كُشف عن أنظمة مظلمة تشبه العنكبوت، يطلق عليها اسم araneiforms، من أحواض توجد فقط في المناطق القطبية الجنوبية من الكوكب الأحمر، لا يوجد مثلها على الأرض.
وهذا يجعل من الصعب فهم ما الذي يخلقها، لكن العلماء حصلوا على أول دليل مادي يدعم النموذج الأكثر شيوعا، والمعروف باسم فرضية Kieffer. ووفقا لهذه الفكرة، تتكون الأشكال الشبيهة بالعنكبوت من خلال التسامي المباشر لثاني أكسيد الكربون المجمد (CO2).
وبحسب موقع «RT» قالت عالمة الكواكب لورين ماكيون، التي كانت تعمل سابقا في كلية ترينيتي في دبلن في إيرلندا، والآن في الجامعة المفتوحة: “يقدم هذا البحث المجموعة الأولى من الأدلة التجريبية لعملية سطحية يُعتقد أنها تعدل المشهد القطبي على المريخ. وتم قبول فرضية Kieffer جيدا لأكثر من عقد من الزمان، ولكن حتى الآن، وُضعت في إطار نظري بحت. وتُظهر التجارب بشكل مباشر أن أنماط العنكبوت التي نلاحظها على المريخ من المدار يمكن نحتها من خلال التحويل المباشر للجليد الجاف من صلب إلى غاز”.
ويعد ميل المريخ المحوري قريبا جدا من الأرض، ما يعني أن التغيرات الموسمية في درجات الحرارة تشبه إلى حد كبير تغيرات الأرض أيضا (على الرغم من أن السنة، وبالتالي الفصول، أطول مرتين على سطح المريخ). وهذا يعني حدوث انخفاض كبير في درجات الحرارة في فصلي الخريف والشتاء، وارتفاعا مرة أخرى في فصلي الربيع والصيف.
ومن ناحية أخرى، يختلف الغلاف الجوي للمريخ اختلافا كبيرا عن الغلاف الجوي للأرض. إنه أرق بكثير، ويتكون في الغالب (زهاء 95%) من ثاني أكسيد الكربون. كما أن الكوكب أبعد بكثير من الأرض عن الشمس، لذا فهو أكثر برودة هناك. وعندما يحل الشتاء، يتجمد ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي على الأرض، خاصة عند خطوط العرض العليا.
وفي عامي 2006 و2007، اقترح العالم الجيوفيزيائي هيو كيفر، وزملاؤه أنه في الربيع، يتسامى ثاني أكسيد الكربون المجمد – أي أنه ينتقل من الجليد إلى الغاز، دون خطوة الانصهار إلى السائل بينهما – محاصرا تحت ألواح نصف شفافة من الجليد السطحي.
وعندما يسخن الغاز ويتمدد، يتراكم الضغط حتى تشقق اللوح، ما يخلق فتحة تهوية للغاز للهروب. وأثناء التدفق نحو الفتحة، يقوم الغاز بتشكيل نظام من القنوات يشبه العنكبوت في سطح المريخ، ويحمل معه المواد المحفورة.
ويتم إخراج الغاز والمواد معا على شكل موجة عالية السرعة. وعندما تذوب قطعة الجليد الموجودة في الأعلى أخيرا، ما يتبقى هو شكل araneiform.
ولاحظ كيفر أن هذه العملية الافتراضية لا تشبه أي شيء لوحظ على الأرض. كما أنه لم يتم ملاحظته مطلقا على المريخ – رأينا فقط الأشكال الشاذة في صور الأقمار الصناعية – لذا صممت ماكيون وفريقها تجربة لمحاكاة العملية في بيئة معملية.
واستفادوا من ظاهرة يمكنك ملاحظتها في مطبخك، تسمى تأثير لايدنفروست: إذا تم وضع قطرة ماء على سطح أكثر سخونة من نقطة تبخر الماء، فإن القطرة سترتفع (ولهذا السبب الماء في مقلاة شديدة السخونة سيرقص مثل الزئبق).
وفي غرفة خاصة ذات ضغط منخفض إلى الغلاف الجوي للمريخ، وضع الفريق لوحا من جليد ثاني أكسيد الكربون مع ثقب واحد حُفر من خلاله على سطح مغطى بحبيبات صغيرة من الزجاج تحاكي الأوساخ أو الثرى.
وعندما لامس الجليد السطح، بدأ في التسامي، حيث شوهد على شكل غاز يهرب من الحفرة. وبمجرد أن رفع الفريق الجليد، وجدوا نظاما يشبه العنكبوت محفورا في الرمل الزجاجي حيث تدفق الغاز عبره للهروب من الحفرة.
وفي الواقع، كانت العملية قوية للغاية، حيث تم إلقاء المواد في جميع أنحاء الغرفة، ما يشير إلى أن معدلات التسامي على المريخ يمكن أن تكون أعلى من تلك الموجودة على الأرض.
وكرر الفريق التجربة مع حبيبات مختلفة الأحجام لملاحظة كيف يؤثر قوام الثرى المختلفة على النتيجة. ووجدوا أنه كلما كان حجم الحبيبات أدق، زاد تشعب النمط.
وعلى الرغم من أن التجربة هي المرة الأولى التي يثبت فيها العلماء بالفعل أن عملية Kieffer المفترضة يمكن أن تحدث بالفعل – ولها وزن كبير لصالحها فيما يتعلق بالأشكال على المريخ.
وتشير النتائج إلى أن العمليات الجيومورفولوجية على المريخ لا تزال تحمل بعض الأسرار، وأيضا أن تسامي ثاني أكسيد الكربون قد يكون تفسيرا لسمات سطح غريبة أخرى على سطح المريخ.
ويأمل الفريق أن تساعد دراسة الأشكال المائية على مدار سنوات عديدة على كوكب المريخ في إلقاء المزيد من الضوء على العمليات الموسمية الرائعة للكوكب.
المصدر: الاتحاد – أبوظبي