قال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة إن الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للحوضين “شكلت تجليا جديدا وخطيرا من تجليات سياسة تمجيد الحاكم وتفخيمه وتكريسا فجا للتزلف و النفاق السياسي خاصة في شريحة الشباب المتعلم”.وفق المنتدى
ودعا المنتدى ـ في بيان أصدره الرأي العام الوطني والدولي إلى عدم الاغترار بما يروج له النظام من دعايات حول هذه الزيارة التي فشلت في هدفها الحقيقي. حسب المنتدى
نص البيان :
أسدل الستار يوم الأربعاء الماضي على الاستعراض المسرحي الذي قام به رأس النظام السيد محمد ولد عبد العزيز في الحوضين، مخلفا وراءه حال المواطنين في المناطق التي حل بها أسوأ مما كان عليه، وأملهم في الفرج أبعد من ذي قبل وحيرتهم في فهم مبررات الزيارة و مغزاها أكبر وخلافاتهم الداخلية و تجاذب نخبهم الموالية أعمق من السابق.
لقد حاولنا في المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة، شأننا في ذلك شأن المواطن الموريتاني في كل أرجاء الوطن، أن نقف على مزايا إيجابية لهذه الزيارة، التماسا منا لحسن نية لدى النظام في القيام بها فلم نجد ما يبررها، لا في توقيتها، و لا في مجراها، ولا في آثارها على الولايات المزورة والنتائج التي قد يحصل عليها مواطنو هذه الولايات.
• فمن حيث التوقيت، جاءت الزيارة في وقت تعيش فيه البلاد أكبر أزمة اجتماعية و اقتصادية عرفتها منذ عقود ؛ أزمة إضراب الشركة الوطنية للصناعة و المناجم التي تهدد بقاء ولايات الشمال الموريتاني وساكنتها، ناهيك عن كونها قد تعصف بالاقتصاد الوطني برمته.
• كما تأتي الزيارة في ظرف تواجه البلاد، و خاصة المناطق المزورة منها، جفاف ماحقا تنذر بوادره بوضع كارثي في ظل تجاهل غير مسئول من طرف السلطات الحاكمة و تقاعس منها عن المبادرة إلى استباق الأحداث بوضع خطة من شأنها تخفيف آثار النكبة الآتية و مؤازرة المواطنين في مواجهتها ؛
• و جرت هذه المسرحية كذلك في ظرف بلغ فيه الوضع السياسي و الاقتصادي و الأمني في البلاد مستوى من التأزم غير مسبوق، جعل رأس النظام نفسه يتراجع عن مكابرته المعهودة في نكران الأزمة و لفت الأنظار عن المتاهة الخطيرة التي أدخل فيها بلدنا بانقلابه على الديمقراطية في أغسطس 2008، فإذا به يعترف بوجود الأزمة ويقبل بتحليل المنتدى لوضع البلد ويجنح للحوار الذي ما فتأت المعارضة تدعو إليه سبيلا إلى الخروج من النفق. لكن هذا الحوار المنشود مازال متعثرا بفعل تلكؤ السلطة الحاكمة وعجزها عن البرهنة على حسن نيتها واستعدادها للتفاهم على ما يضمن المصلحة العليا للوطن.
• و أخيرا، تمت هذه التمثيلية في ظرف دولي يتسم بتسارع وتيرة التدهور الأمني خاصة في مناطق الجوار وضبابية الوضع في موريتانيا تحديدا، حيث يحوم الكثير من الشبهات حول حقيقة ما يجري في صحرائنا الشاسعة و قدرة النظام على تأمين الحدود وهو الذي برهن بما فيه الكفاية على عجزه عن تحقيق الأمن الداخلي في العاصمة و في المدن الأقل سكانا.
إضافة إلى ما سبق من أدلة واضحة على أن توقيت زيارة رأس النظام هذه غير مناسب، فإن الأهداف المنشودة من ورائها غير واضحة و ما تم منها الإفصاح عنه من تفقد لأحوال السكان و ما إلى ذلك غير مقنع وفندته مجريات الأحداث : فما جرى لم يعد كونه استعراض من طرف محمد ولد عبد العزيز لشعبية زائفة، حيث أن معظم من شارك في الاستقبالات الكرنفالية التي تخللت جولته هم موظفو الدولة و مخبرو النظام وحراس الرئاسة وحشود المتزلفين الذين قدموا من نواكشوط العاصمة للتغطية على معاناة السكان المحليين و التشويش على تعبيرهم عن الاستياء من الوضع المزري الذي يعيشونه، و الذي زادت زيارة ولد عبد العزيز في ظرف صعب كالظرف اليوم من معاناتهم منه.
ومعظم ما تم “تدشينه” من “منشآت” هو في الحقيقة إعادة لتدشينات سابقة، كان أكثرها استهزاء بعقول المواطنين ومغالطة للرأي العام، تدشين مشروع الظهر لتزويد مناطق من الحوض الشرقي بالماء الشروب للمرة الثانية، حيث “دشنه” ولد عبد العزيز نفسه في إحدى خرجاته خلال حملة 2009 الرئاسية! إن هذا المشروع الذي ينتظره السكان منذ أزيد من عقد من الزمن، لم يتقدم بشيء يذكر منذ ذلك التاريخ، ولا يمكن التعويل عليه في حل أزمة العطش التي تعم جميع مناطق الولايتين المعنيتين به أساسا وهي الأزمة التي عبر عنها السكان بحملهم حاويات الماء الفارغة في وجه رأس النظام!
و شأن مشروع الظهر هو شأن مصنع تعليب الألبان الذي تم تدشينه مجددا هو الآخر ؛ و من سخرية الأقدار أن يتم ذلك في وقت يهدد جفاف ماحق الثروة الحيوانية في المنطقة في غياب أي بادرة من النظام في تلافي الوضع ! ويمكن أن نقول نفس الشيء عن مشاريع الطرق “المدشنة” هي أيضا، و عن المنشآت الصحية التي تستجلب لها المعدات والطواقم الطبية من مخيمات اللاجئين في امبرة لهدف التقاط صورة صورية، و عن المؤسسات المدرسية التي يتم تجهيزها لغاية الزيارة و التغطية على واقعها الذي عبر عنه مدير “مدرسة أهل المبارك” و هو يتخذ من ظل شجرة مكتبا له!
إن المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة و هو يستعرض مجريات هذه المسرحية الرديئة الإخراج وما آلت إليه بعد إسدال الستار على حلقتها الأخيرة، لا يسعه إلا أن يعبر عما يلي :
1- لقد شكلت هذه الزيارة عبئا كبيرا على المواطنين في المناطق التي حل بها رأس النظام وحاشيته، و لم تستفد منها ولايات الشرق شيئا ولن تستفيد في الغالب، إذ أن الوعود التي تم إطلاقها ستؤول قطعا إلى ما آلت إليه سابقاتها من وعود كاذبة ؛
2- لقد شكلت تجليا جديدا وخطيرا من تجليات سياسة تمجيد الحاكم وتفخيمه وتكريسا فجا للتزلف و النفاق السياسي خاصة في شريحة الشباب المتعلم، الذي أغلقت أمامه أبواب الوصول إلى غاياته المشروعة بالطرق الشريفة، فطفق يمتهن التصفيق و التطبيل سبيلا إلى الحصول على وظيفة أو حتى قوت يومي !
3- لقد تم خلال هذه الزيارة إذكاء الممارسات القبلية السحيقة وترويض مؤسسات الدولة على التعامل معها على الملإ و السماح لوسائل الإعلام ببث دعاياتها المسمومة دون محاسبة انتهاكا للدستور و قوانين الجمهورية وتقويضا للحمة الاجتماعية وتعريضا بالوحدة الوطنية ؛
4- لقد أهدرت أموال طائلة في هذه المسرحية، كان من الأجدر أن تخصص لتزويد السكان بالأدوية والمواد الغذائية وأعلاف الحيوان، ونحن في المنتدى نطالب بتحقيق مستقل و عاجل في هذا الموضوع.
ونحن في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة ندعو الرأي العام الوطني والدولي إلى عدم الاغترار بما يروج له النظام من دعايات حول هذه الزيارة التي فشلت في هدفها الحقيقي الغير معلن: لفت الأنظار عن الأخطار الكبيرة المحدقة هذه الأيام بالبلد وعجز الحكومة عن مواجهتها بالحلول المناسبة. و جاء المؤتمر الصحفي الذي نظمه رأس النظام البارحة خاتمة تنسجم مع كل ما سبق إذ كان، في شكله مضمونه، مدعاة للإحباط.
نواكشوط، 27 مارس 2015
اللجنة الإعلامية