يعاني المشهد السياسي الوطني من التضخم العددي للأحزاب السياسية التي ناف عددها علي المائة لا تكاد تجد فيها فيها عشر رَوَاحِلٍ!! في حين لا يتجاوز عدد الأحزاب السياسية بالولايات المتحدة الأمريكية25 حزبا و فرنسا 54حزبا و بريطانيا 17 حزبا و النيجر 31 حزبا و المغرب 32 حزبا و الجزائر 62 حزبا.!!
و إذا ما قورن عدد الأحزاب السياسية ببلادنا(مائة حزب) مع عدد السكان (قرابة 3.7 مليون نسمة) أو مع عدد المسجلين علي اللوائح الانتخابية(ما يزيد عي مليون ناخب) فإن بلادنا ستحوز بدون منازع لقب البلد الأكثر تشرذما سياسيا و “تحزبا عشوائيا”( قياسا علي التقري العشوائي) في العالم الإفريقي و العربي بل و في العالم أجمع.!!
و يجزم بعض العارفين بالشأن الحزبي ببلادنا أن نسبة كبيرة من الأحزاب السياسية تقع تحت خط الخمسمائة(500) منتسب!! و أنها مجرد تراخيص في جيوب وكيلها الأول يَتَرَبًصُ بها مواسم الانتخاب كي يصطاد أحد “الحِيتَانِ الكَبِيرَةِ” الغاضبة من ترشيحات أحزابها الأصلية أو الساعية إلي “التًبْيِيضِ السياسي”و “التًحَصُنِ القَانُونِيِ” عبر السعي إلي الفوز “بِلَقَبٍ انتخابي” برلماني أو جهوي أو بلدي.
و قد انتعش هذا النوع من الأحزاب الذي يحسن أن يطلق عليه “أحزاب الإيجار الانتخابي”(Leasing électoral/electoral leasing Les partis du) بعد التعديلات الماضية علي النظام الانتخابي و التي عززت مكانة الاقتراع النسبي الذي من المعروف أنه نوع من الاقتراع يشجع الأحزاب الصغيرة و يسعي إلي توسيع قاعدة المشاركة السياسية و محاربة حصر التمثيل الانتخابي في أحزاب كبيرة تقليدية تقل عددا عن أصابع اليد الواحدة.!! “.
و الأمل معقود علي الحوار السياسي الذي تجري الاستعدادات تِبَاعَا سِرَاعًا لانطلاقه في أن يُخصص إحدي ورشاته لتنقيح و تصحيح القانون المنظم للأحزاب السياسية بحيث يتم إدخال تعديلات تحارب “التحزب العشوائي” و “ابتذال الممارسة الحزبية”و تسعي إلي تشجيع “التجميع و الاندماج الحزبي” بما يعيد للأحزاب السياسية هيبتها و وقارها باعتبارها الطريق الشرعي و الوحيد للممارسة السياسية و تكوين السياسيين الذين هم “الموقعون عن العالمين” تماما كما أن العلماء هم”الموقعون عن رب العالمين.”!!
و في اعتقادي أن حزمة من الإجراءات قد تكون كفيلة بتطهير المشهد الحزبي الوطني من ظاهرة ” الإيجار الانتخابي” التي أضرت كثيرا بهيبة و “أناقة” الممارسة السياسية أولها الصرامة في تعليق الأحزاب التي لا تتوفر في الحد الأدني علي مقر مركزي دائم بمواصفات محترمة و ما لا يقل عن ثلاث مقرات دائمة في بعض العواصم الجهوية و خمس مقرات نشطة في العواصم المقاطعية.
وثانيها إلزامية حل و تصفية الأحزاب التي قد تعجز عن تجاوز عتبة 3% من مجموع المصوتين في الشوط الأول من آخر انتخابات بلدية و كذا حرمان الأحزاب التي لا تحصل علي نسبة 5% من المصوتين في الشوط الأول لآخر اقتراع بلدي من الاستفادة من الدعم المالي العمومي المخصص للأحزاب السياسية.
المختار ولد داهي ، سفير سابق