مقالات

خمسة أيام بمدينة نواكشوط عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية

خمسة أيام بمدينة نواكشوط عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية من 20الى 24 دجنبر 2016

قضيت خمسة أيام بالتمام والكمال بالعاصمة الموريتاتية نواكشوط….مرت كلمح البصر لتواجد بن اهلي واحبابي ومن إذا أحبك أحبوك بصدق …وإذا كرهوك يبتعدون عنك في صمت ….مدينة تغيرت رأسا على عقب ….في ظرف فترة وجيزة تغيرت من الأسو إلى الأحسن من اتساخ الأزقة والشوارع والساحات إلى تهيء الساحات وتبليط الأزقة وتوفيت الشوارع ….من مدينة لا واد جار بها إلى مدينة تقوم الصين بتنفيذه بكل عزيمة رغم صعوبته لأن نواكشوط في منطقة وعرة مهددة بتسونامي المحيط الأطلسي في كل وقت وحين ….مدينة كانت تجد الماء بصعوبة واليوم قنوات افطوط تدر عليها ماء زلالا اضطر السكان معه تبديل أنابيب الماء التى لم تعد قادرة على نقل الماء لقوة صبيبه ….نهر السنغال الذي يمتد على نحو 750 كلومتر يعبر موريتنيا من أقصاها إلى أقصاها ويصب في المحيط الأطلسي كميات من الناه تضيع في البحر وملايين الهتكتارات لا تزد من يزرعها ….آلاف الهتكتارات تضيع مند عشرات السنين ولا تجد سواعد مفتوحة تحول هذه الأراضي إلى جنة فوق الأرض لتوفير المياه العذبة….لو توفرت السواعد والإرادة القوية لجعلت من هذه الأرض الطيبة أكبر مزود للمنطقة والدول المجاورة بما تحتاجه من قمح وروز وخضراوات …لكن السياسة لم تترك اي مكان صالح إلا وأفسدته….او أبرم اتفاق بين المغرب وموريتانيا في هذا القبيل لنقل المغرب تجربته الفريدة في الزراعة ولاحول منطقة روسو الموريتانية إلى جنة خضراء تدر الخيرات إلى البلد وإلى البلدان المجاورة ولجلبت لموريتانيا العملة الصعبة وجعلتها تتمتع بالاكتفاء الذاتي في مجال القمح والشعير والأرز والخضروات …لكن انعدام الثقة بين البلدين جعل البلدين يستوردان حاجاتهما من القمح والشعير والأرز من البلدان الأمريكية والأسوية وبالعملة الصعبة لكن السياسة أفسدت كل شيء وانعدام الثقة بين البلدين جعلت العلاقات بينهما بين مد وجزر…..
الرئيس الموريتاتي محمد ولد عبد العزيز نجح في بناء البنية التحتية في بلده ….كما نجح في إرساء قواعد الديموقراطية رغم أن الكثير يشكك في مصداقيتها كما نجح في بناء جيش وطني قوي مجهز بأسلحة متطورة جعلت هذا الجيش ينجح في الدفاع عن الوحدة الوطنية ويصد عنها الهجمات المتشددين الإسلاميين الذين كانوا يدخلون إلى قلب مدينة نواكشوط نهارا جهارا ….كما بنى احدث مطار دولي في ضواحي نواكشوط بطريقة مقايضته بأرض المطار القديم وبدون إهدار العملة الصعبة وتفضل السيد الرئيس بتسميته مطار ام التونسي إكراما للمقاومين الذين استشهدوا في معركة ضد المستعمر الفرنسي وقد كان بإمكانه أن يسميه مطار عزيز الدولي إلا أنه تواضع لله ومن تواضع لله رفعه ….
السيد الرئيس يسير بالبلد إلى ديموقراطية حقيقية رغم وجود معارضة لا زالت لم تعرف مطالبها ولم تحددها وهمها الوحيد هو التشكيك في كل شيء وإفساد وتبخيس كل شيء….إنه الحسد والحقد اللذان لا دواء لهما …..كل هذا ورغم العراقيل والمسامير في الطريق فإن الرئيس الموريتاني يواصل طريق الإصلاح بكل ثقة في النفس لا يخاف في قول الحق لومة لائم ولا يهتم بالقيل والقال ….وكل من سولت له نفسه المس بالديموقراطية أو سرقة أموال الدولة يكون مصيره السجن واسترداد أموال الشعب بدون رحمة أو شفقة سيان في ذلك أبناء قبيلته وعشيرته أو الآخرين بدون تمييز أو مداهنة أو مراوغة …. يقولون بل يجره البعض إلى دفعه إلى الترشح للمرة الثالثة خارج بنود الدستور الذي لا يسمح إلا بولايتين إلا أنه لن يسقط في الفخ لأنه ذكي رزين يعرف جيدا أبعاد المس بقدسية دستور البلد ….لهذا فأنا متيقن انه لن يترشح للرئاسة مرة ثالثة احتراما لدستور بلده …. قد يرشح شخصا يثق فيه طوع يديه للجسد تجربة بوتن الروسي في بلاد شنقيط….
الإدارة في موريتاتيا رغم ما تعرفه من تعثر كباقي بلدان المغرب العربي تشهد تحسنا ملموسا فكل الاحتياطات متحدة من اجل الحفاظ على المال العام وكل من ضبط عليه سرقة اي مبلغ كان يتم القبض عليه ويوضع في السجن إلى أن يرجع المبلغ الذي سرقه للدولة وحين يرجعه يتم إطلاق سراحه….عكس المغرب الذي يسرق فيه السارق ملايين الدراهم ويحاكم محاكمة صورية ويقضي عدة أشهر بالسجن ليطلق سراحه ليتنعم بما سرق بقية حياته … هذا مع إيجاد بعض الاستثناءات حيث يطلق سراح سارق الدجاجة ويسجن سارق البيضة….
كل الاحتياطات متحدة لصون انتخابات نزيهة تشرف عليها لجنة وطنية لتنظيم الانتخابات مستقلة استقلالا تاما عن الرئاسة ووزارة الداخلية منحت لها كل وسائل القيام بمهامها بعيدا عن أي تأثير خارجي الشيء الذي لا تتوفر عليه نحن في بلدنا السعيد المغرب….
حفاظا على المال العام قامت الدولة الموريتانية بإنشاء لجنة مستقلة الصفقات العمومية هذه اللجنة التي تتولى عن الوزارات تنظيم الصفقات العمومية وإجراء المناقصات بطرق شفافة والسهر على تتبع المشاريع من بدايتها إلى إنجازها بعبدا عن أي تأثير خارجي ….عكس بلدي المغرب الذي يتولى فيه كل وزير تصريف الأموال المرصدة لوزارته حسب هواه ومزاجه وبعيدا عن أية محاسبة إلا في بعض الحالات النادرة والنادر لا يقاس عليه ….
طيلة الأيام الخمسة التي قضيتها في نواكشوط لم اتناول ولو وجبة واحدة في الفندق الذي كنت أقيم فيه ….كل المنازل مفتوحة في وجهك العض يعزمك للفطور أو ما يسمونه بنافة كبدة الإبل المشوية والشاي لموريتاني الأصيل المعد في احسن الأواني وبطريقة خاصة ….وهناك الغذاء بعد الظهر ولبن الإبل في البلدية ضواحي نواكشوط وقت صلاة المغرب والعشاء متأخرا لأن نواكشوط من المدن التي لا تنام ….تنام متأخرة وتستيقظ متأخرة….. الكرم الحاتمي لا وجود له الا في بلاد شنقيط ….هناك بعض الاستثناءات حيث أصبحت الحضارة المقيتة تزحف على العادات الموريتانية وأصبح بعض رجال الأعمال الشباب يطبقون عادات الغرب في موريتانيا ….وضعوا حارسا شدادا غلاظا على أبواب منزلهم ويطلبون منك الاتصال بصاحب البيت ليسمح لك بولوج البيت وصاحب البيت غالبا لا يرد على هاتفه لترجع من حيث أتيت بالرغم منك ….إنها الحضارة الغربية التي تزحف على المجتمع الموريتاني والتي ستفسد كل شيء وستاتي على ما تبقى من القيم الإنسانية التي تعتز بها موريتانيا.. .مع الاسف الشديد…
المجتمع الموريتاني لا زال محافظا فالدولة تسهر على جعله مجتمعا اسلاميا لكل ما في الكلمة من معنى … فلا خمور تباع في العلن …ولا خمارات أو بارات مفتوح لا في الليل ولا في النهار….كل شيء موجود لكن كل شيء مستور ….من أبتلي منك فليستتر مصداقا للحديث النبوي الشريف. … ليت بلدي المغرب حدى حدو موريتاتيا في هذا المضمار…..تقودنا حكومة بنكيران التي تدعي أنها تتبنى الإسلام منهجا بينما الفاحشة بكل أشكالها في واضحة النهار….اللهم إن هذا منكر فانكرناه….ويتحمل بنكيران وزر ما يعيشه المغرب من انتهاك حرمات الإسلام في بلدنا ….إنه يستغل الإسلام للوصول إلى الحكم وغدا سيحاسب على أعماله يوم لا ينفع مال ولا جاه ولا سلطة الا من اتى الله بقلب سليم ….
فقدت المملكة المغربية هذه الأيام أحد أبنائها البررة وهو سفير المملكة لدى موريتانيا الشريف مولاي عبد الرحمان بنعمر السباعي الإدريسي وهو قيدوم السفارة في المملكة وعميد السلك الديبلوماسي بموريتانيا قضى ازيد من 17 سنة في موريتاتيا وعاد إليها مرتين وهو ما هو غير مجهود في العرف الديبلوماسي الدولي ….عرفت العلاقات في عهده توترا ملحوظا ولا زالت تعرفه ….كان رحمه الله منسجما مع عهد الرئيس ولد الطالع ومع عهد الرئيس على ولد محمد فال لكنه لم يعرف كيف يتعامل مع الرئيس محمد ولد عبدالعزيز …. إدارة السفارة عرفت في عهده تسيبا خاصة في زمن مرضه خلال السنوات الأخيرة حيث سادت ولا زالت تسود الرشوة والمحسوبية في قلب السفارة من طرف بعض الموظفين الذين يستعملون بعض السماسرة الموريتانيين لتسهيل حصول المواطنين على التأشيرة في وقت قياسي ….انا من يطلب التأشيرة بصفة عادية فعله الانتظار في الشمس ورياح الشركي زمنا قياسيا قد يحصل على التأشيرة أو يرد له ملفه لأسباب واهية ….الحمد لله معاناة المواطنين مع السفارة وانعدام قاعة الأنظار قد تنتهي بافتتاح المقر الجديد للسفارة المغربية بنواكشوط الذي أصر المرحوم السفير بنعمر السباعي ببنائها على شكل قلعة بأسوارها وأضوائها وحيطانها وفسيفسائها التي تجعل من الداخل إليها كأنه داخل إلى قصر البديع أو المامونية بمراكش الحمراء …. كل شيء يقول هنا مجد جدودنا فاقرا على جدران سفارتنا تاريخ امجادنا في المغرب…. السفارة في نهاية الأشغال والقدر غيب السفير عبدالرحمن بنعمر السباعي ولم يحضر تدشينها وهذه سنة الله في أرضه بني وعلي ومشي وخلي ولا راد لقضاء الله وقدره…رحم الله السفير بنعمر وغفر له ذنوبه واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والصلحاء وحسن اولايك رفيقا…
اتمنى من كل قلبي ان يصادف تدشين هذه السفارة المعلمة زيارة ميمونة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله هذه الزيارة التي ينتظرها الجميع لأنها هي الكفيلة لاذابة الجليد والغمامة التي تلبذ وتعكر صفو العلاقات بين البلدين الشقيقين والتي حان الوقت لاعادتها إلى طبيعتها لأن علاقة الشعبين الشقيقين صرمدية لا يحق لاي كان إن يؤثر فيها سلبا لأن إرادة الشعوب لا تقهر والشعوب هي الباقية أما الحكام فمهما طال الزمن فهم إلى زوال …..البقاء لله عزت قدرته وتعالت عظمته …..
لا حديث هذه الأيام في كل صالونات نواكشوط إلا عن الحملة الكلامية التي شنها شباط الاستقلالي على موريتانيا بأدعائه زورا وبهتانا على أنها لا زلت جزءا لا يتجزأ من المغرب….شباط يحلم في واضحة النهار وكأنه لم يسمع باعتراف المغفور له الملك الحسن الثاني بالجمهورية الإسلامية الموريتانية سنة 1969 ومنحها سفارة في قلب حي السويسي ترفرف فوقها رأيتها…..شباط يتدخل فيما لا يعنيه ويطلق الكلام على عواهنه …. يخلق المشاكل للدولة بكلام يشبه كلام السفهاء ….حاولت إقناع كل معارفي ومن ناقشتهم أن كلام شباط لا يهمه الا هو وان موقف الدولة المغربية شيء وموقف الأحزاب السياسية وموقف الصحافة المستقلة شيء آخر ….ولماذا لم تصدر الدولة المغربية بيانا تشجب فيه ما قاله شباط باسم حزب مات رئيسه علال الفاسي وهو لم يعترف باستقلال موريتاتيا….. العلاقات المغربية لا زالت تحتاج إلى المزيد من المصارحة والمكاشفة والثقة المتبادلة…..

بقلم : عبدالله حافيظي السباعي الإدريسي
الداخلة في يوم الاثنين 26 دجنبر 2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى