مقالات

تصْنٍيفُ الأَحْزَابٍ السٍيًاسٍيًةٍ المُرَشًحَةٍ لٍوُلُوجٍ البَرْلَمَانٍ المُقْبٍل / المختار ولد داهي

تستقطب “الانتخابات الثلاثة” المقبلة أَبْصَارَ و بَصَائرَ كافة الموريتانيين و خصوصا الانتخابات البرلمانية التي تَتَنَزًلُ في “سياق ديمقراطي موريتاني غير مسبوق” و ستُفضي إلي انتخاب برلمان ذي غرفة واحدة يتمتع بصلاحيات تشريعية و رقابية “قبلية و بعدية” أوسع و هو ما يفسر التضخم العددي المزعج للمترشحين و التنافس الحزبي العريض، الواسع الموصوف إعلاميا بالخارج علي كل العُقُلٍ و الضوابط و الروابط.

و سعيا إلي الإسهام في إنارة الرأي العام حول ملامح المشهد البرلماني المقبل، إسهاما خلْوَا من الدعاية و التسويق يتحاشي ذكر أسماء الأحزاب رَهَبَا أن يُعطي حزبٌ غير حقه أو يُغْمَطَ حزبٌ آخر مُسْتَحَقًهُ سأحاول فيما يلي تصنيف الأحزاب السياسية الموريتانية المرشحة لولوج البرلمان المقبل إلي فئات من غير مراعاة للترتيب علي أساس عدد البرلمانيين الذين قد تستطيع كل فئة تعبئتهم:

أولا- الأحزاب “واسعة الانتشار الوطني”: لعله من المتفق عليه أن الأحزاب السياسية التي تتميز بانتشار واسع علي كافة التراب الوطني مُقاسا بتقديم ترشحات بلدية و برلمانية و جهوية في كامل الدوائر الانتخابية أو أغلبيتها الغالبة ستكون من أوفر الأحزاب تمثيلا عدديا بالبرلمان المقبل من بوابات اللوائح الوطنية و من بوابة الدوائر المقاطعية الممثلة بأقل من ثلاثة برلمانيين خصوصا؛

ثانيا-الأحزاب ذات التجربة النضالية المديدة:و يقصد بها تلك الأحزاب السياسية ذات التجربة المديدة و المريرة )ربع قرن فما فوق من العمل السياسي( عموما السري منه و “الجهري” و العمل السياسي المعارض السري منه و الجهري خصوصا و التي يقودها بعض أعلام و مشاهير النضال السياسي بالبلد.و يكاد يكون من المتفق عليه أن هذه الفئة من الأحزاب ستمثل بالبرلمان المقبل من بوابة اللوائح الوطنية علي الأقل.

ثالثا- الأحزاب ذات الخلفية الشرائحية: و المعني بها الأحزاب التي تجعل من “القضية الشرائحية” رأسمالها السياسي و “لاَزٍمَةَ” خطابها السياسي معولة علي استدرار و استنفار و تهييج “التصويت الشرائحي” من أجل حشد التصويت لفائدة مرشحيها و غير مستبعد لدي جل المراقبين أن بستطيع الخطاب الشرائحي العاطفي تعبئة العديد من الناخبين بما يسمح بولوج البرلمان من بوابة اللوائح الوطنية من طرف بعض “رموز النضال الشرائحي” من خلال واجهات حزبية متعددة ؛

رابعا- الأحزاب ذات الخلفية القومية العربية:و أعني بها الأحزاب السياسية التي تُقرأ أو تُفهم المرجعية القومية العربية من نصوصها التأسيسية و وثائقها المرجعية أو من التاريخ النضالي لقادتها المؤسسين، و يُظهر استقراء الأحزاب “متوسطة عدد الترشيحات البرلمانية” وجود أحزاب يمكن وصفها بالأحزاب ذات الخلفية القومية العربية ؛ و لن يكون من المفاجئ بالنسبة لجمهور المراقبين أن تمثل تلك الأحزاب بالبرلمان المقبل من بوابة اللوائح الوطنية ؛

خامسا- الأحزاب ذات الخلفية القومية الزنجية )الإفريقية السوداء(: تظهر خارطة الترشيحات الحزبية للمقاعد البرلمانية وجود أحزاب سياسية ينتمي خطها الإيديولوجي و السجل النضالي لقادتها إلي خانة الفكر القومي الزنجي و غالبا ما تستطيع تلك الأحزاب استنفار التصويت العاطفي الإتني للمنحدرين من ” الضفة” في مواسم الانتخابات و ما هو بمستبعد أن تمثل تلك الأحزاب بالبرلمان القادم من بوابة اللائحة الوطنية.

سادسا-الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية:تصف الأدبيات السياسية و الإعلامية بعض الأحزاب السياسية بأنها ذات مرجعية إسلامية تأسيسا علي الوثائق المرجعية لتلك الأحزاب أو علي الرمزية العلمية أو الروحية لبعض قادتها. و قد استفاد أحد تلك الأحزاب من مقاطعة بعض أحزاب المعارضة للانتخابات البرلمانية الماضية فحصد تمثيلا برلمانيا معتبرا لا يتوقع أن يحافظ علي حجمه و عدده خلال الانتخابات المقبلة؛ لكنه يكاد يكون من المجمع عليه أن الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية –كلها- ستمثل بالبرلمان المقبل من بوابتي اللوائح الوطنية و بعض الدوائر المقاطعية ذات الاقتراع النسبي التي يتجاوز عدد نوابها بالبرلمان برلمانيين إثنين.

سابعا- الأحزاب المُمَثٍلَةُ-كليا أو جزئيا- لتراث بعض الأنظمة السابقة: و المقصود بهذه الفئة: “الأحزاب التي يفهم تصريحا أو تلميحا من أدبياتها أو من السير الذاتية لرموزها التمثيلُ –كليا أو جزئيا- للتراث السياسي لبعض الأنظمة السياسية التي حكمت البلد سابقا”. و يصنف ضمن هذه الفئة ما لا يقل عن أربعة أحزاب سياسية من المتوقع أن تمثل كلها بالبرلمان المقبل من بوابة اللوائح الوطنية و اللوائح النسائية علي الأقل.

ثامنا-الأحزاب “المختلطة إيديولوجيا”:و هي فئة من الأحزاب تُظهر الخلفية الإيديولوجية لقادتها و مرشحيها البارزين تعارضا إن لم أقل تنافرا لكنها استطاعت أن تُبْرم لضرورات “انتخابوية” في المدي القصير و استراتجية في المدي المتوسط و الطويل “تحالفا انتخابيا” شارك في هذه الانتخابات بقوائم مشتركة و “برامج انتخابية مشتركة” لا يُقصي بعض المراقبين احتمالَ بلوغ عدد المقاعد البرلمانية التي ستحصل عليها مفاجأةَ هذه الانتخابات.

تاسعا- الأحزاب المتكئة علي الرصيد المعنوي لبعض الشخصيات المرجعية:يصنف العديد من المهتمين بالشأن السياسي الوطني بعض الأحزاب السياسية التي ساهمت في السباق البرلماني الحالي بمرشحين ضمن خانة الأحزاب التي تُعَوٍلُ بشكل شبه حصري علي تعبئة الرصيد المعنوي المعتبر واسع الانتشار بالبلد لأحد أو بعض مرشحيها و من المتوقع أن تمثل بعض هذه الأحزاب بالبرلمان المقبل من بوابة اللوائح الوطنية.

عاشرا – الأحزاب “الشبابية”:تميزت العشرية الأخيرة “بمبادرات مستقلة” و “مبادرات موجهة عن بعد” لإنشاء أحزاب سياسية يمكن تصنيفها ضمن خانة ” الأحزاب الشبابية” بالنظر إلي عُمُر مؤسسيها و إلي رفعهم لشعار تجديد الطبقة السياسية.
و تندرج ضمن هذه الفئة العديد من الأحزاب التي تم إنشاؤها خلال السنوات الأخيرة منها ما يقوده شباب أكاديميون نابهون و منها ما تقوده قامات شبابية مشبعة بالحيوية و النضالية و منها ما ينتمي للمعارضة و منها ما يصنف ضمن الأغلبية.ولا يختلف المراقبون علي أن بعض الأحزاب الشبابية المعارضة و الموالية ستمثل بالبرلمان المقبل من بوابة اللوائح ذات الاقتراع النسبي علي الأقل.

و تأسيسا علي تصنيف الأحزاب السياسية المرشحة لولوج البرلمان المقبل المفصل أعلاه يتبين ما يلي:
أولا: لن تتتجاوز الأغلبية الساحقة من الأحزاب التي ستتقاسم اللوائح الوطنية و اللائحة الجهوية لنواكشوط والدوائر المقاطعية التي يساوي أو يكبر عدد نوابها ثلاثة برلمانيين عَتَبَةَ البرلماني الواحد من كل دائرة أو كل لائحة ) لا يتوقع أن يحصل غير حزب سياسي واحد معروف باسمه و حجمه علي أزيد من برلماني واحد من أية لائحة وطنية أو دائرة مقاطعية ذات اقتراع نسبي(؛

ثانيا:يتوقع أن تفوز أحزاب الموالاة بأغلبية غالبة من المقاعد البرلمانية لكنها قد تكون أغلبية غير “كاملة الانسجام” أشبه بالأسرة المكونة من “الإخوة غير الأشقاء” وسيضطلع أكبر أحزاب الأغلبية بدور “البيك ابراثر” Bigbrother–الأخ الأكبر؛

ثالثا: سيمثل في البرلمان المقبل – و إن علي تفاوت عددي- ما لن يقل عن ثلاثين حزبا سياسيا !! مما يضع نقطة استفهام كبري حول عمر و”تعايش”و استقرار المؤسسة البرلمانية المقبلة.

المختار ولد داهي ، سفير سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى