يستدعي النقاش المثار حول قانون حماية “الرموز الوطنية” المشاركة بآراء وملاحظات تساهم في الإجابة على الأسئلة الجادة التي تطرحها بعض أطراف النقاش، وتكشف عن المقاصد الرئيسية لهذا القانون…
يهدف مشروع القانون حسب المادة الأولى إلى تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعى، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة، ورموزها وبالأمن الوطنى والسلم الأهلي واللحمة الاجتماعية والحياة الشخصية وشرف المواطن؛ ويظهر النص إرادة المشرّع لمواجهة تدفق “الصناعات الإعلامية” الهادفة إلى المساس بالأمن العام، وزعزعة الوحدة الوطنية، وتلك المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد والعائلات…
إن استفحال الوقائع التي يحاول “أبطالها” -الذين لا تؤمن بوائقهم- من خلال منصات التواصل الاجتماعي جرَّ البلد إلى فوضى عارمة لا تبقي ولا تذر، مستغلين خصوصية مجتمع تُشكّل الشائعة أهم مصادره الإعلامية، يجعل تنظيم الحريات المتعلقة بأمنه أولى من إطلاق الحريات لمجموعات تنشط بدافع أهوائها، وإن حجم الأضرار المتعلقة بهذه الصناعات الإعلامية لا يمكن اعتباره موجها إلى جهة دون أخرى؛ فرغم أن أكبر متضرر هو الوطن الذي نأوي إليه جميعا، فقد أضرت هذه “الصناعات الإعلامية” على وجه الخصوص بقيادات وزعامات تنتمي لتشكيلات وأطياف مختلفة، وكادت تلك الصناعات أن تثير جدلا واسعا لولا تقدير الجهات التنفيذية لطبيعة السيل التواصلي والروافد المؤدية إليه.
إن اللغط الحاصل حول تجريم ومعاقبة كل من يهين شخص رئيس الجمهورية أو العلم والنشيد الوطنيين، بمحاولة عزل رئيس الجمهورية عن هاذين الرمزين، يستدعي التذكير بأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو الذي أقسم على المحافظة على سيادة البلد، وعلى السعي إلى مصلحة الشعب وحماية الحوزة الترابية، وأن إهانة صاحب هذه الصلاحيات إهانة للأمة ورموزها، ولعب بإرادة شعب اختاره للاضطلاع بهده المهام.
لا أحد اليوم بمنأى عن الصناعات الإعلامية ومخرجات أصحاب البوائق واللاعبين بالحياة الخاصة للأفراد، ويكاد الموريتانيون يجمعون على أن سوء استخدام هذه الوسائل يعد خطرا يهدد أمن الوطن وأهله، وتعد مصادقة الحكومة على مشروع قانون يعاقب المنخرطين في تأجيج الشارع، وزرع النعرات وبث الأكاذيب، تعاطيا طبيعيا مع هذه الممارسات التي تجرمها القوانين في كل البلدان التي تحترم قيَّمها وشرف مواطنيها.