يستدعى الحديث عن منطقتنا الحرة ، مهادا نظريا سريعا لجلاء ماهية المناطق الحرة ، ورفع اللبس الحاصل لدى البعض حول حقيقة هذه الكيانات الاقتصادية الحيوية وجدوائيتها التنموية فى عصرنا الراهن .
تعد المناطق الحرة نمطا استثماريا متميزا ، و آلية فعالة لخلق بيئة قادرة على استقطاب الفاعلين الاقتصاديين المحليين والمستثمرين الدوليين ، من خلال جملة من الحوافز والتسهيلات الهامة .
ويجمع الخبراء على أن المناطق الحرة تنهض بدور محوري فى خدمة وتنمية الاقتصاديات المعاصرة ، وتعزيز دور بلدانها وحضورها العالمي كمراكز إقليمية ودولية للتجارة والخدمات والاستثمارات ، لتصبح حاضنات ازدهار للشركات من مختلف مناطق العالم.
ولعل من أهم مفاهيم “المنطقة الحرة” هو أنها : ” فضاء أو مساحة محددة بدقة من أرض الدولة ، تقع غالبا عند أحد المنافذ البحرية أوالبرية أوالجوية أو بالقرب منها”..وتمثل المنطقة الحرة : “كيانا قانونيا قائما بذاته ، محدد المساحة والإدارة والأهداف ، يعتبر خارج النطاق الجمركي للدولة ، ويعطى المشاريع القائمة ضمنه حوافز جمركية وضريبية ، ويمنحها مزايا اقتصادية وتسهيلات إجرائية وخدمية”
انطلاقا من هذا المهاد النظري السريع ، تنجلى الجدوائية الاقتصادية والأهمية الإستراتيجية لمنطقة نواذيبو الحرة ، لما حباها الله به من موقع جيو- ستراتيجي متميز ، ومقدرات طبيعية وسياحية وثروة بحرية هائلة ؛ تشكل مرتكزا أساسيا لتنمية المدينة ، وخلق نهضة اقتصادية شاملة ؛ تؤسس لتحول جذري يجعل من منطقة نواذيبو قطبا تنمويا فاعلا ؛ على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
ولا ينكر إلا مكابر أو متحامل أوجاحد المكاسب المتحققة ، والحصيلة الكبيرة لسلطة المنطقة فى جهود التنمية المحلية والوطنية.
وعلى الرغم من كونها مشروعا تنمويا عميقا ؛ يشتغل وفق مقاربات بعيدة المدى ، لاتجنى فوائدها أوتقطف ثمارها بين عشية وضحاها ، فقد استطاعت المنطقة الحرة أن تغير واجهة المدينة فى ظرف وجيز ؛ مساهمة فى النهوض بها ، عن طريق خلق ديناميكية اقتصادية ، ونهضة عمرانية وطفرة سياحية لا يستهان بها.
ويأتى فى مقدمة منجزات المنطقة الحرة ما حققته على صعيد تعزيز الإطار التشريعي والمؤسسي الناظم لعملها ؛ وهو فى صميم أولوياتها الهادفة إلى توفير الظروف الملائمة لخلق منطقة مستقطبة للاستثمارات المحلية والخارجية ، موازاة مع السعي الحثيث والعمل الدؤوب على تطوير البنى التحتية والمنشآت الخدمية الضرورية.
وتم فى هذا السياق تقسيم المدينة إلى أقطاب متخصصة ؛ سياحية وصناعية وفق هيكلة جديدة مكنت من تطبيق المخطط المعتمد ؛ من طرف المجلس الأعلى للتوجيه الإستراتيجي للمنطقة الحرة.
وفى ضوء ذلك تم توسيع الشبكة الطرقية للمدينة وعصرنتها ؛ فضلا عن تعزيز خدمات الماء والكهرباء والإنارة والنظافة لإعطاء المدينة واجهة حضرية عصرية ، إضافة إلى الاستصلاح الهام لمنطقة “كبانو” لاستثمار بعدها السياحي فى تنمية المدينة.
والأهم من كل ذلك الشروع فى تنفيذ حزمة مشاريع هيكلية ذات بعد استراتيجي لا تخطؤه العين ؛ من بينها ميناء مياه الأعماق ومطار نواذيبو الجديد والقطب التنافسي للصيد .
وقد ساهم ذلك فى جلب استثمارات هائلة ، وإقامة مشاريع عملاقة وخلق فرص تشغيل مباشرة ؛ مرتبطة بمجالات استثمارية مختلفة وقطاعات تنموية متعددة وآفاق اقتصادية واعدة.
واليوم تتواصل المسيرة ..وتسير منطقة نواذيبو الحرة بخطى واثقة ومتدرجة ورصينة على درب التنمية والازدهار والإنجاز ، وفق نظرة استراتيجية عميقة وخطة تنموية محكمة تنتهجها سلطتها الحالية، متسلحة بالخبرة والكفاءة والمهنية ، ومستعينة بالله العلي القدير ؛ فى سبيل جعل هذه المنطقة فضاء للإنجاز وحاضنة للتنمية.