مقالات

حديث في المأموريات ، وأجندة الانتخابات ، ورؤى الإصلاح

يدور نقاش بعضه علني ومتباين، وبعضه في السراديب خافت وخجول ، عن المأمورية الثالثة، والانتخابات التشريعية والبلدية القادمة، وفكرة إصلاح كل من قطبي الأغلبية والمعارضة.، وما أسوقه هنا يعبر عن وجهة نظري الخاصة، ولأنني لا واجب تحفظ ينم به ، ولا انتماء لطائفة يفزع إليه ، فانه حري بمن يقرأ النصوص قراءتبن، ويسبح سبحا في الاتجاه المعاكس، أن يفهم رسائل هذا المقال الثالث ، من نقوش على جدار الذاكرة، وتحمل رسائله على محملها،
رسائل ليست مشفرة، ولا متوارية وراء إملاق أو إغلاق.
للأسف لا يقرأ السياسيون الموريتانيون غير نواياهم ولا يكتبون بصراحة عن قناعاتهم ، وتلك معضلة من يواكب قيادات المعارضة و من يصغي لمجالس الأغلبية .
الأجندة الانتخابية
تبدو أجندة الانتخابات النيابية ، وفرز المجالس الجهوية والبلدية ضاغطة، وتحتاج إلى مناخ وطني يطبعه التفاهم على أسس مشتركة
من أهمها: مشاركة جميع الأطياف، والاحتكام إلى لجنة مستقلة للانتخابات تتمتع بمصداقية ، ورضا جميع الأطراف بالاحتكام إلى الدستور والقوانين المطبقة، التي يجب الإقرار بأن إصلاحات هيكلة قد
أدخلتها مخرجات الحوارات المنظمة2011 و2017 إليها.
ولكي نواجه أحادية أحزاب كرست زعامة الفرد في قطب المعارضة، يحتاج المنتدى والتشكيلات التي تتناغم معه إلى نقد جريء كالذي قام به النقيب السابق والمرشح للرئاسيات المنسحب، فلا يعقل أن يبقي رؤساء أحزاب ونقابات المعارضة يرفضون التداول والديمقراطية ، ويجددون المأموريات لقادتهم، ويكررون تجارب الفشل في الأداء السياسي وفي خطابات نفي الآخر، ونكران ما أنجز بشكل ملموس في مجالات الأمن والحريات والتنمية.، ويزايدون على غرمائهم.
يجب أن نعترف بأن حزبا سياسيا واحدا من هذا القطب ، قام بمحاولة مراجعة ، وأخذ قرار المشاركة في الانتخابات، وقبل التداول بين رموزه، وأعلن أن خيار الرحيل أفل، وأن مساره كان مسارا فاشلا، وهذا الاتجاه داخل المعارضة اتجاه صحي، تحتاجه جماهير معارضة أثقل كاهلها عبدة” العجل” ، وشجرة “ذات أنواط” ، ” كهول المخزن، وكهوف التخندق في مجال عبادة الرأي وعبادة الفرد”؟
تحتاج المعارضة الوطنية اليوم باختلاف مشاربها، إلى وضع رؤية جديدة تتبني فيها بإجماع عدم مقاطعة أية انتخابات تشريعية أوتنفيذية،
والاعتراف بأن الرئيس عزيز حقق منجز السلم والاستقرار لموريتانيا ، في عشرية كانت سوداء في العالمين العربي والإفريقي، وأن موريتانيا الآن أصبحت محور أي نظام للأمن الإقليمي في دول الساحل والمغرب العربي باعتراف الأطراف الداخلية والخارجية، ويجب أن تشمل هذه الرؤية التحول من المطالب إلى مخرجات الحوارات التي تؤسس لحكامة شاملة ، فلا يعقل أن تراوح تيارات سياسية ونضالية، التمسك بثقافة المانيفيست ، واللوائح المطلبية، إذ لا يجوز أن نرهن البلد والحقب ، لأغراض فئوية وشخصية.
أما على صعيد الأغلبية والمعارضة المحاورة، فتبدو مراحل تشريع قوانين الحوارين2011/2017، والتهيئة لإصلاحات هيكلية مكتملة
ويبدو أن حقوق الطرفين تم احترامهم في مجال تشريع ما تم التوقيع عليه بين الطرفين، وهذا يعني أن فريق لجنة المتابعة المشكلة من هذه الأطراف كان آلية مقبولة، ومرجعية لحل الخلافات البينية، وهذا التوجه
يجب أن يتعزز بإنشاء ميثاق وطني دائم، يجمع الأغلبية والمعارضة المحاورة ،وقد بينت التجربة أن رعاية القصر ومتابعته لتنفيذ ما أقر
سببا كافيا للثقة في أداء الرئيس لصلاحياته الدستورية.
ويتيح هذا المسار إمكانية أن يقرر النظام، بعد سنة من تنفيذ أجندة الحوار، فتح حوار جديد أو تنفيذ الانتخابات في آجالها المحددة طبقا
للقانون.
إن فشل سيناريوهات التشويش على هذا المسار من قبل أطراف خارجية ، ووضوح انسداد من يتصارعون داخل الأغلبية، سمح بادراك حكمة الرئيس عزيز في التريث، والمراهنة على فتح مسار إكمال الإصلاحات بات من مسؤولية فريق شباب الأغلبية غير المؤدلج الذي رمى الرئيس الكرة في ملعبه، ولا يبدو أن محاولات قتل الوقت
أو توجيه السفينة إلى أغراض أحد أطراف النزاع العبثي ستنجح.
فالرهان الأصعب كان دائما ولا يزال، على إصرار الرئيس على اختيار
المصلحة العامة للبلد، والنأي بها عن سماسرة المال والسياسة معا.
رؤى الإصلاح
لا شك أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية بعد مراحل نشأة الدولة، والتأميم وحرب الصحراء، والانقلابات العسكرية ، وانتخابات 2009 وما أعقبها من التعديلات الدستورية2016/2017، بحاجة إلي رؤية جذرية تحمي حضارة ّ”اللوح والدراعة” من الانقراض،والتمييع.
فهذا القلب والقالب سواء رأيناهما في حدود المواطنة ، أوأد راكنا امتداداتهما في جغرافية فضاء الرحل والانتجاع ، من تيمبكتو وأزواد، الي النيجر والبيت الحرام ومن سيرت و وتيندوف،الى مراكش والصحراء الغربية، ومن فضاءات المهجر التي رسمت تنقل القلب والقالب ،من جبال الهملايا في الهند إلي بلاد الكاكاو بساحل العاج.
حضارة تنتج العالم الذي أقرأ كل الألواح، والشاعر الذي أقرض الشعر في كل البحور ، ونشر دين المحبة بلا رشوة، وثقافة الأخوة بلا اكراه
هي بنت لئالئ الجمال، لا تبان بكلمتين، ولا تباع بثمن بخس دراهم معدودة، بل تناخ لها القصواء، ويؤذن لها الأذان، وتضرب إليها أكباد الإبل، ويماط لها اللثام، ويجار في سبيل بقائها كل آبق أناب ، وكل صعلوك تاب.، وكل هارب للنداء أجاب.
المأموريات
يظن بعضهم أن المأموريات أشخاص وألقاب وليست برامج وخطط وما هكذا تؤكل الكتف ، ويهوى بعضهم السجال حول سياسات فريق حكومي أو تيار سياسي يسعي الى الوصول إلى كرسي الرئاسة بأي خطاب وأي ثمن.، متخندقين في ناد من الأندية ، أو متحالفين لكسب منفعة من المنافع .
إن ولوج المأموريات، والتعديلات، والحوارات تتطلب شجاعة وأنفة وقدرة على مواجهة الأعداء بحزم ، والنصح للأخلاء بعزم.
وأما هز الرؤوس ، وتكرار سفسطة السياسيين، فلا يغرنكم المداحون منهم فقد أمرنا أن نحثو في وجوه المداحين بلا قلب وقالب التراب، ولا يفزعنكم الرافضون لها فقد خبرنا هؤلاء في غياهب السجون ، ومطاردات الأنظمة،و مماحكات الحقب الاستثنائية، ولدينا من أحوال أخبارهم ما تعرفون، وما لا تعرفون .
إن من يتقدم للمأموريات يجب أن يكون عنده سجل انجازات ، ولديه تجربة في تغيير الأنظمة الاستبدادية ، و مقاومة العنف والإرهاب ، وأن يكون مهاب الجانب ، يقارع بقوة فالقوي خير ، والخير أخلاق أولها وفاء للصديق إذا أصيب، وسد لخلة الظهر اذا غاب فجأة.، وفي موريتانيا لا يوجد الا وجهان لعملة صكت في الخامس أغسطس، وجربت في الغسق والشفق، وفي الضحى والسحر.
عندما أعلن فخامة الرئيس احترامه للقسم، وأكد أن المستقبل لاستمرار نهج الإصلاح وليس للارتكاس ، صفق من صفق ، وبعد أيام نحنح من نحنح.
ولكي تبقى السفينة الموريتانية مبحرة بسلام ، فهناك مجدافان يجب أن يكونا بأيدينا ونحن نخوض غمار2018-2019
سواء قابلنا المصفقين، أو واجهنا المغاضبين.
الأول: ان رؤية فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بأضلاعها أصبحت معالم لموريتانيا الجديدة:
1- الإسلام هوية الدولة ودين الشعب.
2- لا مساومة على الوحدة الوطنية وحضارة الموريتانيين
3- الحرص علة حماية أمن ينهض بخطوط التماس عبر الحدود، وفي الضواحي والمدن .
4- جعل محاربة الارهاب سياسة تنمية مستدامة.
5- تحديث للبني التحتية حتى نجعل من موريتانيا جزيرة تتطور في افق ثلاثة حقب دائمة، ومثابة أمن تقصد خلال هذه العشريات.
6- تصدير نموذج الأخوة بدون رشوة، والمحبة دون اكراه، وهونموذج إحياء علوم الدين، وثقافات التنوع والألق والتميز.
وثانيها :إذا كانت هذه هي وجهة المأموريات، فان شاء الرئيس مدد، وان شاء استخلف، وان شاء فوض، وان شاء أعاد تدوير المنتج.
فالأهم الآن ليس الألية، وإنما المهم استمرار مشروعه الوطني الذي حماه هو ورفاقه كدا وجهدا ، في أشد المعارك وطيسا، وأحلك المؤامرات حبكا.

محمد الشيخ ولد سيد محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى