Uncategorizedافتتاحيةالأخبارمقالات

حول تقرير محكمة الحسابات و مؤتمرها الصحفي ريادة الدهماء و انهزام النخب 

الحقيقة الحمراء أننا شعب تحت رحمة الدهماء ، فهي التي تبادر بطرح القضايا للرأي العام و بإصدار الأحكام التي لا معقب لها ، ففي وقت تحتاج فيه أمراض مجتمعنا الجمة بما فيها ” معضل الفساد ” إلى نخب واعية و مؤهلة تستخدم نضجها و كفاءتها في تشخيص الوقائع بموضوعية و شجاعة و وصف الترياق المناسب لكل حالة ، نسقط كل مرة في فخاخ الشعبوية التي لا تملك رؤية و لا تتقيد بمنطق ،

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

و لا سراة اذا جهالهم سادوا

نتخبط اليوم في واقع أسود ، و يسير بنا القطيع في طريق مسدود ، نخبنا بين متلون و جبان منهزم أمام صرخات الغوغاء و طالب شهرة فيها لاهث خلف ” لايك” بأي موقف ، و الدهماء تختطف المقود و تدفع العربة بنا في وهاد و أودية و تلال لا تعرف خرائطها .

نجحت الثورات الأوروبية لأن الخطام كان في أيدي الفلاسفة و المفكرين ، و لم يجبنوا عن مواجهة هدير الجماهير حين ينحرف عن مسلك الصواب ، و لم يعرضوا القضية في مزادات السياسة و أسواق المواقف ، و في ساحات أخرى اندحرت الثورات و جلبت لدولها و شعوبها خيبات و ارتكاسات باتت تهدد وجودها و كياناتها و السبب هو ريادة الدهماء و خيانات النخب او استقالتها من مهام التوجيه .

قبعتي لرئيس محكمة الحسابات الدكتور حميده احمد طالب حين تجمل بشجاعة المثقف و عبر بمنطق المستنير شارحا دور المحكمة حيال كل من :

– الاختلاس و لا سلطان للمحكمة على أكثر من رصده و ملاحظته لتحيل وقائع الاشتباه فيه ان وجدت إلى وزارة العدل المختصة في تحريك المتابعة الجزائية .

– أخطاء التسيير و هي مختلفة عن الاختلاس و لا تعني أكثر من صرف النفقات بطرق مخالفة للنظم و القوانين ، متعهدا بأن المحكمة ستقوم قريبا و لأول مرة باللازم حيالها .

– اخطاء التأديب و هي في عهدة الحكومة لترتيب الجزاءات المناسبة على مرتكبيها .

لم يقتنع رئيس المحكمة بضرورة التماهي مع أصوات الغوغاء التي لا تميز بين حالة و أخرى معتبرة أن جميعها في سلة واحدة ، خلافا لغيره من أنصار مذهب ” التقية” ، و آثر في مؤتمره الانحياز للصواب و التحلي بالمهنية ، و طبيعي أن يدفع الرجل من عرضه ثمن هذا التميز كما دفعه سابقا ، و رغم وجاهة دفاعه و تحديه الشجاع لمن أراد احراجه بتدقيق سابق في سفارتنا بدولة الإمارات فإن البعض لا يزال يشكك في اقواله طارحا سؤاليه

لماذا اقيل اذا من السفارة ؟

و لماذا يستقر في المغرب الى حين نجاح النظام الجديد ؟

فبخصوص السؤال الاول فإنه ينبغي توجيهه لمن أقاله ، فإذا كان في نظركم مقالا بسبب الفساد فلماذا لم يتابعه من أقاله ؟

اما إقامته في المغرب فهي بهيتة و اختلاق كاذب ، فمن اول يوم وصل إلى نواكشوط و استقر بها و ظل يزاول مهامه مدرسا في جامعة انواكشوط و لم يغادر موريتانيا و لم يدخل المغرب نهائيا ، لكن الأفاكون يصنعون افكهم و يتبناه الخصوم و الحساد و يردده البعض بحسن نية دون أن يكلف نفسه عناء الثبت .

فالناس قد تواضعوا من قديم الزمان على أنه :

لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى

حتى يراق على جوانبه الدم

 

الشيخ التيجاني عبود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى