مقالات

يقول القانون أو ينكر؟

“إن الشعب الذي ينتخب المرتشين والمخادعين واللصوص والخونة ليس ضحية! بل هو متمالئ” جورج أورويل.

صادقت الجمعية الوطنية على التعديلات الدستورية بأغلبية كبيرة. وكان العكس هو الذي يثير الدهشة، حيث يتم انتخاب غرفة التسجيل لتلقف كل ما يرسل إليها. إن العملية التي قادها رئيس الجمهورية بضجة كبيرة عن طريق منح القطع الأرضيةوحفلات العشاء والمقابلات الشخصية قد آتت أكلها. لقد قال النواب نعم لإصلاح تعارضه أغلبية الشعب العظمى. وإلا فلماذا قام قائدنا المستنير بتغيير موقفه بشكل مفاجئ ؟ فبعدتصريحاته المتكررة بأن التعديلات الدستورية ستعرض على الاستفتاء، ها هو يبدل رأيه. ما ذا يخشى إذا كان يعتقد حقا أن شعبيته كبيرة ويظن أن البلاد ستتبعه في نهجه؟ إن تكلفة الاستفتاء باهظة؟ ومع ذلك يكرر علينا على مدار اليوم أن خزائن الدولة مليئة. إن الحقيقة عكس ذلك في الواقع. فأمام الاستياء المتزايد، يخشى النظام هزيمة نكراء. ومن شأن المسيرة الضخمة التي نظمتها المعارضة يوم السبت أن تعزز تشبثهبنهجه. ويبقى له، الآن، إقناع أعضاء مجلس الشيوخ بالانتحار على طريقة الهراكيرى اليابانية. وليس الأمر مضمونا مسبقا، وحتى لو قبل “الشيوخ” تجرع الإهانة، تبقى هناك مشكلةكبيرة عالقة قد تفشل العملية برمتها. ألم يعاين المجلس الدستوري رسميا، في قراره رقم 001/2016، الصادر بتاريخ11 فبراير 2016 بعد أن سألته الحكومة حول إمكانية تجديد ثلثي مجلس الشيوخ، أنه عند إصدار قراره كانت ولاية جميع أعضاء مجلس الشيوخ قد انتهت منذ وقت طويل؟ لقد تم انتخاب ثلثي الشيوخ الموقرين عام 2007 لمدة ست سنوات وبالتالي انتهت ولايتهم بالفعل في عام 2013. أما ولاية الثلث المتبقي الذي تم تجديده في عام 2009، فقد انتهت في عام 2015. استبعد القاضي الدستوري إذن بشكل صريح، في حجج معدة إعدادا جيدا، أية وسيلة من القانون تخالف معاينته المذكورة أعلاه، يمكن استخلاصها من القانون الدستوري لعام 2012 “لإبقاءالمؤسسات القائمة الآن في مكانها.” والأدهى والأمر أن المجلس الدستوري يطعن – ضمنيا ولكن بالضرورة ـ في صحة التعديلات الدستورية التي “صودق عليها” في عام 2012 من قبل برلمان كانت إحدى غرفتيه، وهي مجلس الشيوخ، في وقت النظر في النصوص المذكورة، غير شرعية التشكيلة حيث أن الثلث الثاني، الذي انتخب في عام 2007، لم يتم تجديده في عام 2011، على النحو الذي يفرضه الدستور. وأخيرا لإنهاء أي نقاش، قرر المجلس أن مجلس الشيوخ يجب تجديده ككل. يا لها من مفارقة! من خلال مجلس الشيوخ الباطل هذا، بناء على طلبالنظام، يعمل هذا الأخير جاهدا على تعديل الدستور في نقاط جوهرية ويحاول، على وجه الخصوص، أن يقيم، لفائدة رئيس الدولة، نظام الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبها، أو يمكن أن يرتكبها أو قد يرتكبها خلال ممارسة ولايته. ويقرر، بخليط غريب، تغيير العلم الوطني وإلغاء مجلس الشيوخ وإضعاف المؤسسات الوطنية وإنشاء مجالس جهوية ستبقى اسما بلا مسمى مثل البلديات وتشكل أساس سلطة الولاية تحتإمرة السلطة التنفيذية. إنها وضعية مقلقة من غياب القانون تثير تساؤلات رئيسية هي: ألا يشكل رفض السلطة التنفيذية تطبيق قرار المجلس الدستوري جناية؟ ألا يفقد ذلك المجلس الذي أصدر القرار مصداقيته ؟ ما هو مصير القوانين والاتفاقيات الدولية التي اعتمدت أو صودق عليها بشكل غير قانوني من قبل برلمان قد انتهت ولايته؟ لماذا هذا التغيير في الرأي بين تاريخ إصدار هذا القرار من قبل المجلس الدستوريوقرار تعديل الدستور الذي ينظر فيه البرلمان؟ إن الشرعية الرسمية لمؤسسات الدولة منعدمة من الآن فصاعدا. غير أنها تشكل أحد الشروط الأساسية لشرعية السلطة، أية سلطة. وبالتلي تتوفر المعارضة فجأة على ممر حقيقي أمامها. فلاتحتاج إلى القيام بأي ضجيج. بل تنتظر بهدوء مصادقةالمؤتمر البرلماني على التعديلات وتقدم طعنا أمام المجلس الدستوري، الذي، وفاء منه لقراره المذكور، لن يكون أمامه خيار سوى إبطال التعديلات. إنها معركة قانونية منتصرة مسبقا إذا تم احترام الحد الأدنى من الشكل. وسوف يواجه المجلس الدستوري معضلة: فليقل خيرا أو ليصمت… إلا إذا كنا في موريتانيا لسنا أبدا في مأمن من الانقلاب الألف ضد الدستوروالذين يفترض أن يطبقوه.

أحمد ولد الشيخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى