تصدر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني قائمة تضم 4 رؤساء عرب تولوا مقاليد الحكم فى بلادهم بشكل رسمي فى النصف الأخير من العام 2019.
وحسب تقارير إعلامية يواجه الرؤساء الأربعة الجدد مجموعة من التحديات ورثوا أغلبها من سياسات التسيير الفاسدة للأنظمة السابقة وعلى الخصوص بالنسبة لنظام الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز الذى ورث منه ولد الغزواني دولة مقطعة الأوصال، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
4 رؤساء عرب تولوا مقاليد الحكم في بلدانهم خلال 2019، إما عبر تداول سلمي للسلطة كما في موريتانيا، أو عقب احتجاجات أطاحت بالرئيس السابق كالسودان والجزائر، أو خلفا لرئيس وافته المنية في تونس.
في موريتانيا، تولي الرئاسة محمد ولد الغزواني فاتح أغشت خلفا للرئيس محمد ولد عبدالعزيز الذي انتهت ولايته الرئاسية نهاية يوليو.
وفي تونس، تولى الرئاسة قيس بن سعيد 23 أكتوبر ،خلفا للباجي قايد السبسي الذي وافته المنية في 25 يوليومن العام نفسه.
وفي السودان، تولي عبدالفتاح البرهان، الأربعاء 21 أغشت، رئاسة المجلس السيادي الذي سيقود البلاد خلال السنوات الثلاث المقبلة، والذي شُكّل بعد انحياز الجيش للشعب والإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في ١١ أبريل/نيسان.
وبالجزائر، تولي عبدالمجيد تبون الرئاسة 19 ديسمبر، خلفا لعبدالعزيز بوتفليقة الذي استقال 2 أبريل، بعد مظاهرات شعبية رافضة لسلطته ومناهضة لمقترح التمديد له.
ورغم تباين الظروف التي تولى خلالها كل من الرؤساء الأربعة المسؤولية في بلدانهم، فإنهم جميعا يواجهون تحديات عديدة في 2020
وترصد “العين الإخبارية” قائمة الرؤساء العرب الجدد في 2019، وأبرز ما يواجهونه من تحديات في 2020:
محمد ولد الغزواني
تولى محمد ولد الشيخ محمد أحمد الشيخ الغزواني، رئاسة موريتانيا، ١ أغشت، فور انتهاء ولاية الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، في 30 يوليو وذلك بعد فوزه في انتخابات جرت 22 يونيو.
وشكّل تسلم الرئيس الغزواني للسلطة في موريتانيا، بحسب مراقبين، بداية عهد جديد من الانفتاح السياسي وتكريس مبدأ الحوار والتشاور بين مختلف أطراف المشهد.
وهو عهد بدأت ملامحه تتضح من خلال الجهود الأخيرة لإطلاق حوار سياسي بين الأغلبية وبعض مرشحي المعارضة للرئاسيات الماضية.
انتقال الرئاسة إلى الغزواني عبر تناوب سلمي للسلطة، ينتظر أن ينعكس إيجابيا على مختلف جوانب الحياة، مثلما يسهم في رفع التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها نظرا لموقعها الجغرافي.
من أبرز التحديات التي تواجه الغزواني، ترتيب البيت الداخلي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، بعد ما شهدته الفترة الأخيرة من تجاذبات حول المرجعية، على خلفية حضور الرئيس السابق ولد عبدالعزيز لاجتماع لجنة تسيير الحزب، ثم عقده مؤتمرا صحفيا مؤخرا.
وينشغل الشارع الموريتاني حاليا بالخلاف الذي بدأ يتصاعد بين الرئيس محمد الغزواني وسلفه محمد ولد عبد العزيز، بسبب “رئاسة الحزب الحاكم”، وسط آمال بتجاوز الخلاف والتركيز على التنمية.
وأكد ولد الغزواني، في تصريحات صحفية، وجود تحديات كبيرة يجب حلها، مردفا أنه “يتعين بذل الجهود من طرف الجميع، من أجل تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للموريتانيين”.
ومنذ وصوله للسلطة، أعلن الرئيس الموريتاني أن إصلاح التعليم هو هاجسه الأول، وتعهد بخطوات جدية في هذا الإطار.
ويعطي أسلوب التعاطي الرسمي الموريتاني مع القضايا السياسية الراهنة مع نهاية 2019، استمرار التوجه خلال 2020 في نهج سياسي يطبعه الهدوء وانفتاح الفرقاء السياسيين تجاه بعضهم بعضا.
وكذلك بروز أغلبية سياسية حاكمة تحرص على بقائها متماسكة حول نواتها المركزية المتمثلة في الحزب الحاكم، بالإضافة إلى ميلاد نهج جديد نحو تحييد التأزيم والصراع السياسي، لصالح الاهتمام أكثر بالسياسات التنموية ومعالجة الاختلالات الاجتماعية.
عبدالفتاح البرهان
قام البرهان بأداء اليمين الدستورية، الأربعاء 21 أغسطس/آب، رئيسا للمجلس السيادي، عقب إصدار المجلس العسكري السوداني الذي تولي مسؤولية إدارة البلاد عقب انحياز الجيش لمطالب المحتجين وعزل البشير في أبريل/نيسان مرسوما دستوريا بتشكيل المجلس السيادي.
والمجلس السيادي بالسودان سيدير البلاد لفترة انتقالية لمدة 3 سنوات حتى إجراء انتخابات رئاسية.
ووفقا للمرسوم الدستوري يضم المجلس السيادي 10 أعضاء، ويتولى البرهان رئاسته لمدة 21 شهرا، فيما يتولى الرئاسة بعد هذه المدة، أحد المدنيين لفترة 18 شهرا، لتكتمل مدة الفترة الانتقالية 3 سنوات و3 شهور تعقبها انتخابات.
ويقود السودان حاليا مجلسا سياديا وحكومة انتقالية قامت بحل جميع النقابات والاتحادات المهنية التي كان يسيطر عليها نظام الإخوان الإرهابي طوال 3 عقود ماضية، وتجميد وحجز حساباتها وأرصدتها بالمصارف وإغلاقها بقوات الشرطة بعد طرد فلول الحركة الإسلامية السياسية، ما حظي بترحيب واسع من القطاعات المهنية والعمالية.
عُيّن البرهان عشيّة الثالث عشر من أبريل/نيسان رئيسًا للمجلس العسكري الانتقالي خلفًا لوزير الدفاع أحمد عوض بن عوف الذي تولى رئاسته ليوم واحد ثم استقال، وانتهت ولايته على المجلس بحلّه وتشكيل المجلس السيادي السوداني حيث أصبح البرهان رئيسًا له في 21 أغسطس 2019.
ونظرا لعدم انتماء البرهان إلى أي تيار سياسي في السودان جعل منه شخصية توافقية لديها قبول شعبي.
وبعد توليه المسؤولية في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد، يواجه البرهان العديد من التحديات تنتقل معه عام 2020، جميعها يعود إلى إرث الحكم الإخواني الذي امتد لثلاثين عاماً.
فعلي صعيد الوضع الاقتصادي، تعاني البلاد من أزمة بمعدل تضخم بلغ 60% وفق تقارير حكومية وضعف الاحتياطي من العملات الأجنبية.
وظل السودان يرزح تحت عقوبات اقتصادية أمريكية منذ عام 1997 وحتى 2017، لكن لم يستفد من رفعها بسبب بقائه على قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب التي تحرمه من الاستثمارات الخارجية والتمويل الدولي.
ومن أبرز التحديات التي تواجه السودان خلال الفترة الانتقالية، رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ومعالجة الديون الخارجية وترسيخ الديمقراطية والتنمية المستدامة وتحقيق الإصلاح الاقتصادي.
وكانت الحكومة الأمريكية أدرجت السودان على قائمتها للدول الراعية للإرهاب عام 1993، بسبب رعاية نظام الرئيس المعزول عمر البشير للإرهاب، واستضافة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وأكد رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أن رفع اسم بلاده من قائمة الإرهاب الأمريكية أبرز تحدٍّ يواجهه خلال الفترة الانتقالية.
وأكد البرهان عزمهم خلال الفترة الانتقالية على نقل السودان إلى عهد ديمقراطي آمن ومستقر وتأسيس الدولة الحديثة القائمة على أسس الحرية والعدالة والسلام.
وينتظر أن يشهد عام 2020 عملا متواصلا لتنفيذ تلك الوعود ومواجهة تلك التحديات.
قيس بن سعيد
تولى قيس بن سعيد رئاسة تونس في ٢٣ أكتوبر/تشرين الأول بعد فوزه في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية التي جرت في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلفا للباجي قايد السبسي الذي وافته المنية في ٢٥ يوليو/تموز من العام نفسه.
ويواجه الرئيس التونسي الجديد العديد من التحديات من أبرزها الاختلاف في الانتماء السياسي للتيارات التي تدعمه داخل البرلمان.
ويبقى الرهان على مدى قدرته على توحيد هذه التيارات السياسية المختلفة التي تتصارع وتختلف في كثير المواقف والتوجهات، لتكون كتلة واحدة تدعم سياساته .
أيضا من أبرز التحديات عدم وجود برنامج سياسي واقتصادي واضح المعالم، ينتشل البلاد من حالة الفشل الاقتصادي والاجتماعي الذي تحدث عنها خلال خطابه في 17 ديسمبر/كانون الأول، والذي حمل فيه مسؤولية الفشل إلى الطبقة السياسية الموجودة حاليا.
الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة الرسائل الخفية ضد حركة النهضة الإخوانية باعتبارها تمثل الجهة السياسية الحاكمة الوحيدة منذ 2011.
ويتوقع مراقبون اندلاع صراع بين الرئيس والأغلبية البرلمانية، وخصوصا أن الكتلة الإخوانية تتوجس من الرصيد الشعبي لقيس سعيد، وهو ما سيطرح صراعا مباشرا بين الطرفين.
عبدالمجيد تبون
تولى عبدالمجيد تبون رئاسة الجزائر ١٩ ديسمبر/كانون الأول، بعد فوزه في الانتخابات التي جرت 12 من الشهر نفسه، ليكون ثامن رئيس يحكم الجزائر منذ استقلالها في 5 يوليو/تموز 1962.
ويخلف تبون الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذي أجبرته المظاهرات على الاستقالة 2 أبريل/نيسان.
ويعد تبون واحدا من السياسيين الجزائريين المحسوبين على “الجيل الثاني للثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي”، وممن تخرجوا في “المدرسة الوطنية للإدارة” عام 1969، بعدما تخصص في الاقتصاد والمالية، ليكون ذلك أول رئيس يحكم الجزائر بخلفيات اقتصادية أكثر منها سياسية أو عسكرية.
وينتمي سياسياً إلى حزب “جبهة التحرير” الذي كان يوصف بـ”الحاكم” في عهد بوتفليقة، دون أن يتولى مناصب فيه.
غاب تبون عن المشهد، حتى مجيء عبدالعزيز بوتفليقة الذي حكم الجزائر في أبريل/نيسان 1999، ليعينه وزيراً للاتصال (الإعلام) لمدة 6 أشهر ثم وزيراً منتدباً مكلفاً بالجماعات المحلية حتى 2001، لينتقل إلى وزارة السكن والعمران في حكومة علي بن فليس لمدة عام واحد.
عاد عبدالمجيد تبون إلى الحكومة من بوابة وزارة السكن والعمران في سبتمبر/أيلول 2012 في حكومة عبدالمالك سلال لمدة 5 أعوام تزامناً مع تبني الحكومة سياسة “شراء السلم الاجتماعي” (الإنفاق الحكومي بفضل عائدات النفط).
وأضيفت له حقيبة التجارة بالنيابة في 2017 بعد وفاة الوزير الأسبق بختي بلعايب.
ودخل تبون التاريخ كـ”أقصر رؤساء الوزراء بقاء في الحكومة” في تاريخ الجزائر بأقل من 3 أشهر، بعد تعيينه في 24 مايو/أيار 2017، ثم إقالته في 15 أغسطس/آب، وخلفه أحمد أويحيى، دون أن تذكر الرئاسة الجزائرية الأسباب.
ويدخل تبون عام 2020، وهو يواجه العديد من التحديات، أبرزها عدم اعتراف آلاف المحتجين بالعملية الانتخابية برمتها ونتائجها.
ويعد تبون أول رئيس للجزائر يدخل القصر الجمهوري بـ”قضية شبهة فساد” يتابع فيها نجله، والمتعلقة بـ”شبهة تبييض الأموال” في قضية رجل الأعمال كمال شيخي الملقب بـ”البوشي” (نسبة إلى مهنته الأساسية لحام) والذي يعتبر المتهم الرئيسي في فضيحة حجز 701 كيلوجرام من الكوكايين صيف 2018.
غير أن تبون نفى كل التهم الموجهة لنجله، واتهم رموز نظام بوتفليقة بـ”الانتقام منه بولده”، وأرجع أسباب ذلك إلى “وقوفه ضد أركان الفساد خلال توليه حقيبتي السكن والتجارة بالنيابة، ثم رئاسة الحكومة”.
واحتفظ بموقفه بـ”براءة نجله”، رغم أنه تعهد باحترام العدالة، بينما يرى متابعون أنها تبقى سابقة في تاريخ الجزائر، لا يمكن التكهن بـ”مدى سلبيتها على مشواره الرئاسي”.
وإضافة لهذين التحديين، يواجه تبون العديد من التحديات نتيجة تراكمات كثيرة ورثها عن النظام السابق، لخصها في برنامجه الانتخابي بأنه “يُصلح ما أفسده دهر بوتفليقة”.
ومن أبرز تلك التحديات مدى التزامه بتنفيذ ما وعد به من تعديل الدستور وتحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي.
وترتكز تعديلات الدستور التي يستهدفها تبون على تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يحصن البلاد من السقوط في الحكم الفردي، بالإضافة إلى تعديل قانون الانتخابات الذي أثار الكثير من الجدل، من خلال “تجريم تدخل المال في العمل السياسي حتى يتمكن الشباب من الحصول على فرصة الترشح، وتكون حملتهم الانتخابية من تمويل الدولة حتى لا يقعوا فريسة للمال الفاسد”.
أنباء انفو