مقالات

الأصول التاريخية لنسب صنهاجة الحلقة الثالثة والأخيرة / الدكتور المحامى / محمد سيدى محمد المهدي

وقد جاء على لسان ابى بكر بن العربي فى كتابه ترتيب الرحلة فى الترغيب للملة فى نسب امير المؤمنين يوسف بن تاشفين مايدل على صحة ماذهبنا اليه ، حيث وصفه بأنه حميري النسب.
ويؤكد هذا النسب الحميرى ابن الرشاطى فى كتابه : ( اقتباس الانوار والتماس الازهار فى انساب الصحابة ورواة الآثار مؤكدا لماقاله ابن دحية ، حيث يقول : ( فشرف صنهاجة اصيل ، ومجدهم اثيل ، ورياستهم قديمة ، ونسبتهم الى حمير معلومة…).
وقد جاء فى ديوان ابن الزقاق فى احدى قصائده التى مدح بها امراء المرابطون اللمتونيون مايؤكد نسبهم الحميرى ، حيث يقول:
ابناء حمير ان امسى عليكم * بدرا فلأنتم حوله شهبُ.
ويؤكد صاحب الحلل الموشية عدم وجود صلة نسب بين لمتونة والبربر ، حيث يقول:( وليس بين لمتونة وبين البربر نسب الا الرحم …وإنما تبربرت السنتهم لمجاورتهم البربر وكونهم معهم ولمصاهرتهم اياهم…).
وفى الشأن ذاته يقول ابن سعيد فى كتابه الجغرافيا تحقيق اسماعيل العربي …..(ويذكرون ان اصلهم من عرب اليمن – يعنى صنهاجة – والعروبة بينهم ظاهرة…).
وإذا كان العلامة ابن خلدون قد اورد روايتى ابن الكلبى والإمام الطبرى اللتين تؤكدان حميرية صنهاجة فإن رواية الهمذانى التى تؤكد هذا النسب العربي قدنقلها كل من ابن عذارى فى البيان المغرب فى اخبار الاندلس والمغرب ….تحقيق كولان وبرو فنسال بيروت الطبعة….ج…ص…، وابن ابي زرع فى الأنيس المطرب بروض القرطاص فى اخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس ، الرباط…دار…19 ،ص…
ويؤكد النسبة ذاتها الملزوزى فى ارجوزته التى وردت فى المصدر ذاته…ص…منه.
ويؤكد كل من الكلبى والهمذانى ان صنهاج بن شمس بن وائل بن حمير ، والى هذا الرأي ذهب الطبري والبهيقي والمسعودى وابن دينار وابو الفداء وابن القاضى وابن الخطيب وابن الوردى والنويرى وابن حجر التميمى والقرمان.. .(هنا العديد من المراجع تم اغفال الإتيان به).
ويقول الحافظ ابن كثير فى كتابه البداية والنهاية عندتطرقه لنسب باديس بن منصور الصنهاجى مانصه “( باديس بن منصور الحميري ابو المعز مناذر بن باديس نائب الحاكم على افريقية وابن نائبها…).
وفى كتاب النجوم الزاهرة 🙁 المعز بن باديس بن منصور بن بلكين الحميري..).
ويقول العلامه المجدد سيدى عبدالله بن الحاج ابراهيم العلوى فى مخطوطه الروض فى انساب اهل الحوض : ( …واما غير من ينسب الى قريش والانصار فكثير من القبائل بعضه زوايا وبعضه حسان وغير ذلك ، فقد ذكر اهل الأنساب خلافا فيهم والمشهور انهم تجمعهم لمتونة …وقيل إن جميعهم ينسب لحمير الأدنى ثم لحمير الاصغر ثم للأكبر، وبعضهم كإدوعيش وتجكانت فيه ثلاثة اقوال احدها: انهم من نسل حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وانهم من نسل تبابعة التبابعة ، وهو أصح الأقوال ، والثانى انهم من قريش من بنى غالب بن فهر ، والثالث انهم شرفاء من ابناء ادريس ابن ادريس وغلب عليهم اسم لمتونة …ومعناه اللامة المتينة….).
وفى الصفحة الموالية فيقول:( …فاما لمتونة وجزولة وبنوطابخة فقد نسبهم البعض للبربر بن حام بن نوح عليه السلام …والذى عليه جمهور اهل التاريخ انهم من نسل تبع بن حمير ).
ويسترسل العلامه العلوى فى كلامه عن لمتونة حتى يقول 🙁 وسار الامير ابوبكر بالجيش…ومعه كثير من ملوك لمتونه الذين قال فيهم ابن الخطيب:
قدطلعت بمغرب لمتونه * فى دولة عزيزة ميمونه.
تجمع دينا وعفافا وكرم * لم يدر قدر فضلها حتى انصرم.
قد اذعنت لحربهم طوائف * وخلفت من بعدهم خلائف.
منهم ابوبكر حليف الدين * ويوسف هو ابن تاشفين.
وفى الصفحة الأولى من نفس المخطوط يقول ” ( أما بعد فقد صح لدينا وثبت من كتب اهل التاريخ ان انساب اهل الحوض كلهم مابين شريف ادريسى وحسانى هاشمي وقرشي وانصارى وامتونى حميرى…).
ويقول الكاتب والباحث والمؤرخ اللبنانى محمد يوسف مقلد فى كتابه شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون 🙁 …وقال الكلبي : إن كتامة وصنهاجة ليستا من قبائل البربر ، وإنما هما من شعوب اليمانية تركهما افريقش بن صيفي بإفريقيا مع من نزل بها من الحامية ).
وهناك ملاحظات جديرة بالتوقف والتأمل والملاحظة والإهتمام .
الملاحظة الأولى :
هى ان هذا العد من المؤرخين هم اساسا من اجلة علماء العرب المسلمين المرجوع اليهم فى كل كبيرة وصغيرة ولا يمكنهم التواطؤ على الكذب بما لا يعود عليهم بفائدة.
الملاحظة الثانية :
هى انهم لاينتمون الى جيل واحد ولا لقرن واحد بل إنهم ينتمون لأجيال وقرون متباعدة بدءا من القرن الثانى الى القرن الثالث عشر الهجريين ، وهو ما يستحيل معه اتفاقهم على الكذب والتزوير وتزييف الحقايق التاريخية .
الملاحظة الثالثة :
هي انهم لم يخدموا فى البلاط المرابطى ولم يعاصر اكثرهم الدولة المرابطية ، فمنهم من سبقها بقرون كماهو حال الكلبى والطبرى وغيرهما ومنهم من ولد بعد نهايتها بقرون ثم انى لم اجد قرابة اكيدة بين هؤلاء وصنهاجة تجعلهم يميلون الى تزوير تاريخها.
الملاحظة الرابعة :
هى ان هؤلاء العلماء فيهم مالكيون وشافعيون وحنابلة ولم يقتصروا على المذهب المالكى الذى يعتنقه الصنهاجيون…كما انهم بالإضافة الى ذلك موزعون على قبائل العرب الا صنهاجة وإن وجد من بينهم صنهاجى فهو استثناء ومن غير مشاهيرهم المرجوع اليهم فى علم الأنساب كما هو حال الإمام الطبري والكلبي والحافظ ابن كثير والحافظ جلال الدين السيوطى ومن هم على شاكلتهم .
الملاحظة الخامسة :
هي ان المرابطين الصنهاجيين لوكانوا يريدون انتحال نسب غير نسبهم الحميرى لانتحلوا النسب الهاشمى ، فهم بالتأكيد كانوا يدركون قيمة الانتساب الى بنى هاشم او الى احد بطون قريش الأخرى ولم يمنعهم من ذلك كما اسلفنا الاتمسكهم بأصلهم وعدم التفريط فيه من جهة وورعهم من جهة اخرى.
وعليه فإن اتفاق هذا العدد الهائل من العلماء الأجلاء المبرزين على حميرية صنهاجة يرد استنتاج ابن خلدون وطعنه فى عروبتهم وانحيازه لقول شاذ قال به سابط المطماطى البربرى الذى قال ببربريتهم اعتمادا على اللغة والعادات والتقاليد التى اكتسبوها من اخوالهم الزناتيين كما بينا آنفا الإكراهات التى كانت تقف وراء ذلك.
والحق كل الحق الذى شهد به العلماء والمؤرخون والكتاب والمثقفون هو خروج الصنهاجيين من المشكاة التى خرج منها الحميريين السبئيين كما خرج اللبن من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.
ومع ان هذه هى قناعتنا التى اوصلنا اليها البحث والتدقيق إلا أنه للأمانة لا يزال من بين الموريتانيين من يشكك فى عروبة صنهاجة بل ويجزم ببربريتها دون ان يقدم ما يدعم وجهة نظره وإن حاصرته قال لك هذا ماصرح به ابن خلدون وكأن قول ابن خلدون الذى لم يقدم مايثبته وحي منزل من السماء واقوال العلماء الآخرين هى اقوال مسيلمة اوسجاح اوطليحة او الأسود العنسي.
الدكتور المحامى / محمد سيدى محمد المهدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى