لا يحتاج العلامة لمرابط الحاج ولد فحفو إلي تعريف فهو علم من أعلام بلاد شنقيط وقد اقتبست شذرات من حياته وآىثاره بطريقة مختصرة بالرغم من أن امثاله لا تحصر حياتهم وآثارهم في سطور وإنما للإحاطة بها لابد من كتابة أسفار. لمرابط الحاج ولد فحفو ذالك الشيخ الوقور الذي يجلس على فراشه البسيط وفي كوخ متواضع بين العشرات من طلبة العلم.. يجلس بينهم ليملي على هذا “ثُمْناً” من القرآن الكريم، وعلى الآخر “قفا” من “مختصر خليل”. ويشرح لثالث نصاً في النحو. ويرد السلام على الزوار. ومن حين لآخر يقوم لإصلاح بعض شؤون الدنيا أو يأمر بذلك . ولا يتوقف الشيخ عن التدريس إلا مع ساعات الزوال الأولى ليستأنف العمل بعد صلاة الظــهر فـي “محظرة” “غلاغة” النائمة بين فكي جــبل فـي الناحية الغربية من “تكانت” وسط موريتانيا.
فيا له من جمال.. أراض شاسعة تملؤها الوديان، وخيام وأعرشة مباركة، وديار الآوائل الخاوية على عروشها الشاهدة على سطوة الموت وترقب العالم الآخر.. ذلك المكان الذي تتفتق منه التراتيل المعطرة تضيئ الفضاء بعظمة المكان: إلى شيخنا “الحاجي” إمام الهدى *** و مَن له الفضل فينا و المعارف
لنا الفخر أن نلنا بقـدرك رتبـــــة *** لقد عمّنا إنعـــــــامها و اللطائف
لمرابط الحاج ولد فحفو ذلك العالم الصالح الزاهد العابد القانت الذي حج على قدميه ماشيا بعد انتهائه من طلب العلم ثم رجع إلى قريته ليستوطنها حتى اليوم مناجيا ربه في أصقاع عزلتها الخلابة بعد رفضه الإستيطان بغيرها رغم الإلحاح عليه في الطلب..
والذي تجلى حبه للبقاع المقدسة في قوله:
هاجت هموميَّ ذكرى البيت والحَجَرِ *** والحِجْرِ والركن بالغَدَاةِ والسَّحَرِ
وبئر زمــــــزم فــــــي قلبي لها ذِكَرُ *** لله ما في الحشا من حَرْقَةِ الذِّكَرِ
وما صفا العيش بعــدما الصفا بعُدَتْ *** كلا ولا غاب شكلها عن البصر
وأختها مَرْوَةُ في القـــــــــلب لوعتُها *** كأنما يَصْطَلي شوقا على الجَمَرِ
يا لهْفَ نفـــــسي على أرض بِأَرْبُعِها *** تاتي الملائِكُ بالآيِ وبالســـورِ
ذلك الشيخ الذي رسخ حياته للعلم تعلما وتعليما، واختار العيش في تلك الأصقاع الطاهرة المتوارية التي تتغنى بالجمال والحياة.. والذي سار على نهجه رجال ونساء فضلوا ذلك الفقر الصافي المريح شعاره في ذلك قوله صلي الله عليه وسلم “يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها قنن الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن” وقد فر بدينه.
يصنف لمرابط الحاج ولد فحفو من بين الــ 400 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي لعام 2014م ، وجاء التصنيف بعد أن أصدر الباحثون والمتخصصون الدوليون القائمة التي تعودوا على اصدارها كل سنة والتي تبحث في الشخصيات الإسلامية ومدى وقوة تأثيرها في مختلف مجالات :”السياسة، والدين، والمرأة، والإعلام”. كل هذا رغم أن الرجل يقطن على هضبة تكانت قرب لعصابة على مشارف هضبة “كلاكة الشهيرة”
وأختم بهاتين الطرفتين الجميلتين حيث تنمان عن انقطاع الرجل للعبادة والزهد فقد قدم إلي الشيخ طالبا يدخن وكان يخفي الأمر عن الشيخ وشاءت الأقدار أن يسقط “بكط من سكاريت” بالقرب من الشيخ ويشاهده الشيخ الذي قام بتقليبه ودفعه إلي الطالب قائلا: “ولي أكبظ كلبتك”.
الثانية: أن أحدهم قال له في مرضه – شفاه الله – لا بد لك من الذهاب إلي العاصمة واتباع حمية غذائية واستعمال الأدوية واتباع نصائح الأطباء. فقال الشيخ ولد فحفو: لا أحتاج إلي كل هذا، ولكن لا بد لي من الموت ثم البعث، ثم الوقوف بين يدي الله تعالى ثم الجنة أو النار.
حفظ الله الشيخ وأطال عمره وشفاه إنه سميع مجيب.
وكالة كيفه للأنباء