الأخبار

لمحة قصيرة عن الوالد عبدالله افاه رحمه الله تعالي

ًسلام من الله عليكم

لمحة قصيرة عن الوالد :

إخواني أخواتي قد لا أوفق وأنا أكتب هذه الأسطر عن والدي “عبدالله افاه رحمه الله تعالي إذ تنتابني عند أي محاولة للكتابة عنه مشاعر تميل بيّ إلي ترك الموضوع لأسباب وجيهة أولها أني أعرف كل المعرفة أني لن أوفيه حقه أبدا ، لكن في نفس الوقت يجعلني حجم ما أعرفه عنه من خصال حميدة و موروءات كثيرة مرغما علي مشاركتم إياه كي تترحموا و تجتهدوا في الدعاء له بأن يبوأ به أعلى مراتب الجنان ومنازل الشهداء والصالحين.
– الوالد رحمه الله تعالي حافظ لكتاب الله من صغره لم يفتر يوما عن قراءته والصلاة به، حريص علي إقامة الصلاة في وقتها لايشغله عنها اجتماع ولالقاء تراه ينتظر الصلاة بعد الصلاة ولا يرتاح إلا بعد إتمامها كاملة يراعي في ذالك سنة المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام . كان صواما قواما حتي في المناطق النائية وفي لهيب الصحاري – رغم سهولة الأعذار- مما دأب عليه أهل البلد لا يأبه لذالك يصوم رمضان ويقومه ينتظره بلهف وشوق كبيرين من سنة لأخرى .
– يؤدي زكاة ماله ويزيد على ذلك يشهد له بذلك القائمين على دوابه ومزارعه .. الحج وما أدراك ما الحج وذلك الشوق العارم للحبيب المصطفي ولطيبة ومكة المكرمة حج مرتين واعتمر مرتين وكنت مرافقا له في حجته الأخيرة سنة 2012 ، كانت حجة ميمونة تمكنا فيها وبسبب تأخر إجراءات العودة من المكوث بمكة أياما عديدة صلينا فيها بالحرم المكي صلوات كانت مصدر حمد وسعادة عارمين حيث كان يقول لي لم أحظ دائما بالمكوث بمكة وقتا كهذا كنا أثناء انتظارنا للعودة نفضل المدينة وما أدراك مالمدينة كنت ألاحظه وأنا المشفق عليه نظرا لضعفه أثناء تأديته المناسك يغيب في عالم آخر من التوجه والإخلاص لله عز وجل حتي أني في بعض الأحيان أحاول عبثا قطع تبتله خوفا عليه من الإرهاق الشديد البادي جليا عليه فلا أجد سوي الصد والانتظار.
– الصدق عنوانه المضل معنا، دائما أسمعه وأشاهده حريصا أن لا يلتزم أو يعد أي فرد طفلا صغيرا كان أو راشدا إلا والتزم بذلك الوعد كان حريصا أن لا يقول إلا الحق لا يخاف في الله لومة لائم …-
– الكرم كان يقري الضيف ويطعم الطعام ويسقي الظمآن كان يؤثر على نفسه. ينفق ماعنده اليوم لا يخاف من الغد إذا تأكد له أن المال ماله لا يهمه نفاده الهاجس الوحيد هو أن يكون المال للغير عندها تراه يكبح ذالك الجماح الفطري
– الوفاء عنوان بارز في شخصية الوالد لم تثنه الوظائف ولا الحظوة عن صداقاته القديمة (ماقبل الدولة) يرتاح لهم ويرتاحون له وفيُّ لأقاربه وأصدقائه و لحلفائه وأهل الوصية من المسلمين حتي أن ورده من الأشخاص المتوفين منهم طال حتي أصبح يأخذ منه الجهد والوقت الكثير ….
– الأمانة هو العفيف القنوع كان يعجب بأهل الأمانة ويغرسها غرسا في أهل بيته وخاصته كان يتلقف أي شهادة سمعها بهذا الخصوص عن أحد منهم بكل سرور واعتزاز.
– الشجاعة لم ألاحظ يوما أن الخوف وجد طريقه إليه إلا من الله أسمعه يقول إنه عند تنفيذ القرارات والأوامر الإدارية التي تتطلب عادة القوة ومايصاحبها من ردة فعل يلزم نفسه أن يكون في الأمام لكي لا يتراجع و يتخاذل أفراد العسكر ، علما أنه خدم في مناطق حساسة من شنقيط و وادان أثناء حرب الصحراء 1976-1977م ، والضفة أثناء الأحداث الأليمة 1989م. كان بصفته الشخصية عضوا في لجان شبه عسكرية شكلها رجال مدينة شنقيط للدفاع عنها وقد استلم سلاحا ناريا (G3) مكافأة على ذلك من القائد محمدلمين ولد الزين رحمه الله ‘في أحداث 1989 الأليمة وقف سدا منيعا ضد النيل من المواطنين الأبرياء في مدينة مونكل رغم الهجمة المفاجئة والكبيرة من سكان المدينه على قرية الفولان المجاورة للمدينة بعد وصول الأبرياء الموريتانيين المسفرين وهم في حالة يرثى لها من السينغال ،رغم ضعف الإمكانات وقلة أفراد الحرس استدعى الوضع إطلاق نار تحذيري مكن بفضل الله من صد الهجوم . لكن سكان القرية من نساء وأطفال وشيوخ تركوها هربا إلى الصحاري مما استدعي جمعهم من مسافات بعيدة حيث قضوا ليلتهم عندنا في المنزل معززين مكرمين بعد قدوم قوات الدعم من عاصمة الولاية ، أمثلة بسيطة من تفاني الوالد رحمه الله تعالي وخدمته للوطن الذي آمن به وخدمه طيلة 35 عاما كانت كلها تضحيات وقد كان رحمه الله يحس بظلم الإدارة وبعض الأنظمة المتعاقبة لكن لم يهن ولم يحد عن نهجه القويم المتسامح بعيدا عن الشطط وحب النفوذ .
لقد زرع فينا غريزة حب الوطن وحب الخير وحب الاخر وتقبله بحكم عمله في مختلف أنحاء الوطن يعتبر موريتانيا كلها أهلا ووطنا
خدم و بذل في كل مقاطعة وعاصمة ولاية بكل تفاني وإخلاص وترك انطباعا جميلا عند سكانها بمختلف أطيافهم وشرائحهم .
عند بلوغ سن التقاعد كان راضيا ولم يزاحم من أجل تدوير ٍأو منصب كان راضيا منشغلا عندما أقول له اتصل بهم من أجل منصب يقول لي أنا لا أملك الوقت لذالك فعكف على تصحيح ودراسة ماتيسر فقها وسيرة وتفسيرا حتي أصبح فقيها سيريا بشهادة أهل العلم من العلماء الربانيين العاملين عاش عمرا جميلا مبجلا مكرما ربي ولله الحمد الأبناء والبنات والأحفاد وأكرمهم وتعلقوا به …

نسأل الله أن يبدِلهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ،ويدخله جنة الفردوس.

توفي يوم 20 ربيع الأول1344هجرية الموافق 16/10/2022 عن عمر بلغ 86 عاما في مدينة انواكشوط وصلي عليه بحضور جمع غفير من أهل الفضل ودفن بمقبرة كرو بجنب والدته وجدته مع الأقارب والصالحين .

فجزاه الله عنا خير الجزاء وتقبل منه صالح الأعمال.

كرو يوم الاربعاء 2/11/2022

المين عبدالله افاه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى