مقالات

مَوْضَةُ “التًأْزِيمِ السِيًاسِيِ بِلَا سَبَبْ”

تكاد تكون ألسنة جميع المتابعين للشأن العام رطبة من ملاحظة مفادها أن مستوي “النقاش و الجدل السياسي الوطني” بين الفاعلين السياسيين قد تَرَدًي إلي دركات “الصالونيات”و الحانوتيات –البُوتِيكِيًاتِ” و”الإفكيات” و ” حروب وسائط التواصل الاجتماعي غير الطاهرة”،…
و من أسف أن البعض جازم بأن هذا المستوي غير اللائق من النقاش السياسي يتم برعاية بعض المنصات السياسية التي كان حريا بها أن تكون ” قوة اقتراح” و “قوة بدائل”و “حمالة مشروع مجتمعي” تسعي إلي إقناع الموريتانيين بأن رؤيتها للمجتمع هي الأنجع و برنامجها البديل هو الأمثل و “رجالها-الاحتياط” هم ضمان المستقبل.
و قد أدي”تردي ” مستوي الجدل السياسي إلي ما يمكن وصفه “بموضة التأزيم السياسي بلا سبب” و التي يمكن تعريفها بأنها:-
” تصيد بعض الفاعلين السياسيين “الأحداثَ- المتفرقاتِ-Divers الاجتماعية، الطلابية، النقابية ، القضائية و المناخية،… غير بالغة الاستثنائية في حجمها و تكرارها ابتغاء تهويلها و “النفخ فيها” من أجل خلق حدث سياسي غير طبيعي و تأزيم المشهد السياسي”.
و غير خاف أن موضة التأزيم السياسي بلا سبب تنجم عنها مضار عديدة منها مثلا لا حصرا:-
1.اختطاف النقاش السياسي و تحريفه عن بعض مستعجلات القضايا الوطنية التي تحتاج إلي نقاش معمق عاجل حتي يتم التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة -والتي جاءت أشراطها- في جو أكثر هدوء و توافقية و تشاركية،…
2. شبه استقالة بعض النخب الوطنية القادرة علي إنتاج الأفكار من الشأن السياسي نأيا بنفسها عن مستنقع الجدل السياسي الواطئ و حفاظا علي ” بياض تاريخها من دنس التجاذب السياسي الواطئ؛
3. تغول النخب السياسية المغشوشة و حرصها علي التسخين الدائم للمشهد السياسي وعيا منها بأنها ستنتقل من المتن إلي الهامش في حالة تطبيع المشهد السياسي و استعادته لعافيته فبعض النخب السياسيةالوازنة نوعا ما في زماننا هذا لن تقوم لها قائمة في حال ترفيع مستوي الجدل السياسي إلي منافسة الأفكار و الرؤي و البرامج و تحريم بل تجريم الصالونيات و الإفكيات و “السوقيات- البوتيكيات”؛
4-إشغال المشهد الفكري و العلمي و السياسي ببعض المعارك الجانبية بل و الهامشية عن متابعة و رصد” الحراك الاجتماعي و الحقوقي سريع التطور” المختطف كليا أو جزئيا من شرذمة قليلين لا يرعون في هذا الشعب و هذه الأرض إلا و لا ذمة و لا تخفي شراكاتهم و تقاطعاتهم مع الأعداء الحضاريين للإسلام و الإنسانية؛.
و في انتظار دراسة متأنية لموضة “التأزيم السياسي بلا سبب” تشخص أسبابها و تصف دواءها فإن بعض الإجراءات الاستعجالية يتعين أخذها منها:-
أولا:الشروع في حملة إعلامية للتعريف بموضة التأزيم السياسي بلا سبب و تبيان مضارها و مظاهرها؛
ثانيا: صياغة مقترح اتفاق بين الإعلاميين و المدونين الموريتانيين حول ما يمكن تسميته ” الاستخدام الأخلاقي( السلمي) لوسائط التواصل عموما و وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا”؛
ثالثا:اقتراح ميثاق أخلاقيات سياسية تدعي الأحزاب السياسية الكبري للتوقيع عليه، اتفاق يأمر بعدم الخلط بين الحياة العامة و الحياة الخاصة لرواد الشأن العام و ينهي عن تهويل و تسخين و تسييس الأحداث الوطنية غير ذات الطابع السياسي؛
رابعا: الدعوة إلي “حلف فضول سياسي” عريض مقدر لحجم التحدي الاجتماعي و الحقوقي يحارب ” المنصات الحقوقية و الشرائحية” المتطرفة و يحرض المبادرات العمومة و الجمعوية و الفردية الساعية إلي الردم السريع للفوارق الاجتماعية.

المختار ولد داهي،سفير سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى