قال صندوق النقد الدولي إن موريتانيا حققت بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة “معدلات نمو قياسية” في السنوات القليلة الماضية؛ و”مع اتباع السياسات الصحيحة، يمكن أن تبني على هذه الركيزة لخلق نمو أكثر استمرارية واحتواءً للجميع”، يعتمد على رأس المال البشري أكثر مما يعتمد على الموارد الطبيعية.
وأضاف الصندوق في تقرير خاص أعده خبراؤه أن موريتانيا تحقق منذ عام 2010، نموا اقتصاديا قدره 5.5% في المتوسط – وهو أعلى بكثير من متوسط البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن المواطن الموريتاني في سن العمل إما أن يحيى حياة غير نشطة أو يكون عاطلا عن العمل أو يمارس وظيفة غير مستقرة في القطاع غير الرسمي.
وأكد التقرير أن ثمار النمو في موريتانيا “لا توزع على الجميع بالتساوي الكافي”، على غرار كثير من البلدان شديدة الاعتماد على الموارد الطبيعية. وأن معدل البطالة الكلي وصل 10% – وأعلى من ذلك بين الشباب والنساء – وهو معدل “يخفي وراءه حقيقة مفادها أن 56% من السكان في سن العمل لا يسعون للبحث النشط عن فرص عمل ومن ثم لا يحسبون ضمن العاطلين”. وفق نص التقرير.
وأوضح التقرير أن نسبة السكان العاملين، تصل إلى 9 من بين كل 10 أفراد يعملون في القطاع غير الرسمي – وأكثرهم في الزراعة. بينما يعمل الكثيرون في القطاع غير الرسمي دون أجر ويفتقرون إلى الأمن الوظيفي ولا تتوافر فيهم الشروط المطلوبة للحصول على معاش تقاعدي.
وفي المقابل، يهيمن القطاع العام على أنشطة القطاع الرسمي، ويدفع “أجورا سخية نسبيا” كما يتيح درجة عالية من الأمن الوظيفي. أما شركات القطاع الخاص فيعمل فيها أقل من 5% من مجموع العاملين في القطاع الرسمي.
وخلص تقرير الصندوق إلى القول إن تراجع أسعار المعادن الدولية حاليا يهدد خطط الاستثمار في مجال التعدين، مع ما يصاحب ذلك من انعكاسات سلبية على الصادرات والنمو.
واقترح التقرير لتحقيق نمو أكثر استمرارية إجراء إصلاحات تشجع تنمية القطاع الخاص؛ وتنويع النشاط الاقتصادي حتى يتسنى استمرار النمو “رغم دورات السلع الأولية” وتوفير مزيد من الفرص للقوى العاملة المتزايدة.
وطالب الخبراء بتحسين التعليم؛ من خلال زيادة معدلات الالتحاق بالتعليم، وتحسين جودته، وضمان تسليح القوى العاملة بالمهارات التي تتناسب مع احتياجات أصحاب الأعمال. مثمنا إعلان الحكومة سنة 2015 سنة للتعليم، مطالبا بـ”التركيز على التعليم إلى ما بعد هذا العام”.
كما طالبوا بزيادة مشاركة المرأة في الاقتصاد؛ داعين الحكومة إلى إعطاء المرأة أسبقية في شغل وظائف القطاع العام والحصول على التدريب المهني؛ و”انتهاج سياسات تسمح للمرأة بالتوفيق بين العمل واحتياجات الأسرة، كأن يوفر القطاع العام “خدمات رعاية الطفل والروضة لسن ما قبل المدرسة مقابل رسوم معقولة”.
وختم التقرير بدعوة موريتانيا إلى الحد من هشاشة أوضاع العاملين في القطاع غير الرسمي عن طريق جذب الأعمال غير الرسمية إلى الدخول تحت مظلة القطاع الرسمي وتخفيض الحد الأدنى للأجور “المفرط في الارتفاع” الذي يؤدي بأصحاب الأعمال إلى تشغيل العمالة دون عقود رسمية. وتقليص الفجوة بين أجور القطاعين العام والخاص، لأن أجور القطاع العام “المفرطة في السخاء” غالبا ما تجذب أفضل الكوادر، مما يسد الطريق أمام تنمية القطاع الخاص.