مقالات

صناديق الإدخار أم صناديق الاقتراع ؟

كم هو مزعج في عهد شاخت فيه ديمقراطيات العالم بتوارث الأجال لها والإنسان في قطرنا لا يزال يحدث نفسه عن جدوائية خسارة يوم لاختيار طريق سبق وأن سار وإياها مرارا دون أن تكون للعملية السياسية فائدة مباشرة يحسبه المواطن وتنعكس على أمنه الصحي والغذائي والاجتماعي .
إنه حديث النفس حول المشاركة الانتخابية على لسان عامة الشعب الموريتاني أوغالبيته .
إن مواسم الانتخابات تطل بكل غريب وقاطع وصل على منبعه الأول وتذكره بقيمة الأقارب والأحبة إنه البحث الدؤوب عن ركوب ظهور المعوزين والفقراء للوصول إلى المبتغى دون خجل من التاريخ ولا ارتباط بالجغرافيا ، إنها الديمقراطية بكل سلبياتها حيث تمارس بموريتانيا بقوة المال والجاه لا بقوة البرامج وصلابة الطرح ،ففي كل انتخابات تبرز الحساسيات ويكبر الصراع بين الأرحام وتشيع المنافسة السلبية بين كل قطبين سياسيين في نقطة من نقاط الوطن .
من الأكيد أن هدف الدمقراطية هو العدالة في تبادل السلطة وحكم الشعب نفسه بنفسه لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا ينطبق هذا التعريف على ممارستنا ؟
خلال ثلاث عقود مضت والدولة الموريتانيا شعبا وسلطة تمارس هذه الظاهرة العالمية دون أدنى فائدة لا الشعب حكم نفسه بنفسه ولا صوت الشعب غير يوما موازين القوى أو وقف سدا أمام نزيف المال العام وخراب الوطن الذي لا يزال يحتاج إلى كثير من العمل على كل الجبهات الاجتماعية والثقافية والسياسية والتنموية .
إن ممارسة هذه العملية يجب أن تكون بهدف صادق لأجل وطن يستحق على الجميع المساهمة في بناءه واختيار نخبه في كل استحقاقات انتخابية عبر مؤسسات حزبية تتنافس على تقديم الأفضل خدمة للشأن العام وهذا ما لم نره للأسف حيث رأينا غياب المعايير العلمية والثقافية في تحديد من يحق له الترشح لمناصب تحكم مستقل الشعب الموريتاني في تشريعاته وفي نموه بشكل عام كما رأينا مؤسسات حزبية لا تعدو رئيس الحزب وكاتبه العام وهي بالعشرات للإسف .
إن اشتراط شهادة عدلية ـ الحصول عليها لا يتطلب عناء بحث ـ و وثائق إدارية دون تحديد المستوى الدراسي أو الخبرة الإدارية لمن يتقدم للشأن العام أمر يطرح أكثر من إشارة استفهام على جدية العملية برمتها ؟؟؟
حيث قد يمتلأ البرلمان والمجالس القادمين من أناس يصعب عليهم النجاح في مهامهم المنوطة بهم إن سار الأمر على ما هو عليه .
مع أني أراهن على تحسن في عقلية الشارع الموريتاني بناء على معطيات فرضها الواقع وغيرت تلك المعطيات بعض البلدان بشكل إيجابي لكن ذلك لا يكفي إذا لم تكن إرادة الدولة جزء من ذلك .
وبناء على ذلك التغيير في العقليات بشكل عام أرى بأن التغيير يحتاج إلى وقت حتى يتعزز عند النخب مفهوم التبادل السلمي على السلطة وبما أن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز قال مرارا أنه سيحترم الدستور الموريتاني بعدم الترشح لمأمورية ثالثة، إلا أن بعض المنحرفين سياسيا وثقافيا يغازلون الرجل بعدم احترام دستور بلده الذي ساهم مع أغلبيته في إخراجه في حلته الجديدة .
كما أعتقد أن أي رئيس جديد بعد 2019 سيغير أشياء كثيرة في هذه العملية التي لما تأتي بجديد للشعب الموريتاني بل كانت أداة في يد أي سلطة تشرع بها لنفسها ما شاءت أن تشرع .
وإشكالية السلطة في مورتانيا سواء كانت سلطة إدارية أو مركزية لا تعبر عن الوطن والمواطن بشكل صحيح فهل يعود ذلك إلى غياب القيم الوطنية في المناهج التربوية وبالتالي يكبر الإنسان لا علاقة له إلا بعائلته النووية دون الإنتماء للوطن؟ ، أم أن المحتل الفرنسي لما يرفع يده عن تصنيعه لمسير الشأن العام الوطني من النسخة الأولى التي قد تختلف عن النسخ الأخرى في النوع والكارزما و مستوى البسترة ؟ .
حفاظا على إرهاصات نراها الآن ونتمنى من الجميع المساهمة في الاستقرار السياسي للبلد وربط السياسة بالتنمية الإقتصادية حيث بات الاقتصاد والسياسية وجهان لعملة واحدة وهما صمام أمان الشعوب وهو حق مشروع للشعب الموريتاني .
إلا أن الوصول إلى مستوى متقدم من النمو الاقتصادي يتميز بقواه الذاتية ، وبناء هذه القوى الذاتية مسؤولية الدولة الموريتانية وبتكوين النظام السياسي لتلك القوى يكون قد كون الأساس الاقتصادي الذي يمكن الجميع من المشاركة السياسية بشكل تدريجي والسماح للفئات الشبابية بلولوج إلى أماكن القرار للبلد .
وبمجرد الوصول إلى تلك المرحلة تنشأ الحاجة إلى تحقيق قدر أكبر من اللامركزية والديموقراطية لضمان استمرار عملية التنمية ، فالتنمية الاقتصادية تؤدي إلى توسيع الاقتصاد القومي وتعقيده ، فيصبح من الصعب إدارته مركزيا وهذا ما نرجو أن تعبر عنه المجالس الجهوية والإبتعاد عن تغزيم دورها وجعلها مؤسسة تمثل عبئا لا دورا اقتصاديا لا قدر الله .
وعليه أطالب الجميع بإعطاء الوطن حلمه بتقديم برامج نوعية صادقة قابلة للتنفيذي كما أطالب المنتسبين للأحزاب والمشاركين في هذه الاستحقاقات بتقوية روح الوطن ومحاسبة كل من صوتم له على برنامجه الانتخابي حتى يكون وجود الناخب رقما صعبا في العملية الانتخابية وفي تحديد مستقبل كل سياسي .
وفي الأخير أتمنىمن الجميع التسجيل على لوائح الانتخابات والمشاركة الفعالة وتحكيم الضمير لاختيار الأفضل من أجل وطن أكثر إشراقا ومستقبلا للجميع .
بقلم الأستاذ الحامد أحمدجباب
Elhamed777@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى