كشف وزير الاقتصاد والمالية السيد المختار ولد اجاي خلال افتتاحه صباح اليوم الثلاثاء للجلسات الوطنية للتشاور حول استيراتيجة النمو المتسارع والرفاه المشترك التي ستشكل الإطار التنموي للبلاد على مدى السنوات الخمس عشرة (15) القادمة، أن تقييم تنفيذ الإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر (2001-2015) أظهر تحقيق العديد من المكاسب الهامة، كاستقرار إطار الاقتصاد الكلي الذي مكن رغم الوضعية الدولية التي لم تكن مواتية في الغالب، من استعادة التوازنات المالية الكبرى، حيث بلغ متوسط النمو الاقتصادي الحقيقي للفترة 4,5% سنويا، وأن هذا النمو كان أكثر قوة خلال السنوات الأخيرة (5,2%)، كما ارتفع برنامج الاستثمار العمومي من 23% من الميزانية العامة للدولة في عام 2009 إلى 43% في عام 2015 وهو ما مكن من تطوير ملحوظ للبنى التحتية الداعمة للنمو التي أسهمت في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
وعلى مستوى السياسة النقدية فإن الإجراءات المتبعة ـ أضاف الوزير ـ قد مكنت من التحكم في التضخم وتعزيز مرونة النظام المالي، كما تضاعفت الاحتياطات النقدية للبلاد عدة مرات.
كم أكد الوزير أن الموارد الداخلية للدولة سجلت مستويات غير مسبوقة بلغت حوالي 419 مليار أوقية سنة 2015 مقابل 182 مليار أوقية في عام 2008، بعد أن كانت 121 مليار في عام 2005. وقد تم الحصول على هذه النتائج الهامة بفضل مجهود تعبئة الموارد وتوسيع القاعدة الضريبية.
وأوضح الوزير أن أهم ما يمكن استخلاصه من هذه التطورات هو التراجع المنتظم واللافت للفقر على امتداد نفس الفترة حيث كان صل سنة 2001 الى 51% ليتراجع الى 31% سنة 2014.
وقال الوزير: ” إن التراجع الكبير للفقر الذي حصل ما بين 2008 و 2014 و رافقه لأول مرة تناقص العدد الإجمالي للفقراء الذي انتقل من 1,4 مليون نسمة إلى 1,1 مليون نسمة رغم النمو الديمغرافي”.
إلا أن هذه المكاسب الهامة ـ يقول الوزير ـ ” لم تحل دون تشخيص تحديات تتعلق أساسا بعدم تنوع الاقتصاد وضعف قدرات القطاع الخاص وضعف الموارد البشرية، وضعف الولوج لخدمات الصحة القاعدية وصحة الأم والطفل خاصة، أضف إلى ما سبق الصعوبات المتعلقة بنوعية التعليم وعدم ملاءمة التكوين لمتطلبات سوق العمل كما أنه لا بد هنا من مواصلة وتكثيف الجهود في مجال محاربة الفقر ودعم اللحمة والحماية الاجتماعيتين وكذلك الولوج لخدمات الماء الشروب والكهرباء خاصة في الوسط الريفي”.
وقال الوزير إنه “في سبيل مواجهة هذه التحديات يتنزل إطلاق و تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك خلال السنوات القادمة وفقا للرؤية المستقبلية “موريتانيا كما نريدها 2030″، والتي تقوم على ثلاث مرتكزات هي:
ـ ترقية النمو القوي والمستدام والشامل
ـ تطوير رأس المال البشري والولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية
ـ تعزيز الحكامة بكافة أبعادها”.
وبين الوزير إن هذه الاستيراتيجية تجمع بين الطموح والواقعية، وسيتم تحقيقها من خلال خطط عمل خمسية تغطى أولاها الفترة 2016-2020 وستمكن من تعزيز المكتسبات واستكمال المشاريع الجارية ووضع أسس لقيام موريتانيا جديدة، في مناخ سياسي هادئ، وخلق بنية تحتية داعمة للنمو وظروف ملائمة لاستغلال الموارد الطبيعية. سيتم في هذا الإطار تنفيذ الإصلاحات الضرورية لتحسين مناخ الأعمال وترقية دور القطاع الخاص. وسيظل معدل النمو الاقتصادي خلال هذه الفترة في حدود 5% سنويا. كما سيشهد رأس المال البشري نقلة هامة.
وخلال الخمسية الثانية سيصبح الاقتصاد أكثر تنوعا وأكثر تنافسية وسيشهد معدل نموٍ فعلي في حدود 10% سنويا وستكون الموارد البشرية أكثر كفاءة وتحفيزا.
أما خلال الخمسية الثالثة فستظهر موريتانيا في وجهها الجديد إذ سيصبح معدل النمو الاقتصادي في حدود 12% بفضل اقتصاد أكثر تنافسية وشمولا، يتحقق فيه تراكم رأس المال المنتج وخفض دور القطاع غير المصنف ويكون أكبر قدرة على تحمل الصدمات.
وقد تم خلال حفل الافتتاح تقديم عرض عن الخطوط العريضة للاستيراتيجة من طرف المدير العام لمديرية الاستيراتيجيات والسياسات الاقتصادية السيد يحي ولد عبد الدايم، كما القت منسقة الامم المتحدة وكالة في موريتانيا السيدة هينك سترواس كلمة هنأت فيها الحكومة الموريتانية على المراحل المتقدمة التي قطعتها في سبيل اعداد هذه الاستيراتيجة.
للإشارة فإن الورشة تم افتتاحها بحضور كل من وزير الداخلية، ووزيرة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وتستمر لمدة يومين، وتضم ممثلين عن الإدارة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات المهنية المنتخبون والشركاء في التنمية، وقد تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث ورشات تبعا للمرتكزات التي تقوم عليها الاستيراتيجة.
وينتظر أن يثري المشاركون في هذه الورشات مشروع الوثيقة التي تم اعداده من طرف وزارة الاقتصاد المالية، كما سبق وتم نقاشها على مستويات الولايات الشهر الماضي من خلال ورشات جهوية تم القيام بها لهذا الغرض، على أن يتم رفع الصيغة النهائية للوثيقة إلى الحكومة الموريتانية من أجل المصادقة.