لقد عودنا الاشقاء المغاربة بمناسبة وبدونها على تصريحات من هذاالمسؤول اوذاك او من هذا المثقف اوذاك تفتقر فى معظمها للكياسة واللباقة السياسية وتتسم بالتعالى وعدم الدقة ومجانبة الحقيقة كماجاء على لسان ابن اشباط سنة 2016 والذى حظى منا برد تحت عنوان : ( لا للإصطياد فى المياه العكرةيابن اشباط ) وكإساءة بذيئة تعرضنا لها من الكاتب المغربى ابوطالب الذى هاجمنا بمقال نشر فى جريدة البيان الإماراتية سنة 2001م مما تطلب منا اعداد مقال يرد عليه وعلى من سايروه يومذاك تملقا وتزلفا للخليجيين عنوانه 🙁 موريتانيا بين السيادة والوصاية ) نشر فى جريدة الخليخ الأكثر قراء ، وكان اكثر زملائي يعارضون نشره فى هذه الجريدة خوفا على من ان يلحقنى اذى من جراء نشره ، لأنه كان بالغ الوضوح والدقة والجراءة ويفتقر للعديد من الأساليب الدبلوماسية – نظرا لحماسة الشباب واندفاعهم – ويفضح مواقف الزعماء العرب ضد موريتانيا من جهة وضدبعضهم البعض من جهة اخرى.
لكن المفاجأة هذه المرة تكمن فى ان صاحب هذه التصريحات المسيئة المتطاولة على شخص رئيسنا – وهى منا محل إدانة ولايمكن ان تمر بدون رد – لايحمل صفة رسمية وليس من المشاهيرالسياسيين اوالإعلاميين المعروفين على مستوى الحقل السياسي والمعرفى المغربي.
ونحن وإن كنا نجهل هويته الشخصية وانتماءه السياسي والفكرى – ولا نقصد بذلك الإنتقاص منه لكنها الحقيقة – الا ان تصريحاته تلك وجدنا فيها كما هائلا من عدم الدقة من جهة وتطاولا على مقام رئيسنا من جهة اخرى يحتم علينا الردَّعليها لوضع الأمور فى نصابها.
ونحن وإن كنا نتوجه بخطابنا اليه مباشرة لإماطة اللثام عن الحقائق التاريخية الا أننا فى الوقت ذاته نؤكد عدم سعينا لتعكير صفو العلاقة التاريخية التى تربط بين الشعبين الشقيقين.
وانطلاقا من خصوصية العلاقة بين الأشقاء فى الاتحاد المغاربي وحرصنا على تقوية تلك العلاقة من جهة وادراكا منا لدقة الظرف والحالة التى يمربه هذا الاتحاد من تطوات تستدعى التضامن والتكاتف والتآزر بدل التصريحات التى تصب الزيت على النار من جهة اخرى ، فإننى ساقوم بتسليط الضوء على جملة من الثوابت والحقائق التاريخية ينبغى ان لاتغيب عن بالنا لحظة واحدة وسيتم من خلالها الرد على هذا الشخص المجهول ارجو الله ان يوفقنى فى عدم الإساءة الى من لادخل لهم بهذا الموضوع من اشقائنا المغاربة.
اولا : التأكيد على ان اى مشكل سياسي اواقتصادى ينشأ بين اثنتين من دول الاتحاد ينبغى ان تتم معالجته عبر القنوات الدبلوماسية وليست القنوات الفضائية والمهاترات السياسية التى تنبئ عن المراهقة السياسية.
ثانيا: التأكيد على ان العالم العربي لايحتاج الى مزيد من اشعال الحرائق لنفاد وسائل الإطفاء فيه. فيكفينا مايحصل من حرائق الآن فى سوريا وليبيا والعراق واليمن وفلسطين وما سبق وان حصل فى الجزائر والسودان الذى ادت به تلك الحرائق ان ينشطرشطرين بفضل تدخل القوى الخارجية وتخاذل ماتبقى من الدول العربية إن كان قد بقي.
وتأسيسا على هذه المعطيات فإنه ليس من مصلحة الشقيقة الكبرى المغرب كما موريتانيا استفزاز بعضهما البعض ، لأن العزف على الاوتار الحساسة قد يؤدى لتأجيج الصراع بينهما واذكاء التجاذبات السياسية والإقتصادية التى قد تخرج عن السيطرة لتصل بنا لاقدر الله الى منزلق لايخدم سوى اعداء الدولتين الشقيقتين.
فعلى كل من له بعد نظر من اشقائنا المغاربة الابتعاد عن الصيد فى المياه العكرة ، فالقول بأن موريتانيا كانت فى يوم من الأيام جزءا لايتجزأ من المملكة المغربية الشقيقة بالإضافة الى انه قول عار من الصحة تاريخيا لايخدم فى الوقت الحالى الإستقرار فى المنطقة ولا العلاقة التى نصفها نحن هنا دائما بالخصوصية وتسعى سلطات البلدين لديمومة تلك الخصوصية.
ثالثا : التأكيد على ان العلاقة التاريخية والروابط الإجتماعية التى تربط بين الشعبين الموريتانى والمغربي هى علاقة ازلية باقية الى يوم القيامة شاء من شاء وابى من ابى.
وعليه فإن هذه الروابط الإجتماعية الضاربة فى جذور التاريخ المتمثلة فى خوالة ملوك المغرب من الموريتانيين ، حيث إن جدتهم هى الأميرة العالمة الفاضلة الطاهرة اخناثة بنت بكار احد اقوى واشهر أمراء البراكنة وغيرها من الروابط التاريخية والإجتماعية الأخرى ينبغى ان لايسمح للمتطفلين من كيلا الدولتين بالمساس بها اوالعبث بها لأنها خط احمر لا يجب ان يتأثر بالتطورات السياسية وكبواتها المؤقتة.
ولا أدل على خصوصية هذه العلاقة من التعطى الإيجابي للمدونين الموريتانيين – بمن فيهم نحن – مؤخرا مع صورة الملك محمد السادس التى ظهرفيها متعبا ، حيث تسابقوا على الدعاءله والتضرع الى الله سبحانه وتعلى ان يشفيه مما يعانيه.
وعندما ظهرت صورة اخرى عبر الفيسبوك لجلالة المغفور له بإذن الله الحسن الثانى تنافسوا على الترحم عليه تلقائيا مما يؤكد قوة مشاعر المواطنين الموريتانيين وصدقها اتجاه ملوك الدولة المغربية الشقيقة.
رابعا : حفاظا على استمرارخصوصية العلاقة بين الدولتين ينبغى على كل من يرد على هذا الشخص المسيء ان لا يقع فى نفس الخطأ الذى وقع فيه المسي ءذاته فيقوم بدوره بالإساءة على اشقائه المغاربة الذين لاناقة لهم ولاجمل.
كما ان اساءته على رئيسنا لاتبرر إساءتنا على ملكهم ، لانه شخص مجهول الهوية والوظيفة ولايمثل الا نفسه ..والله تبارك وتعالى يقول فى محكم آياته : ( ولا تزروازرة وزر اخرى ).
خامسا : إن حرصنا على عدم توتير الأجواء مع الشقيقة الكبرى ليس نابعا عن ضعف ولا عجزمنا كما قد يتوهمه البعض ، وإنما مرده إيماننا الراسخ بأن مصير الوطن العربي كله من المحيط الى الخليج واحد.
وهذه القناعة هي التى جعلتنا نحذر منذ بداية التسعينيات فى مقالات لنا تم نشرها على نطاق واسع من التداعيات الخطيرة التى ستترتب على تدمير العراق والقضاء على جيشه وترسانته ، لأن العراق بعد خروج الشقيقة الأكبر مصر من المعادلة اثر اتفاقية كامديفيد المشؤومة اصبح هو امل كل مواطن عربى فى تعديل ميزان القوة مع الكيان الصهيونى كما انه كان يقف شامخا كالطود ضد المد الصفوى الفارسي وقدم اغلى ابنائه دفاعا عن الأمة العربية طيلة ثمان سنوات ، وقدكان رد جميل معظم ساسة العرب آنذاك هو التآمر عليه وتسليمه على طبق من ذهب لإيران ، والنتيجة هي مانشاهده اليوم من تهديدها لأمن دول الخليج العربي وزعزعة استقرارها واحتلالها لأربع عواصم عربية هى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء كما تبجح بذلك قادتها.
صحيح ان صدام حسين المجيد رحمه الله قد ارتكب خطأ استراتيجيا لغزوه الشقيقة الكويت رغم مالديه من دوافع لذلك ، لأن دور الشقيق الأكبر الطبيعي هوحماية الشقيق الأصغر وليس ابتلاعه ، وكان على القادة العرب حينها ان يتصرفوا بحكمة تخرج العراق من الكويت دون ان يلحق بكليهما مالحق اسوة بمافعله من سبقوهم فى القيادة سنة 1963 عندما احتل عبد الكريم قاسم الكويت .
إنما قام به صدام حسين لايختلف عن ماقام به عبدالكريم قاسم مطلع الستينيات وقد تطلب ذلك اجتماع القادة العرب فى قاهرة ( عبدالناصر) لاقاهرة (مبارك )وتوصلوا الى حل يفضى الى سحب الجنود العراقيين من الكويت دون ان تلحق اضرار بالعراقيين او الكويتيين ودون السماح بتدويل النزاع وتدخل القوى الأجنبية عكس ماحصل تماما فى اجتماع قاهرة (مبارك) سنة 1990 ، وماحصل 1990 و2003 ماكان ليحصل لولى الرغبة فى الانتقام والعمالة وتغليب المصالح الشخصية على المصالح القومية الاستيراتيجية.
وما تبع ذلك من ويلات عاشها العالم العربى كله من محيطه الى خليجه هو مانخشى تكراره إن خرجت الأمور عن السيطرة لاقدر الله.
سادسا : على الأشقاء المغاربة ان يصحوا من هذا الوهم الذى يعيشونه ، فموريتانيا دولة ذات سيادة واستقلالها عن المستعمر لايفصل استقلال المغرب عن المستعمرذاته سوى اربع سنوات ، وهى عضو كامل العضوية فى الامم المتحدة وفى جميع اجهزتها المنبثقة عنها ، وهى كذلك عضو فى جامعة الدول العربية ، وعضو مؤسس للإتحاد المغاربى ، وعضو مؤسس فى منظمة المؤتمر الإسلامى ، وعضو مؤسس فى الإتحاد الإفريقى ، وعضو فى منظمة عدم الإنحياز قبل انهيارها تبعا لانهيار الإتحاد السفياتى وحلف وارسو.
وجميع هذه المنظمات يعتبر المغرب عضوا هاما من اعضائها ، لذا فلا فائدة من المزايدة والكلام المستفز الذى لايمثل قيمة الحبر الذى يكتب به ، وإن تصورنا جدلا قيمة له فهى توتير الأجواء وتعكير الصفاء بين الأشقاء وهو امر غير مرغوب فيه ولايخدم الا أجندات اطراف خارجية لاتحب الخير لكلا الدولتين.
سابعا: نذكر الأشقاء المغاربة بأنهم حاولوا فى السابق عرقلة انضمام موريتانيا الى كل من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وقد باءت محاولاتهم تلك بالفشل فى ستينيات القرن الماضى وان عليهم فى الوقت الحالى ان يحلوا مشكلة الصحراء مع اخوانهم الصحراويين ويحلوا مشكلة (سبتة ومليلة ) وجبل طارق مع المملكة الإسبانية قبل التفكير فى حدود مع السينغال ، لأن الحدود مع السينغال يجب ان تسبقها حدود مع موريتانيا معترف بها من قبل الصحراويين.
ثامنا : لو انصف الدهر لكانت اجزاء شاسعة من المغرب تابعة لموريتانيا
إن لم يكن المغرب كله تابعالها ، ذلك لأن الدولة المرابطية التى حكمت المغرب زهاء قرن انطلق قادتها وجنودها من صحراء الملثمين التى اصبحت فى مابعد تسمى بلاد شنقيط قبل ان تسمى لاحقا موريتانيا.
فا لأمير يحي بن ابراهيم لكدالى هو الذى قدم بالداعية عبدالله بن ياسين اثرعودته من الحج وهو الذى اتخذ من جزيرة ( تيدره ) رباطا كان منطلقا لفتح المغرب كله.
وبعد وفاته خلفه الأمير يحيى بن عامر شقيق ببكر بن عامر فى القيادة ، وهو جد أمراء إيدوعيش االمتونيين – وهما مدفونان بجبل لمتونة المسمى الآن بآدرار، وبعد مقتل الأمير يحي من طرف اكداله خلفه الأمير ذائع الصيت بوبكر بن عامرالذى طرح الحجر الأساس لمدينة مراكش وقبره مزار فى موريتانيا فى موضع يسمى ( مكسم بن عامر).
وبعد عودته الى المناطق الصحراوية فى موريتانيا قام ابن عمه امير المؤمنين يوسف بن تاشفين باكمال مدينة مراكش وهو الذى وحد تحت رايته بلاد المغرب وانجد ملوك الطوائف فى الأندلس وهزم الصليبين بقيادة الفونسو فى معركة( الزلاقة ) وأخر هو وابنه الأمير من بعده على بن يوسف سقوط الاندلس زهاء 400 سنة .
ثم إن منطقة السوس وعاصمتها ( تارودانت ) وماتحويه من قصور وقلاع وبساتين كانت تحت السيطرةالتامة لقبائل بنى حسان التى لعبت ادوارا مشرفة ضد الإسبان فى ظل الموحدين والمرنيين قبل هجرتها الى صحراء الملثمين ، الأمر الذى يؤكد تاريخيا.بالأدلة القاطعة تبعية المغرب لموريتانيا إذا احتكمنا الى التاريخ والعكس غير صحيح.
تاسعا : يتبع غداإن شاء الله.
الدكتور المحامى محمد سيدى محمد المهدى.