مقالات

الاستقلال … والإستغلال … والاستهلال …

حق لكل موريتاني أن يفرح بفجر الاستقلال إنه فجر الحرية وعبق النصر إنه ثمن دماء الأبطال الذين ماتوا فداء للوطن ، والاحتفال به وفاء لهم ولدمائهم الزكية، فتحية لكل جندي على أديم تلك الأرض أو تحت ثراها الطيب بعد نيل الشهادة وهي المبتغى .
لكن إلى متى سنبقى نحتفل دون الوقوف على حقائق الأشياء وجوهرها؟ إن الاستقلال هو دحر للعدو من أجل أن تتمكن الشعوب من حريتها وتدبير شأنها دون وصاية من أحد ، فهل وجدنا يوما طعما لهذه الحقيقة؟ أي تدبير أمرنا بأنفسنا وجعل مقدراتنا سببا في سعادتنا لا في شقائنا …
هل تعليمنا ينم فعلا عن استقلالنا ؟ لماذا كتبنا دستورا و اخترنا عنوانا جامعا مانعا وهو الجمهورية الإسلامية الموريتانية .
فلنظر إلى تعليمنا لكي نستشف من خلاله مدى استقلاليتنا عن المحتل الفرنسي وهل وفينا بعهد الشهداء أم أننا ارتمينا في حضن العدو وخذلنا وعدهم ؟
سنبدأ من برلمان الأمة الموريتانية الذي تتنازعه لغة المحتل الفرنسي مع لغة البلد الرسمية حيث ينقطع تيار الفهم بين المنتخبين أنفسهم فلولا الترجمة الفرية لكان حوار صم لا أحد منهم يسمع الآخر ، مع غياب ترجمة اللغات الوطنية وهي أولى بالعناية من لغة الجلاد فهل مخرجات تعليمية لدولة تحتفل بعامها الثامن والخمسون عاجزة عن نسج مجتمع بلغة نسجت أمة وتكلم بها رب العباد؟ فهل يا ترى عجزت لغة الضاد العالمة عن بناء جسر بين بلد لا يزيد سكانه على الأربع ملايين ؟
هناك فرق شاسع بين الاستقلال والاستغلال من حيث البناء والمعنى وإن كان اختلط قافنا بغيننا كما اختلط حابلنا بنابلنا .
فهل هناك فرق بين العدو الأجنبي والعدو المحلي خاصة إن كانا يلتقيان في ملتقى فعل الاستنزاف ؟ فلا فرق بين محتل فرنسي يستنزف ثروة بلد ويجوع أبناءه وبين مواطن فاسد يدمر البلاد والعباد كما دمرها المحتل بل وأسوأ من المحتل أحيانا .
من هنا يجب على الحكومات الموريتانية الحالية واللاحقة أن تتحمل مسؤولياتها وتعلم أننا نحس بالاحتفال برحيل فرنسا عن المشهد ظاهرا لكن أعوان فرنسا وسياسة التعبية لم تتركننا نذق طعم الاستقلال .
فالفساد واستنزاف الثروات وغياب الأمن والصحة والتعليم أمور من بين أخرى تؤكد الإبدال والإعلال بين القاف والغين .
أعود إلى عنوان بلدنا المركب تركيبا إسناد يا و وصفيا من الجمهورية الإسلامية الموريتانية فهل استفدنا من هذا العنوان الذي استظل به المؤسسون وقد أحسنوا صنعا ؟
جمهورية إسلامية أهلها تتفشى فيهم الشرائحية والعنصرية والظلم وغياب العدل و يقبعون في مؤخرة ركب جيرانهم خدميا حتى من أنهكتهم الحروب الأهلية عافانا الله وإياهم أحسن بنية تحتية منا وأحسن حالا منا فلماذا هذا الاستغلال وأين يتجلى الاستقلال ومن أين نستشف أسلمتنا التي ندعي ؟
فقبل أن ينصت لأمر الدستور الموريتاني ويعرب التعليم وتجسد العدالة الاجتماعية فلا قبل لنا باحتفال حقيقي لأننا أمم في أمة لا يفهم بعضنا بعضا ولا ينصف بعضنا بعضا .
فنطالب باستهلال جديد وجمهورية جديدة عنوانها الاستقلال لا الاستغلال تنموا وتكبر ويسعد سكانها جمهورية للحب والنماء جمهورية إسلامية فعلا ، نتمنى لكل مواطن موريتاني عيد استقلال حقيقي يحس بأنه استقل عن الظلم والقهر والطبقية استقل من المحتلين الجدد الذين قضوا ثمان وخمسون عاما يتبادلون الأدوار دون أي استقلال حقيقي ودمتم ودام الوطن بألف خير .

الحامد أحمد جباب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى