الأخبار

هل تلصق تهمة خيانة السيادة الوطنية في حق وزراء ARISE (قراءة قانونية)

كثر هم الساسة الذين يتعاقدون مع شركات عابرة للقارات بعد التنازل عن الحصانة التنفيذية التي تعتبر من ركائز السيادة الوطنية على سبيل العقد المبرم بين الدولة الموريتانية وشركة “أرايز موريتانيا خفية الاسم (ARISE Mauritanie-sa) تحت عنوان “عقد امتياز” (Contrat de concession)والمتضمن تعريف المتعاقد مع الدولة بالحائز على الجنسية الموريتانية، وبصفته فرعا لكيان موجود مقره فى جزر الموريس دون الكشف عن رقم سجله التجاري ولا رقم تقييده الجبائى ولا الإدلاء بوثيقة تفيد إجراء تعديلات فى سجل التجارة المحلى للشركة الأم، كل ذالك مع عيوب تتخلل تمثيلية الدولة بواسطة الوزراء الموقعين باسمها ونيابة عنها وتجعل تلك التمثيلية محل مطعن يؤيده ما شاب العقد من خروق جوهرية . التنازل عن الحصانة التنفيذية تنص المادة 29-5 من الاتفاقية على أن الدولة الموريتانية تتعهد دون شرط ولا قيد وبصفة نهائية بالتنازل عن كل حصانة بما فيها “الحصانة التنفيذية” كما تتعهد بعدم الاعتراض على أي إجراء بالتنفيذ الجبري قد يمارس ضد ممتلكاتها من طرف الشركة المتعاقدة، مهما كان شكل ذالك الإجراء : سواء أكان حجزا تحفظيا، حجزا تنفيذيا ، قرارا تحكيميا..إلخ كما تنص المادة الموالية 39-6 على أن ترتيبات النص 29-5 تبقى سارية المفعول ولو بعد فسخ العقد التمييزي، ومن المفارقات اختيار الأطراف غرفة التجارة الدولية بباريس كهيئة تحكيم ، فيما يعقد الاختصاص عرفا فى التحكيم إلى المركز الدولي لتسوية النزاعان المتعلقة بالاستثمارات (CIRDI)، ثم إنه اختيار يشيد فى نفس الوقت بقبول الأطراف وموافقتهم على منح العقد صبغة تجارية وكنتيجة حتمية ، تجريد الدولة من خصائصها السيادية ولكل هذه الأسباب كان حريا بالسلطة المتنازلة أن لا توافق على التحكيم الدولي لتأثيره سلبا على السيادة الوطنية بالنظر إلى بنود العقد كما أن الجنسية الموريتانية للأطراف ومكان تنفيذ العقد المحدد فى الحوزة الترابية الموريتانية يعتبران سببين قانونيين مؤيدين لاختصاص المحاكم الموريتانية فى فصل النزاعات المتوقعة. من جهة أخرى ينص العقد على أن الديون التي تطالب بها شركة أرايز (ARISE sa) الدولة الموريتانية يمكن توظيفها من طرف الدائن كوسائل وأدوات تمويل أو إقراض كما يحق للشركة تأمين تلك الديون بكافة الوسائل ( كفالات، رهون حيازة للعقارات أو المنقولات، رهن السندات ، رسائل ضمان، حوالات ديون..إلخ ) مع إعفاء ضريبي شامل والتحصين من إجراءات التوثيق و أتعاب الموثقين، ثم إنه يعود إلى السلطة التقديرية للشركة تقييم استثمارها وإذا سجلت نتيجة سلبية من منظورها، جاز لها فسخ العقد دون إخلال بحقها فى تعويض يغطى الأضرار التى تعرضت لها مقابل حجم الاستثمار، والمبالغ التى رصدت من أجله وإن لم تصرف، الفوائد والتكاليف المستحقة لحاملي الحصص فى الشركة على كافة الأصعدة بما يشمل الشركة الأم وفروعها، تعويضا عن خسارة الأرباح المتوقعة بناء على خبرة تعد مراعاة للفارق بين حجم الاستثمار الذى تم إنفاقه والتدفق النقدي للفترة محل التدقيق، مع إلزام الدولة بتسديد مبلغا جزافيا يساوى 50 مليون دولار امريكى ، بالإضافة إلى تعويضات مختلفة ، على أن تكون كافة المبالغ بخصوص التعويض معفية من الضرائب، كل ذالك طبقا للمادة 19-2 من العقد السيادي. عدم الأهلية لدى الشركة فى الحصول على العقد . إن القصد من تقييد الشركة فى السجل التجاري الموريتاني بهدف الحصول على الجنسية الموريتانية هو أن تتوفر لديها الأهلية القانونية للفوز بالعقد السيادي الذي يعتبر من ضمن عقود الشراكة العمومية الخاصة (Partenariat Public Privé PPP) التي لا تمنح إلا للمستثمرين حاملي الجنسية الموريتانية طبقا للمادة 9 من القانون رقم 2017-016 المتعلق بالعقود بين القطاعين الخاص والعام وهذا ما تؤكده المعطيات اللاحقة حين اختارت الدولة التعاقد مع ارايز (ARISE) بموجب مسطرة التفاوض بعيدا عن كل إعلانية ومنافسة خرقا للشروط المنصوص عليها والتى فى غيابها لا يجوز الجوء إلى مسطرة التفاوض وهذه الشروط هي حصرا: – أن تكون تلبية الاحتياجات مرتبطة بحصول المتعاقد مع الدولة على براعة اختراع، أورخصة، أو حقوق محتكرة عليه. – للتصدي لظروف استثنائية ناتجة عن كوارث طبيعية. – فى سبيل تعاقد السلطة مع من تمارس عليه رقابة وصاية شبيهة للتى تمارسها على المصالح التابعة لها أو أن تكون الأعمال محل العقد لصالح المتعاقد مع الدولة مقابل تطبيقه الحرفي لمضامين القانون (آنف الذكر). -لأسباب تتعلق بالدفاع الوطنى أو الأمن العام. هذه الشروط غائبة، مما يجعل العرض بالمزاد العلني والأخذ بالمنافسة كان أكثر انسجاما مع أحكام العقد محل النظر، فمن المستبعد أن يكون اختيار ارايز (ARISE) مؤسس على معايير أمنية لارتباط هذه المعايير ارتباطا عضويا بالسيادة القومية، كما أنه لم يثبت أن الشركة اختيرت للتصدي لكوارث طبيعية،ولا من اجل إخضاعها لأية سلطة ولائية من طرف الدولة، كما أن الشركة لم تتدعى ملكية فكرية ولا احتكار حقوق معينة تميزها عن المستثمرين المسجلين في موريتانيا. من جهة أخرى، فإن تطبيق المادة 9 من القانون الذي تم عرضه سالفا كان كفيلا بإقصاء شركة ارايز (ARISE) من المناقصة باعتبار شروط تسجيلها فى موريتانيا لا تحترم الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 42 من القانون التجاري الموريتاني التى ترتب على تسجيل فرع شركة أجنبية بموريتانيا أن يعلن عنه بطرق الإشهار القانونية فى شكل تعديلات تجرى على السجل التجاري للشركة الأم. هذه الإجراءات التى من شأنها منح الجنسية الموريتانية لشركة ارايز (ARISE) لم تحترم ، مما يحول دون أهليتها للفوز بالعقد محل النظر. كل هذه الخروقات وهذه التجاوزات لم تفت على الوزراء الثلاثة الذين وقعوا الاتفاقية المثيرة للجدل محمد ولد عبد الفتاح والمختار ولد اجاي ومحمد عبد الله ولد أوداعه لكنهم لم يعبؤوا بالسيادة الوطنية ولم يلقوا بالا لمصلحة الأمة الموريتانية، وبين تصرف هؤلاء وما حصلت عليه (آريز )من امتيازات ، يبقى المواطن الموريتاني يتابع الأمر بمرارة وينتظر القرار الذي تتخذه اللجنة البرلمانية التي تحقق قي عدة ملفات يعد هذا الملف من أكثرها أهمية وإثارة.

المراقب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى