مقالات

عيد الاستقلال : فرنسا وحقوقنا

في الوقت الذي يستعد فيه الموريتانيون للاحتفال باطفاء شمعة استقلالهم 56 ويحاولون فيه إعادة كتابة تاريخهم المرتبط بمقاومتهم للاستعمار وتتجه انظارهم إلي باريس في انتظار اعتذار تقدمه الحكومة الفرنسية عن ما الحقت من دمار باقتصاد هذا الشعب وثرواته وتفكيك لحمته الاجتماعية من خلال عزل بعض مكوناته عن التعليم العربي وتدمير هويته من خلال فرض اللغة الفرنسية ودق اسفين الفرقة بين بقية مكوناته الأخري على أساس طائفي قامت بعض المنظمات الحقوقية والمحامون الفرنسيون برفع دعوى قضائية ضد رموز وطنية ،قضاة،ضباط،وزراء في انتهاك غير مسبوق للسيادة الوطنية واستهتار بخصوصيات هذا البلد الذي منحته فرنسا ذات يوم و”بسخاء” كبير استقلالا هو في حقيقته مجرد تخلص من أعباء تسيرية. مستنيرين في مساعيهم تلك بخطي أسلافهم المتكررة،في محاولاتهم الدائمة للنيل من موريتانيا وتشويه صورتها عبر كل الطرق وبمختلف الوسائل باستخدام ملف حقوق الإنسان تارة والدعوة للانفصال والتشرذم تارة أخرى دون أن تدرك هذه المنظمات أنها بكل ما تفعله تقدم هدية كبيرة للشعب الموريتاني الذي أصبح يعرف كل أساليبها وممارساتها ويرد عليها بمزيد من التلاحم والانسجام أربك كل خططها وافشلها . ويفسر ذلك جهل هذه المنظمات بتاريخ اللاستعمار الذي عمل كل ما بوسعه لتكريس العبودية وجعلها واقعا من خلال فرضها على العبيد واجبارهم قسرا على البقاء في حظيرة اسيادهم من أذرعه في المجتمع الموريتاني من الاقطاعين الموالين،في مسعي لتجسيد رؤية استراتجية بدأت معالمها تبرز للعيان ( التأسيس لمرحلة التفكيك). لكن رد هؤلاء العبيد السابقين ( لحراطين ) كان قاسيا وغير متوقع فقد اثبتوا أن المستعمر كان على خطيء عندما حاول النأي بهم عن قضيتهم الوطنية. وتموقعوا في الخطوط الأمامية للدفاع عن وطن هو لهم قبل غيرهم فرووا بدمائهم الزكية أرضه واستشهدوا ضباطا وجنودا في سوح الوغي دفاعا عنه وعطروا بعرقهم الشريف فضاءه الفسيح عمالا وحرفين . وكان لهم اسهام كبير في رسم مستقبل ومعالم الدولة الحديثة من مواقع عدة ومتونعة،وزراء،سفراء،برلمانيون،علماء،أأئمة..اساتذةجامعيون،مهندسون،أطباء،ومعلمون.. إن تكرار الفشل الحالي للمستعمر الفرنسي وخيبته في تجسيد طموحاته وخططه التدمرية هو مجرد امتداد لتلك السياسات القديمة التي تأسست على نهب ثروات موريتانيا التي تقدر بألاف المليارات من اليور مصادرها ( الحديد،السمك،الذهب النحاس،الفوسفات) استخدمتها القوات الفرنسية على مدى 58 سنة كاملة لتمويل الجنود المستجلبين من القارة السمراء للدفاع عن فرنسا ولإعادة بناءها بعد الحرب العالمية الثانية للتترك بالمقابل شعبا يقتات على الصدقات والمنح يلتئم مجلس وزراءه الأول تحت خيمة في حالة استثنائية من بقية المستعمرات المجاورة والتي شيدها المستعمر وترك فيها بني تحتية لاتزال تشكل دعامتها التنموية . قبل أن تحاول صرف نظره عن واقعه بزرع الفرقة بين مكوناته،لكن الوقت قدفات على الفرنسيين؛ ومطالب الشعب أصبحت تتجه إلي استرجاع الحقوق والتعويض المادي والمعنوي عن كل مالحق بهذا الشعب من ضرر على مدي الحقبة الاستعمارية ورد الاعتبار لأسر الشهداء وأبطال المقاومة الذين قتلوا علي يد الفرنسيين . إن رسالة الشعب الموريتاني بكل أطيافه ومكوناته واضحة وصريحة ويجب على كافة المنظمات الحقوقية ومن يقف خلفها فهمها والعمل بمقتضاها إننا لن نقبل التدخل في قضيانا الداخلية ولن نرضي بمحاكمة أبنئنا تحت أي ظرف وأننا ماضون في استرجاع كرامتنا وحقوقنا. بما في ذلك التعويض لأسر قادة المقاومة الذين قتلوا أو هجروا على يد المستعمر الفرنسي من أمثال : بكار ولد أسويد أحمد ، سيد أحمد ولد أحمد العيدة،الشيخ ماء العينين والشيخ حماه الله أمثلة من قائمة يصعب حصرها .. ومن هذا المنبر أوجه دعوة لكل الشرفاء من أبناء هذا الوطن من قادة رأي وحقوقين وصحافة وساسة إلي رفع دعو دى قضائية ضد الدولة الفرنسية لاسترجاع كافة الحقوق الوطنية.

محمد فال ولد حرمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى