منذ اسابيع خلت ووسائل التواصل الاجتماعى تخرج علينا بمقالات ورسائل صوتية متبادلة تطعن فى نسب هذه القبيلة اوتلك وبأسلوب تنقصه الحكمة والدقة والكياسة واللباقة ويفتقراحيانا للرصانة والمهنية والأمانة العلمية لم يترك اصحابه الاًّ ولاذمة لخصومهم الطاعنين فى نسبهم ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأخلاق الفاضلة الموروثة عن ألآباء والأجداد وليتهم توقفوا عند حدود الطعن المتبادل فى الأنساب ، لكنهم تجاوزوا ذلك كثيرا وبأساليب منحطة ومبتذلة متبادلة كذلك ، الأمر الذى أوقعهم فى اعراض شخصيات لها وزنها الإجتماعى والثقافى تاريخها ناصع وأياديها بيضاء مبسوطة للناظرين المحتاجين يعود لها الفضل فى تأسيس نواة أول حضارة عربية اسلامية خالصة فى ربوع هذه البلاد التى عمها اشعاعها الثقافى والفكرى الذى اقتبس الجميع من نوره وفيضه المتدفق الذى اشعَّ الأرض وأضاء السماء.
إن الطعن فى الانساب ظاهرة بغيضة قديمة قدم الإنسان وقد تحدث عنها صلى الله عليه وسلم قائلا:( اثنتان فى الناس هما بهم كفر الطعن فى الانساب والنياحة على الميت ) رواه مسلم.
وطعن الموريتانيون فى انساب بعضهم البعض ليس بالأمر الجديد الا أنه كان حبيس الأدراج وحديث المجالس الخاصة حتى ان بعض الذين يشملهم ذاك الطعن ممن لايحملون فى انفسهم عقدا نفسية يتجاذبون اطراف الحديث به مع اصدقائهم المقربين منهم ويتندرون به، لذاكان سلاحا رادعا للجميع يحرصون على عدم تشهيره فى وجه الآخرين الا عند الضرورة.
لكن الجديد فى الأمر والخطيرجدا على وحدة هذا المجتمع ولحمته الوطنية التى يجب مراعاتها والحرص عليها عند كل حديث سياسي اواجتماعى ، هو تناول تلك الظاهرة المشينة بأساليب مقززة وهابطة واستفزازية احيانا يسعى المروجون لها عن وعي اوبدونه الى تفكيك نسيج هذا المجتمع الذى ظل لقرون خلت يحافظ على وحدته ويبتعد العقلاء من ابنائه عن كل حديث يعرضها للتفكك والزوال.
وانطلاقا من خطورة احتمال كهذا ولوا بنسبة واحد فى المائة علينا جميعا ان نتنبه جيدا للدوافع التى تدفع المروجون لهذه الثقافة الجديدة الدخيلة علينا التى تؤكد جميع المعطيات المستوحاة من تلك المساجلات الهابطة أن ضررها على وحدة المجتمع ونسيجه الإجتماعى اكثر من الفائدة التى تعود عليه من بربرية هذه القبيلة اوقرشية تلك الأخرى.
لاشك ان الطعن فى الأنساب الثابتة لأهلها منذ مائات السنين عملية استفزازية لاداعي للقيام بها …وقد تتطلب احيانا الرد على اصحابها ، لكن ذلك الرد ينبغى ان لايكون رداسوقيا ، بل يجب ان يكون موزونا وبأساليب حضارية ناقدة وبأدلة ثابتة نافية لمايروج له الطاعنون لا بأساليب مماثلة لما انتقدناه على الطاعنين.
ومع ان الأولى ترك الطعن بجميع انواعه وتجنبه للسلامة من الوقوع فى اعراض المسلمين وهو ماحصل عكسه تماما، الا ان الامر المؤكد منه هو ان اصل القبائل الموريتانية سيظل كما كان ، الشريف شريفا والزاوى زاويا والعربي عربيا والزنجى زنجيا
والمعيار الحقيقى لقياس اصل هذه القبيلة اوتلك هو مكانتها فى المجتمع ونظرته لها انطلاقا من دينها واخلاقها ومروءتها مصداقا لقوله تعلى : ( إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) صدق الله العظيم .
فلوا ان الطعن فى الأنساب يمكن تجنبه فى هذه البلاد لتجنبته
المجموعتان اللتان تضمان معظم قبائل البيظان المشهورة منذ قديم الزمان، وهماصنهاجة وبنى حسان ، فقد طعن فى حميرية صنهاجة وجعفرية بنى حسان والشيء نفسه يمكن اسقاطه على معظم القبائل الأخرى التى طعن إما فى هاشميتها اوقرشيتها اوانصاريتها او حتى عروبتها مما يعنى ان هذه بلوى عمت هذه البلاد ولم تنج منها قبيلة واحدة حسب علمى رغم تفاوت ادلة الطاعنين قوة وضعفا حيال تلك الطعون.
لكننا إذا وضعنا القبائل العربية على المحك وعرضناها على الميزان واخرجنا منها لمتونة بفرعيها الزاوي الذى رفع راية البلاد خفاقة عالية فى مشارق الارض ومغاربها والذى يضم تجكانت ومسومه وإجيجبه وأهل سيدى محمود وتندغه بالإضافة الى لمتونة القبيلة وفرعها العروبى الذى يضم إمارتيْ ادوعيش ومشظوف واذرعهما المختلفة ذائعة الصيت فضلا عن مشيخة إديشل…وخرجت من تحت هذه العباءة كذلك إدوعلى ولقلال والقلاقم وكنتة وتنواجيو واولاد سيدى واولاد ديمان واخوتهم واولاد المولود واهل الطالب مختار بمن فيهم اهل الشيخ محمد فاضل وكذا البوصاديين والتا كاطيين وأهل الشيخ حماه الله وغيرهم فماذا بقي عربا من سكان هذه البلاد غير بنى حسان؟
وهل ترضى بنو حسان بهذا التصنيف الظالم؟
وهل تجريد هذا الكم الهائل من القبائل من اصوله الهاشمية والقرشية والأنصارية والحميرية مسألة بريئة يقف وراءها شخصان؟
فى نظرى المتواضع ان هذه لعبة كبيرة اكبر من هذين الشخصين وأن اياد خفية لها مصلحة فى تفكيك هذا المجتمع تقف وراءها وقد امد اصحابها هذين الباحثين بما يساعد على تماديهم فى جر هذا المجتمع الى
ما لا تحمد عقباه خدمة لأجندات من يمدونهم بتلك المعلومات المفبركة. وقد تكون فى مقدمة تلك الاجندات زعزعة الأمن والاستقرار وضرب وحدتنا من الداخل.
وقد لايكون الشخصان المستخدمان لتنفيذ تلك المخططات على علم تام باهدافها اوبينة من امرها او هكذا ينبغى لنا حتى الآن ان نحسن الظن بهما دون اهمال الجهات المعنية باستتباب الأمن والإستقرار الكشف عن حقيقة إثارة الطعن فى انساب القبائل وتعميم ذلك فى الوقت الراهن.
إن المواطن الصالح الباحث الناجح، هو الذى يبحث عن كل مايساعد فى استقرار البلاد ويساهم فى التنمية الإقتصادية ويأتى بالأفكار المفيدة التى تجسد ذلك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على ارض الواقع لا كما يتبادله المهيجون الطاعنون والمتضررون المزعومون.
لذا نطالب الجميع الكف عن تهييج مشاعر المواطنين وان لايسقطوا من حساباتهم احتمال تنفيذ الطاعنين لأجندات خبيثة تدار من الخارج لتمزيق نسيج هذا المجتمع وكيانه.
الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها… وتذكروا دائما ان سر قوتنا فى تنوع اعراقنا وثقافتنا وأن بلادنا تكفينا جميعا وتتسع لنا وتستوعبنا سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا…كل موريتانيا للموريتانيين لانستغنى عن شبر واحد منها ولا عن مواطن واحد من مواطنيها ابيضا كان اواسودا عربيا اوبربريا سونوكيا او ولفيا…موريتانيا ارضنا جميعا ويجب علينا الوقوف سدا منيعا فى وجه كل من يتسبب فى اشعال الفتن فيها عربيا كان اوزنجيا…فدورنا هو الدفاع عن حياضها لتبقى موحدة.
فاليذهب دعاة العنصرية والإنفصال وبث الفتنة والإنشقاق بيضا كانوا اوسودا الى الجحيم وتعيش موريتانيا موحدة حرة ابية عربية إفريقية اسلامية واحة للتعايس السلمى المشترك والإحترام المتبادل بين مواطنيها.
الدكتور محمد سيدى محمد المهدى.