإلا فإن الرحيل عن الأوطان أفضل الخيارات للأجيال القادمة .. .!!.!!!
بقلم د .أكرم عطاالله