مقالات

كيف نتعامل مع صناعة تزييف التاريخ؟

لا شك ان العقود الأخيرة صدر فيها العديد من الكتابات المزيفة للتاريخ المبنية على التنظير الذى لايمت للحقيقة بأى صلة ، واكثر من يعرف ذاك التزويروالضعف والوهن هم المنظرون انفسهم ، لأنهم هم الذين اختلقوا ذاك التاريخ المفصل على مقاييسهم …وليتهم اكتفوا بتزوير وتزييف تاريخهم دون التجنى او التطاول على غيرهم ، لكن المتتبع لمعظم ماصدر منذ نهاية الثمانينات وحتى يومنا هذا سيجد ان معظمه ان لم يكن جميعه قد كرس للإساءة لهذا الطرف اوذاك وان كان ذلك بنسق متفاوت .
والرابط بين هذه الإساآت هو انها كانت فى السابق موجهة الى شريحة معينة كانت فى يوم من الأيام تحتكر السلطتين السياسية والعسكرية، ويبدو ان السقف هذه المرة قد رفع ليشمل جميع من كانت لديهم سلطة تقليدية سواء ينتمون الى الشريحة المستهدفة دائما اومجموعة تقليدية اخرى ضاربة الجذور فى اعماق تاريخ هذه البلاد .
والذى حمل المتحاملين على ما اقدمواعليه هواستباحتهم لأعراض المجموعتين واعتقادهم وجوب انتهاكها وعدم صيانتها من جهة ومن جهة اخرى اعتقادهم خطأ أنهم فى مأمن من ردة فعل قد تزلزل كيانهم وتقضى على احلامهم وتفضح زيف و تزوير اقلامهم.
وهذه الاخطاء الفادحة التي تظهر بين الفينة والأخرى تفرض علينا اعادة كتابة تاريخنا من اجل الكشف عن ماض هذه الأمة التى نعتبرها امة عظيمة ، ولاشك أن عملا كهذا يعتبر فى غاية الأهمية ، لأن امة تجهل تاريخها الحقيقي هى أمة فاشلة لا تستحق التقدير والإحترام ولا يرجى تقدمها.
وفى سبيل الوقوف على كنه الحاقائق التاريخية ينبغى ان تتم كتابة التاريخ بموضوعية وتجرد وأمانة سواء اكان ذلك بمبادرة فردية اوبتكليف رسمى من الدولة لأشخاص تتوفر فيهم المعايير التى تجعلهم مؤهلين للقيام بهذه المهمة النبيلة، وفى مقدمة تلك المعايير ، بالإضافة الى التخصص والمهنية والتجرد من العواطف ، تمثيل كافة الشرائح التى اضطلعت بأدوار سياسية واجتماعية حقيقية فى تحديد مسار تاريخ هذه البلاد وان يراعى فى اختيار الأشخاص تمثيلهم كذلك لكافة مناطق البلاد لأن ذلك اكثرضمانة ومصداقية لهذا العمل النبيل.
اما تكليف شخص اوشخصين بذلك كما حصل مؤخرا -ينتميان لشريحة تقليدية معينة تقف وراء عملية التنظير والتزوير والتزييف التى نعيشها اليوم لن يكون حصادهما افضل حالا من حصاد سابقيهما ، الأمر الذى يترتب عليه المزيد من الإحتجاج والنقد والتذمر وسحب المؤلف من المكتبة الموريتانية التى هى فى امس الحاجة لمايثريها
من معلومات تاريخية حقيقة وثابتة.
ومع اننا ضد الإساءة لأىٍّ كان ونتمنى على كتابنا جميعا تحرى الدقة وتوخى الحيطة والحذر فى مايكتبون ، لأن مايكتبون أمانة فى اعناقهم سيحاسبون عليها يوم القيامة عندما يقفون امام الواحد الأحد ، إلا اننا فى الوقت ذاته لانرى أن المصادرة هي الحل الأمثل لمعالجة الأخطاء او النواقص.
فبقاء المؤلَّف فى المكتبة الموريتانية يعتبر حافزا رئيسيا لمن له القدرة على تصحيح تلك الأخطاء للمبادرة بذلك ، وقد لايسلم المؤلَّف الجديد من الأخطاء هو الآخر الامر الذى يستدعى تصحيحها ، وفى ذلك كله اثراء للمكتبة الوطنية من جهة وتنقيح لتاريخنا من الأخطاء والشوائب من جهة اخرى.
الدكتور /المحامى /محمد سيدي محمد المهدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى