أعلن رئيس الجمهورية في خطاب ألقاه اليوم في اجتماع القمة العربية المنعقد في الكويت عن استعداد بلادنا لاستضافة منتدى استثماري عربي-إفريقي يكون مناسبة لعقد شراكات إستراتيجية في مجالات حيوية للطرفين.
نص خطاب رئيس الجمهورية:
وفيما يلي نص الخطاب:
” بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين
صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، رئيس القمة العربية العادية الخامسة والعشرين
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني بداية أن أتوجه بالشكر الجزيل وخالص التقدير إلى أخي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وإلى دولة الكويت الشقيقة شعبا و حكومة على الكرم العربي الأصيل الذي عودونا عليه في كل مرة نحل فيها بهذه الأرض الطيبة.
كما أتقدم بالشكر العميق لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة أل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة والى شعب وحكومة دولة قطر الشقيقة على ما أنجزته خلال رئاستها للدورة السابقة.
كما أتوجه بالشكر العميق لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ومساعديه على ما بذلوه من جهود سهلت عملنا.
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
تنعقد قمتنا العربية العادية الخامسة والعشرون في ظرف دولي وإقليمي دقيق؛ فعلى المستوى الدولي هناك تداعيات الأزمة الاقتصادية، وبوادر توتر في مناطق كثيرة من العالم، وتجاذب بين أطراف من المجموعة الدولية.
أما على المستوى الإقليمي فما زال الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياسة الاستيطان و الحصار و إرهاب الدولة؛ مما جعل كل قرارات المجتمع الدولي ذات الصلة وجهود وسطاء السلام تذهب سدى، وزاد من معاناة الشعوب العربية الواقعة تحت الاحتلال، فضلا عن إسهامه في نشوء ظواهر التطرف والغلو في المنطقة و عبر العالم.
لقد ظلت عملية السلام في الشرق الأوسط تراوح مكانها بالرغم من خيار العرب الاستراتيجي للسلام. وفي هذا الإطار لا بد للمجموعة العربية أن تبحث عن أنجع السبل لتخفيف معاناة شعوبنا في فلسطين والجولان و باقي الأراضي العربية المحتلة، و لا بد لها على وجه الخصوص من مضاعفة الجهود من أجل إيجاد حل دائم وعادل يحقق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
إن ما تشهده مناطق من الوطن العربي من صراعات دامية وتوترات أمنية يحتم علينا البحث عن كل السبل السلمية الكفيلة بإعادة الأمن و الاستقرار لهذه المناطق و إحلال التفاهم و التعاون بدل الصراعات و النزاعات المسلحة.
وفي هذا السياق نثمن جهود المجتمع الدولي التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة و الجامعة العربية السيد الأخضر الإبراهيمي لإيجاد حل سلمي للصراع الذي تشهده سوريا منذ ثلاث سنوات؛ بما يضمن استقرار هذا البلد العربي الشقيق و وحدة أراضيه، وتخفيف معاناة شعبه.كما ندعو إلى تعاون عربي أكثر فاعلية من أجل القضاء على الجرائم الإرهابية الشنيعة التي يتعرض لها أشقاؤنا في العراق و لبنان.
إن ما تشهده جمهورية جنوب السودان من تنامي بوادر الصراع والحرب يهدد استقرار هذا البلد والبلدان المجاورة له. وإذا أضيف إلى ذلك ما تعيشه منطقة الساحل من تحديات أمنية تتمثل في استفحال ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، يتبين حجم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا.
و في ظل هذه الأوضاع لا بد من اعتماد سياسة تقوم على التنسيق والتعاون، من أجل الوقوف في وجه الجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ خاصة تلك التي تحاول تبرير أفعالها الشنيعة عن طريق التأويل الفاسد لشريعتنا الإسلامية السمحاء، واستغلال الدين لقتل الأبرياء، و نشر الغلو والتطرف
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
لقد اعتمدت موريتانيا منذ السنوات الخمس الأخيرة إستراتيجية وطنية لمحاربة الإرهاب تقوم على مكافحة الفقر والانفتاح على الشباب، وتعزيز الحريات الفردية والجماعية؛ و الحوار مع المتشددين، والتصدي بقوة للمجموعات المسلحة، وبذلك استطعنا تحقيق مكاسب مكنت من توفير الأمن على عموم التراب الوطني. كما نبهنا جيراننا على خطر التساهل مع الجماعات المتطرفة حتى لا تستفحل الظاهرة بالصورة التي نشاهدها اليوم في منطقة الساحل التي تعرف منذ ما يربو على عقد من الزمن أزمات متكررة و متنوعة و تواجه تحديات أمنية و مناخية و اقتصادية حادة تنعكس تداعياتها على جوارها.
لقد ساهمت الأزمة التي شهدتها جمهورية مالي في تحسيس الرأي العام الدولي حول المخاطر المرتبطة بالوضع في الساحل و هو ما ترجمته زيارة الأمين العام للأمم المتحدة للمنطقة على رأس وفد ضم ممثلين عن العديد من المؤسسات المالية الدولية و الشركاء في التنمية حيث تم الإعلان عن حُزَم معتبرة من المساعدات التنموية و الإنسانية للدول الخمس الأكثر تعرضا للمخاطر في المنطقة و هي بوركينا فاسو و مالي و موريتانيا و النيجر و اتشاد. وقد انتظمت هذه الدول مؤخرا في إطار ما بات يعرف بمجموعة الخمس.وإن موريتانيا، التي اختيرت لاحتضان مقر المنظمة الناشئة و تولي رئاستها الدورية، تغتنم فرصة قمتنا هذه لدعوة الدول العربية إلى إطلاق مبادرة عربية لدعم جهود التنمية في هذه الدول.
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
تنعقد قمتنا هذه بعد أربعة أشهر و نيف من انعقاد القمة العربية-الإفريقية الثالثة التي التأمت هنا في الكويت تحت شعار “شركاء في التنمية و الاستثمار” و التي كانت تجديدا للعهد بين العالمين العربي و الإفريقي و مكنت من وضع الأسس الكفيلة بإرساء شراكة اقتصادية بين مجموعتين تمتلكان موارد طبيعية و بشرية هائلة وتشهدان نموا اقتصاديا كبيرا يغري بالاستغلال الأمثل لمقدراتهما الكامنة و اقتناص الفرص الواعدة التي يتيحها لهما اليوم الاقتصاد العالمي و يفرض على الدول العربية و الإفريقية تجسيد شراكة حقيقية من خلال مشاريع وبرامج محددة تكرس الاندماج و تعود بالنفع العميم على الشعوب.
إن التداخل الكبير بين إفريقيا و العالم العربي، يعطي بعدا استراتيجيا لعلاقاتهما. وتحرص الجمهورية الإسلامية الموريتانية – التي استلمت رئاسة الاتحاد الإفريقي نهاية شهر يناير المنصرم- كل الحرص على أن تسهم بشكل فعال في تعزيز الشراكة العربية الإفريقية في شتى الميادين. وفي هذا الإطار يسرني أن أعلن لكم عن استعداد بلادي لاستضافة منتدى استثماري عربي-إفريقي يكون مناسبة لعقد شراكات إستراتيجية في مجالات حيوية للطرفين.
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
لقد شكلت أهداف الألفية للتنمية التزاما دوليا بتحقيق خطوات محددة في سبيل مكافحة الفقر و تحسين الظروف المعيشية للسكان تعليما و صحة و بيئة و خدمات علاوة على إرساء شراكة تنموية فاعلة بين الأمم. و اليوم، إذ لم تعد تفصلنا عن نهاية سنة 2015 سوى 21 شهرا، فإنه حري بالدول العربية أن تقف وقفة تأمل للتعرف على النجاحات و تحديد الإخفاقات و بلورة رؤية موحدة للعالم الذي نريده لفترة ما بعد 2015.
و إذا كانت دولنا قد انخرطت في المسارات القارية (الإفريقية و الآسيوية) المحضرة للمشاورات الدولية المقرر تنظيمها بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر القادم، فإنه من الضروري أن تكون للدول العربية مساهمتها الخاصة بالنظر للخصوصيات الثقافية و التنموية للعالم العربي.
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو
أصحاب المعالي و السعادة
أيها السادة والسيدات؛
اسمحوا لي، في الختام، أن أجدد الشكر لأخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ولدولة الكويت شعبا وحكومة على ما أحطنا به من عناية. وإني لعلى يقين من أن رئاسة دولة الكويت الشقيقة لدورتنا هذه، بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح و ما يتمتع به سموه من تجربة ثرية، وحرص صادق على تطوير العمل العربي المشترك، سيكون لها الأثر الإيجابي البالغ على تنفيذ القرارات، ومتابعة التوصيات، واستكشاف آفاق أرحب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.