يحتفل الموريتانيون بالذكري السادسة والخمسين للاستقلال الوطني في 28نوفمبر2016موأعينهم ترنوا لي مستقبل أكثر اقناعا،و اشراقا،وحقيقة،
وسلاما، وأخوة، ورخاء، ومحبة.
وهم يريدون في مواطنهم الهشة،وقلوبهم المخلصة الجواب علي سؤال: متي الاستقلال؟
1- موريتانيا لابد أن تتوجه الآن نحو استقلال حقيقي غيرمزيف،وأن تتعامل بحذر شديد مع الأزمات المركبة في عالم بلا حوكمة ،ودول وحكومات غارقة في الوحل:
لم تعد الدول خاضعة لإدارة السفارات الأجنبية أو الأحلاف العسكرية،كما يحتنك بعضهم اليوم،لأن تلك السياسات أنتجت ثنائية الاستبداد المقيت،والفقر في أبشع صوره،والذين يفكرون بهذا النهج: (ساسة ورجال أعمال،ومدراء أمن سابقين، ومخبرين للأجنبي بكل صوره وجنسياته) تحولوا الي حكومات ظل غارقة في الوحل في العراق ،و الشيشان ،وسوريا ،واليمن ومالي ،وليبيا، سيحدد الصراع مصيرها، ومصير دولها في هذا المستنقع ،الذي هو في الأصل نتائج سياسات تفكيك العراق ،وأخطاء الحسابات في ادارة الصراعات في الشرق الأوسط وافريقيا، وفشل المقاربات خصوصا في دائرة مربع صناعة تجارب الحروب (في لبنان، والجولان، وغزة، وسيناء).
هذا المأزق في أخطاره ونتائج أخطاء حساباته سقوط رئيس وزراء بريطانيا في الاستفتاء ،وفشل اكلينتون، وساركوزي في الانتخابات، وسوء إدارةأوردوغان والأسد لخلافاتهم، وتغول الأكراد وحكم شيعة العراق ضد السنة، وتراجع تجييش قطر للإعلام، وضمور نموذجي القطبين:( الحريري في لبنان وعباس في فلسطين ) ،ووصول الفكر الاستيطاني لناتانياهو في إسرائيل الي حده النهائي. وانهيارالمنظومة الدفاعية للغرب ودول افريقيا أمام شبكات التهريب، والجريمة المنظمة، وتمدد الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء..
كان كل طرف يناضل، في بادئ الأمر، من أجل تبني استراتيجية واضحة للتعامل مع مصالحه.، لكن بات واضحا الآن أن بوصلة صراعات المصالح في العالم ستستغرق وقتا أطول، وستتجاوز فترة الإدارات الحالية
بالتأكيد.
ولكن مثلما يتعين على الجهات الإقليمية الفاعلة أن تتحمل العبء الأكبر من القتال، يتعين أيضا على اللاعبين الإقليميين أن يخوضوا المعركة ضد تاريخ من الحروب العبثية صنعت من مظلوميات اضطهاد الفلسطينيين، وتجويع الجنود والفقراء السوريين واللبنانيين، والحرب الأهلية ضدالسنة في العراق، والحروب العبثية التي أنهكت المنطقة دواماتها والتي شملت عواصفها المدمرة نكبتي48 و67 وحرب73 ،وحروب الابادة ممثلة في صراع شط العرب، وعاصفة استرجاع الكويت، والحرب الأهلية في لبنان وثلاثة حروب في جنوب لبنان، وحرب غور الأردن، والحروب الداخلية المشتعلة الآن في العراق وسوريا وسيناء مصر وصحراء ليبيا، وانتهاء بعاصفةالحزم في اليمن، والكرة المتدحرجة خلقت أنظمة هشة في مالي، والسودان، ونجيريا، واتشاد، وبدأت تهدد تونس، والمغرب، والجزائر، حيث تتعمق تركمات وآثار حرب التحرير، وخمسينية الاستبداد في المغرب، وحرب الصحراء الغربية، والعشرية السوداء في الجزائر، وكما فشل الجدار العازل، وسياسات اغلاق وتوتير الحدود بين المغرب والجزائر، وبين موريتانيا والسنغال، وبين المغرب وموريتانيا، فان فشل الانفراد بالحلول لكل دولة بات جليا،ونتائجه قادت الي الفوضى وأحلاف حروب وهمية.
وقد أظهرت الأحداث التي شهدها أعوام2014-2016 أنه بغض النظر عن كل ما يحدث في أماكن عديدة من العالم، فإن كلا من الولايات المتحدة ،وروسيا ، وفرنسا ،وطهران، وأوربا، لا يمكن أن تنجو اقتصادياتهم، ومصادرهم البشرية ، من استنزاف الأزمات المتشابكة التي صنعتها استخباراتها في منطقة الشرق الأوسط.، والساحل الافريقي.
ولن تكون سنوات(2017-2019) مختلفة عن ذلك، وهذا يعني أن أزمة داعش، والإرهاب والعنف في دول الصحراء والمغرب العربي ، و الملاحة في البحرين الأحمر و المتوسط والمحيط الأطلسي، ستتجاوز مدد حكم حكومات أوباما ،وبوتين، وأولاند،وميركر غربا، والملالي في ايران، والهندوس في الهند، والعدالة بتركيا، ومحمد السادس بالمغرب وبوتفليقه بالجزائر جنوبا، وتتسلمها حكومات جديدة قد تعيد الحسابات، وقد تستخلص نتائج أو تحالفات مغايرة
علي موريتانيا أن تهتم بإحياء وتفعيل تجمعات التعاون بين دول المنطقة بما في ذلك مسار نواكشوط، ومنظمة دول الساحل ، و اتحاد المغرب العربي، ودول المجال ومنظمة غرب افريقيا ، والتعاون العربي الافريقي المشترك ،وأن تطلق مبادرات احياء خاصة بها مثل اتحاد علماء دول الساحل، واتحاد التجمعات الصوفية لغرب افريقيا، واتحاد منمي ومزارعي دول المجال ، واتحاد جامعات ودور نشر المغرب العربي، واتحاد قنوات القرءان الكريم في العالم الإسلامي.، وهيئة خبراء في مجالي الطاقة المتجددة ،ودراسة الأخطار والكوارث الناجمة عن الحروب بالوكالة ، أو الكوارث الطبيعية.
وهذا كخلاصة يعني ان بلدنا يحتاج الي الأمن والاستقرار والحوكمة ،اكثر من حاجته الي النظريات والدساتير المدبلجة
والأولوية الآن يجب أن تنصب نحو تعزيز برامج مكافحة الكراهية والفقر والعنف اللفظي والمادي للحركات ذات الأجندة الخارجية، وتقوية اللحمة والجبهة الداخلية بالانفتاح علي الجميع، أكثر من صراع قادة الأحزاب الضيقة. ، وجماعات استغلال النفوذ التي تحارب المصلحة العامة ، والعقول الوطنية النيرة، وأصحاب القناعات والرؤي الواضحة
2- إعادة تعريف المصلحة الأساسية للموريتانيين في الانفتاح وخاصية التفتح: في وقت بنت فيه المغرب عازلا ترابيا مع الجزائر عطل التنمية ومخرجات السلم لعقود،وبنت تونس حاجزا رمليا آخر طوله14 كلم بينها مع الجزائر بين ولايتي توزر التونسية والوادي الجزائرية، وشواهد جدار العز لمعروفة من ألمانيا الي الولايات المتحدة الي إسرائيل ضد الهجرات وضد عبور الشعوب المجاورة. ،فان بلدنا ليس بحاجة الي أي جدار للعزل لأنه مؤسسة منفتحة تقدس الحرية وحسن الاستقبال، وفي الأصل هو تركبة من الهجرة والفتوحات الإسلامية، وقيم تعايش راسخة وجديرة بالاحترام لأنها خصوصيتنا الثابتة.
وقد عززت الحالة المدنية البيومترية، وانفتاح محاظرنا لعشرات القرون، وتمدد حركاتنا الصوفية، ورحلات قوافل الحج والتجارة، ومواسم الانتجاع بحثا عن الكلأ، وحرية الرأي عندنا من مدرسة الانفتاح هذه.
فكيف ننفتح علي الغريب، وننغلق عن القريب، ولماذا تحاول جهات أن تجعل حياتنا السياسية نكدا،أو تجعلنا لهذا الحزب أو ذاك المتنفذ عبدا.
تعس عبدة الدينار و الدرهم
وانتكس عبدة الشهوة والشهرة والشمشمة وعدم الصحو
ومار المنقلبون علي القيم مورا
لقد اختار شعبنا في الاستفتاء الأول الاستقلال عن المستعمر، وخرجت الينا من رحمه دولة الاستقلال الأولي
ولقد اختار شعبنا في مرحلة تاريخية اخلاء السجون من المعتقلين السياسيين وطرد العلم الصهيوني وغلق وكرها النجس، وخرجت الينا من رحم ذلك الخيار دولة الاستقلال الثاني
واليوم نحن نتطلع الي أن نرسم معالم دولة الاستقلال الثالثة
-دولة النأي بالمصلحة العامة عن المستكبرين والطغاة، سواء كانوا رؤساء أحزاب مشخصنة، أو مهربين كبار، أو منظرين للاستبداد، أودعاة الكراهية والعنف ضد ديننا وثقافتنا، أو المدهنين للمستهزئين سرا أو جهرا، أو الذين يمكرون بالخيرين من شعبنا ليلا ونهارا وسرا وجهارا.
– دولة الفقراء
– دولة الشباب
– دولة المئذنة والمحظرة
– دولة الأمن والسلم والاستقرار
-دولة موريتانية لاشرقية ولاغربية
– دولةالسلم مع الجيران ،ومع أبنائها البررة في كل أنحاء البلاد
– دولة تحترم أهلا لكفاءة والصدق والعفة.، لأنها ثلاثية دولة الاستقلال الثالثة.،لا يطلب أهلها الا ماطلبه أجدادهم (شبرا واحدا فوق هذه الأرض، مع كفن أبيض خال من كل عار،يضحك له الرحمن، حين يجيب جوابا صحيحا عن من هو سيد ولد عدنان).
بلدنا اليوم مجددا ليس بحاجة الي أي جدر أو أحزاب أو حكومات
عازلة،لأنه مؤسسة منفتحة تقدس الحرية وحسن الاستقبال،لا مكان فيه لغير الأحرار، لأنه في الأصل تركبة مكونة من الهجرة الحسانية، والفتوحات الإسلامية،وقيم تعايش راسخة،وجديرة بالاحترام لأن الحرية و الانفتاح هم خصوصيتنا المتجذرة.
دروس اترامب، ومبارك، وساركوزي، والقذافي، وأوردغان، والأسد،وعالي عبدالله، والحكم الذاتي لا فلام ،والحريري،وإعادة انتاج حكومة بنكيران، والتغيير المفاجئ في لندن،ومدريد،وباماكو، وغامبي وحركات الغلو مثل :ماسينا، وأنصار الشريعة ، وأنصار الدين ، والملثمون من حركة المرابطين ،و متغيرات الأوضاع في : تونس،ودمشق،والقاهرة،واتشاد، والخرطوم، والجزائر، وجنوب السودان ،تؤكدلنا هذه الدروس والتجارب،أن دولةالاستقلال الثالثة يجب أن نبنيها علي أحزاب منفتحة، وحكومات متفتحة. ،فالعالم أغلق أبواب الأحزاب المظلمة،وأنهي أي دورللحكومات المشخصنة، وأدار ظهره لدعاة الصراعات الموهومة ، ومشعلي الحروب الخفية أو الحروب بالوكالة.
رأس الأمر عقلاء،مجربين، مسالمين، لايشون بالبريء ، ويعفون عن كل مخطئ ، ويقبلون الاستماع بتؤدة لخصومهم ، ويقدرون جراءة المظلوم في الصدع بالحق.
والا فماذا أفاد الحشد الشعبي للمالكي في العراق غير أتون الصراع العبثي ، وهل نجحت تجربة رئيس الحزب الواحد بمصر مبارك، ومن ذكرنا من الغابرين الذين أرادوا بناء القصور وحدهم ، ورسم السياسات وحدهم، والحكم علي كل رأي مخالف بالإعدام أو الاقصاء.
دولة الاستقلال الثالثة لا تحترم الأحزاب المغلقة ، والحكومات المشخصنة.، بل تحترم إرادة الشعب،وقوة الحق.،لأن الأغالبة جعلوا شعارهم : لا غالب الا الله