
في عام 1998، التُقطت واحدة من أندر الصور العائلية في التاريخ؛ صورةٌ لامرأة مسنّة تُدعى سارة كنوس (Sarah Knauss)، بلغت من العمر آنذاك 118 عامًا، تحيط بها خمسة من أبنائها وأحفادها وذريتها، في مشهد نادر جمع ستة أجيال في إطارٍ واحد.
لكن هذه الصورة لم تكن مجرد لحظة عائلية عابرة… بل وثيقة حيّة تختزل قرنًا من الزمان.
وُلدت سارة في 24 سبتمبر 1880، في زمن لم تكن فيه كهرباء منتشرة، ولا طائرات في السماء، ولا هواتف في الجيوب. عاصرت قرنين من الزمان، وشهدت تولي 22 رئيسًا أمريكيًا، ورأت العالم يتحول من عربات الخيول إلى رحلات الفضاء.
كانت شاهدة على ولادة أعظم الاختراعات؛ من المصباح الكهربائي، والسيارة، إلى الإنترنت، بل وعايشت لحظة مشي الإنسان على سطح القمر، بعدما وُلدت قبل اختراع أول طائرة بعدة أعوام!
الصورة التي التُقطت لها عام 1998 وهي محاطة بعائلتها لم تكن مجرد ذكرى عائلية… بل كانت سلسلة بشرية حية تبدأ من امرأة وُلدت في القرن التاسع عشر، وتمرّ عبر أبنائها وأحفادها وأحفاد أحفادها، وصولًا إلى أطفال وُلدوا في تسعينات القرن العشرين.
كانت هذه الصورة بمثابة سِفرٍ إنساني مفتوح، لا يُقرأ بالكلمات، بل بالوجوه والملامح، والأنفاس المتعاقبة عبر الأجيال.
واصلت سارة حياتها بعد تلك الصورة حتى توفيت بهدوء في 30 ديسمبر 1999، عن عمر نادر بلغ 119 عامًا و97 يومًا، لتُصبح بذلك واحدة من أطول من عاشوا في التاريخ الحديث، ثانيًا بعد الفرنسية جين كالمان.
لم تكن صورة ستة أجيالٍ حول امرأة واحدة مجرّد لقطة فوتوغرافية… بل كانت لحظة توقف فيها الزمن، وتجسّدت فيها قرونٌ من الحياة والذكرى، في ابتسامةٍ صامتة، ونظرةٍ دافئة، ويدٍ تمسك بالأخرى عبر الزمن