مقالات

وزير الصحة و”الميزان” / حبيب الله ولد أحمد

كفتا “ميزان” التلفزة الموريتانية ليلة البارحة بدأتا بالإهتزاز مع مقدمة نارية حول واقع قطاع الصحة فى البلاد ووصلتا ذروة الاهتزاز بمجموعة صور “نظيفة” لبعض المنشآت الطبية والتجهيزات الحديثة كأنه أريد لبرد تلك الصور التى اختتم بها البرنامج أن يطفأ حر المقدمة النارية لمقدمه.
اعتمد وزير الصحة استراتيجية ذكية فى الرد على محاوره بهدوء ودون كبير انفعال أوتشنج فالمشاكل التى تطرح فى القطاع إما أنها مبالغات لاتصمد أمام الواقع أوأنه تم تجاوزها أوبقي منها القليل فى طريقه إلى الحل .
رسم الوزير صورة جميلة لواقع القطاع وبثقة تامة طلب من الحاضرين الذين يعرف أنهم جاءوا للجلوس أمام الكاميرا وليس للحديث أن يردوا عليه فى حالة أنه تحدث عن معلومات غير دقيقة عن قطاعه.
غابت أسئلة جوهرية كثيرة عن اللقاء كماغابت الأجوبة المقنعة على معظم الأسئلة المطروحة.
رغم حديث المقدم عن الصحة القاعدية إلا أن البرنامج اهتم فقط بالمستشفيات وأهمل النقاط والمراكز الصحية حتى فى العاصمة حيث البؤس والمعاناة وضعف الوسائل والإهمال وتدنى الخدمات
لم يوفق الوزير فى جوابه عن سؤال يتعلق بالأدوية الاستعجالية فى أقسام الطوارئ وماقاله الطبيب صاحب السؤال صحيح فمعظم الأدوية حتى الأساسية والحساسة تستجلب من صيدليات القطاع الخاص وصيدليات المستشفيات لاتوجد بها أدوية باستثناء قليل من المسربات وقطع الشاش واللاصق ومحاليل التغذية الوريدية ويمكن للوزير التأكد من ذلك بنفسه اليوم وليس غدا
طرحت بعض النقابات بعض مشاكل القطاع العالقة بينما فضلت نقابات أخرى الحديث عن تهميشها من طرف الوزارة فى لجانها المختصة وعموما كانت النقابات أليفة وباردة الطرح أمام الوزير وهو أمرمفهوم “سياسيا” وليس “نقابيا”
حديث الوزير عن وجود مايكفى من الأطباء خاصة فى مجال أمراض الفم والأسنان ليس دقيقا ولاموضوعيا تماما كعجز الوزارة عن تحويل طبيب عيون إلى مستشفى لكوارب وهي تكدس أخصائيى العيون فى العاصمة وفى البرامج الصحية الوهمية التابعة لها وعجز الوزارة عن تفعيل جهاز مراقبة الجودة
يحسب للوزير أنه كان هادء وواضحا والتزم الوقار طيلة الحلقة ومن أهم النقاط التى نجح فى توضيحها
إلزام عمال الصحة المحولين حديثا بالذهاب إلى الداخل أومعاقبتهم وفق القانون وهذا شيئ جيد فعلا
فتح منفذين فقط للأدوية المستجلبة الى البلادوهما المطار والميناء ومصادرة كل الأدوية القادمة من منافذ أخرى
التفكير فى إنشاء معهد للتمريض بدلا من مدرسة الصحة العمومية بنواكشوط
تسوية الوضعيات المالية لدفعات الممرضين الأخيرة
تنظيم قطاع الصيدلة
التفكير فى سد النقص الحاصل عن غياب وكلاء “أكنام” ليلا عن المستشفيات
نقل الأدوية ذات الاستعمال المديد لصلاحيات “كاميك” للتأكد من جودتها ومصدرها
وختاما يمكن القول إن الوزير خرج من الخلقة بأداء “سياسي” قوي ومتماسك على حساب الأداء التقني الذى كان ضعيفا ومهزوزا ويشفع للوزير أنه غير متخصص فى القطاع وذلك ما أوضحه بشجاعة لكنه حتى الآن كان الأقوى حضورا وثقة بالنفس و”لحلحة” وإلماما بقطاعه ومشاكله من بين كل الوزراء الذين مال بهم “ميزان” التلفزة الموريتانية وللأمانة فوزير الصحة الحالي رجل ميداني كثير الزيارات للمؤسسات التابعة له ويزورها أحيانا فى أوقات خارج الدوام الرسمي صباحا ومساء ولديه إرادة حقيقية لفعل شيئ فى القطاع لكنه ككل الوزراء محكوم ببطانة من 5 أشخاص تعيق كل جهود الإصلاح ولاتسمح بإنفاذها وهي تتحكم فى الوزارة ومنذعدة عقود وتخالط فواصلها ومفاصلها مخالطة اللحم للعظم.

من صفحة الكاتب على الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى