قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
” يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚإِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ”
“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ” صدق الله العظيم.
فخامة رئيس الجمهورية المنتخب،
تشرفت كأغلبية الشعب الموريتاني بدعمكم في الاستحقاقات الرئاسية، إثر إعلانكم لترشحكم و من خلال خطابكم الذي أضاف مسحة سياسية و أخلاقية بامتياز على المشهدين السياسي و الإجتماعي حين حيدتم ثنائية التهليل و التهويل و حينتم قاعدة السجال لتكون بالحجة و الدليل بدل السب و الشتم و التشهير، و أنصفتم الماضى و أهله و قيمتم الحاضر فثمنتم المنجز و أعترفتم بالخلل، و استشرفتم لمستقبل أفضل يشارك فيه الجميع و يرى فيه ضالته، و بناءا على ذلك تحقق نجاحكم في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية رغم تعقيدات المشهد السياسي و الإجتماعي في بلادنا اليوم و الملاحظة في النتائج الرئاسية، و بذات المناسبة أرى أننا مطالبون جميعا بالمساهمة الايجابية في مشروعكم المجتمعي بما نملك و هو ما جعلنى أتشرف بمراسلتكم لأذكركم و أنتم أهل لذلك أن ما نحتاجه الآن الآن وليس غدا “حَكْ حَكْ “، هو إقامة دولة القانون و المواطنة بمؤسساتها الاجتماعية و السياسية و الادارية و لذلك وجب التنبيه :
– فخامة رئيس الجمهورية المنتخب تتذكرون جيدا و أنتم أهل لذلك رسالة الإمام الحسن البصري الى أمير المومنين عمر بن عبد العزيز في صفة الإمام العادل، كما تتذكرون جيدا جوابه لوالى حمص حين أرسل إليه يطلب سورا لتحصين المدينة فقال له “حصنها بالعدل ونقي طرقها من الظلم”، و تتذكرون قول الله تعالى : ” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ “. و تعلمون أن هناك اتفاقا مطلقا على أن الصلاح المقصود في الآية ليس صلاحا دينيا فحسب بل هو صلاح لإدارة الدنيا كذلك فالله تعالى ينصر الأمة الكافرة العادلة علي الأمة المسلمة الظالمة، فالدولة تقوم على الكفر و لا تقوم على الظلم.
– و تتذكرون يا فخامة رئيس الجمهورية المنتخب أن من خطبة عمر ابن عبد العزيز لما ولي أمر المؤمنين : “إن هذه الأمة لم تختلف في ربها ، ولا في كتابها ، ولا في نبيها ، وإنما اختلفوا في الدرهم و الدينار ، وإني والله لا أعطي أحداً باطلاً ، ولا أمنع أحداً حقا ».
– كما تتذكرون قوله في نفس المناسبة لصحبته و لعامة المسلمين : « أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس و إلا فليفارقنا :
– يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها ،
– ويعيننا على الخير بجهده ،
– ويدلُّنا من الخير على ما لا نهتدي إليه ،
– ولا يغتابنَّ عندنا أحداً ،
– ولا يعرضن فيما لا يعنيه ».
– كما تعلمون يا فخامة رئيس الجمهورية أن عمر بن عبد العزيز عزل الجراح بن عبد الله الحكمي عن إمرة خراسان عندما كان يأخذ الجزية ممن أسلم من الكفار ، ويقول : أنتم إنما تسلمون فراراً منها . فامتنعوا من الإسلام وثبتوا على دينهم وأدوا الجزية ، فكتب إليه عمر : إن الله إنما بعث محمدا داعيا ، ولم يبعثه جابيا »، لا إفراط و لا تفريط.
و أخيرا، يا فخامة رئيس الجمهورية المنتخب، كتب سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب إلى عمر بن عبد العزيز لما وليَ الخلافة :
« أما بعد يا عمر ، فإنه قد ولي الخلافة قبلك أقوام ، فماتوا على ما قد رأيت ، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم ، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون ، فانفقأت أعينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها ، واندفنت رقابهم غير موسدين بعد لينِ الوسائد……إلى أن يقول “فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون ، مرتهنون بما عليهم ، وأنت غير محبوس ، ولا مرتهن بشيء ، فافعل ، واستعن بالله ، ولا قوة إلا بالله سبحانه و تعالى”.
دعواتنا لكم، بدعاء أمير المؤمنين عمر ابن عبد العزيز، ” اللهم إن رجالاً أطاعوك فيما أمرتهم وانتهوا عما نهيتهم ، اللهم وإن توفيقك إياهم كان قبل طاعتهم إياك ، فوفقهم “، كما نتمنى من الله العلي القدير أن يعينكم على ما في ذهنكم و أكثر من جسامة المسؤولية و أن يبارك لنا و لكم و للشعب الموريتاني في حكمكم هو ولي ذلك و القادر عليه.
محمد الأمين محمد المختار حبيب.