مقالات

عشر بصمات ،ودرس مهم، لدعاة التناحر والحروب / محمد الشيخ ولد سيد محمد

سيذكر التاريخ أن أبا بكر بن عامرحج واعتمر، وجاء إلى شناقطة الأمة المسلمة بعالم متوهج الإيمان والذكاء اسمه المعلم الأول عبد الله بن ياسين الجزولي، صاحب فكرة رباط التحنث ، أومأوى فتية الكهف، أو رمزية غار حراء، فهؤلاء المرابطون ركب من الأشراف، أناخوا قصواءهم بجزيرة تيدرة، مؤسسين نواة امبراطورية ، جلبت السلام لممالك الزنج ، والحميريين، والقرشيين، والأنصار،

وبلاد سوسة البرابرة، وفضاء ممتد من غرناطة ببلاد الأندلس الى غانا.
ورغم الزراع الكثر من عام حج اللمتوني دفين مكسم ابن عامربمقاطعة القدية، إلى استشهاد المقاومين بكار ولد اسويداحمد وسيد ولد ملاي الزين ، كان جهد التأسيس حظوة قطف مجده الأخوان أبابكر بن عامر ويحي بن عامر مؤسسي رباط تيدرة المبارك، وأمير المؤمنين يوسف بن تاشفين مؤسس مراكش وهازم جند ألفونسو في معركة الزلاقة.
تخرج من رباط المرابطين، الحافظ المرتل لأقدس كتاب أنزل ، والمحدث بأصح سند ورواية عن العدول الثقات، والفقيه الذي حرر تلامذته من شطط فتن المتفيقهين الثرثارين، وأنتج فردوس المرابطين العارف بحقوق النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ، الذي عزر ونصر، والمتبحر في لغة الضاد الذي يبين ولايترطن أو يتعجم، والمفتي القوي المؤتمن في أنحناء المعمورة سمى وافتخر.
ومنذ سبع وخمسين سنة ، تعاقب على دفة الحكم ثمانية رؤساء، وحكمت نخب وتيارات هذه الرقعة المباركة،وتعاركت عليها بألوان التدافع غلبة وشوكة، وديمقراطية وشراكة،لانبخسهم ولا نسبل الإزار لهم
وكي لا تأخدنا في الحق لومة لائم ، فان المختار رحمه الله وضع بصمة في انشاء العملة ، وفي التأميم، و في منع الصهائنة من ديبلوماسية الاحتواء لافريقيا الجديدة.
وكان لولد محمد السالك فخر الخروج من حرب الأشقاء المدمرة لمشروع الأمة وشعار العدل والإخاء،وسجل لمحمد خونه حسنة وضع لبنة في مسار أسلمة القوانين الوضعية،كما أن معاوية رسم الحرف العربي في إصلاح وهوية تعليم مأزومان، أما الصوفي سيد والمرحوم اعل فقد تقاسما فكرة مأمورية البطاقة البيضاء ورحلة المرحلة الانتقالية،على حرف ووجل، وكاد تمسكهم بالورقتين وحنينهم للتشبث، أن يقود البلد إلى الانكفاء أوالى الانزلاق
لايختلف اثنان على أن عهود الحزب الواحد من “حشم ” مرورا بهياكل تهذيب الجماهير، وانتهاء بالحزب الجمهوري وفلول المستقلين..أكل فيها القوي الضعيف، وشرب فيها الآبار الارتوازية قلة من المتسلقين، ومنح المال العام دولة بين الأغنياء، وحشر فيها الفقراء في أسوء عشوائيات في تاريخ البلد، وتملك البلد، ثلة من المترفين ، أفسدوا بلا خجل المال والسياسة، وللأسف جاسوا حتى القيم والأخلاق…
لا نود ذكر مسارات أخطاء حسابات قوم مضوا، فذلك ارث تعلمنا من الرئيس محمد ولد عبد العزيز ورفاقه ، أن من يمسك العصا من المنتصف، ويفلق البحرأنهارا وجداول، والجبال طرقا وموانئ، لا يلتفت إليه، ولا يخشى تراكماته، وأن غض الطرف عن جراحه ومنزلقاته أسلم وأرشد.
جاءت مأموريتان منحهما الشعب السيد، فوضعت أهم البصمات:
الأولي: في مجال الحض على حقوق الفقراء والضعفاء
تم التأسيس لحضارة الأخوة دون إكراه، والمحبة دون رشوة ، بإنهاء مأساة العشوائيات والكزرات، حلم ساكنة موريتانيا والفقراء لعقود متتالية.
الثانية: الدبلوماسية الذكية
في عهد المغامرة الذكية، تحررنا من العلم الصهيوني، وتلك إحدى المفاجآت والمعجزات، التي حيرت ولا تزال تذهل نقباء السيرك.، بلا خسائر ظنوها كبيرة، وراهنوا على خطورتها حاضرا ومستقبلا..ليا وكيدا، وترون كيف اجتمع العرب بدار الملثمين، وكيف آلت اليهم رئاسة الاتحاد الافريقي، وأصبح السلم والحرب لا يقطع فيهما أمر ولا يحسم فيهما مسار ، إلا إذا تكلم الأحمد العزيز
الثالثة: وضع حد لاحتكار السياسة وتزوير الانتخابات
وتحررت السياسة وتمويل الانتخابات، من رهانات طبقة من المفسدين، والقليسيين، وعملاء السفارات الأجنبية من الجساسة و الأميلزة والآسانجات، فانتهى تحكم الكادحين في الثروة والسلطة، وأزهم أزا لحاكم القصر الرمادي لأول مرة.، وسقطت نقنقات التمديد والتوريث، مهما صفق المنافقون، ومهما تلعثم المبلسون ، واللصوص، والمنتفعون
الرابعة: بسط الحريات العامة
سطعت شمس الحريات فخسر رهان من يسترق السمع ، من كل فج ورئي من الانس والجان ، وكسرت جرار هذا الفرعون ، و قواريرذاك القارون، وسويت بالأرض صروح أحلام هامان ، ولم تعد لرجال أعمال السلطة، وسماسرة الأرض والصفقات ،ذاك التحكم وتلك الحصانة
خلت السجون من أصحاب الرأي ، لم يعد شباب حزب الشعب آمرا، ولم تعد هياكل تهذيب الجماهير سوطا، ولم يعد من يعزف نشيد الحزب الجمهوري مسموعا وحده ،مكر أولهم وآخرهم أصبح متبرا أوبئيسا أومهجورا ، أو هويكاد يحور ثم باليقين نراه يبور.
الخامسة: إبطال سحر مراكز استغلال النفوذ وإرهاب الصالونات المافيوية
ضرب هارون الرشيد أحرف أبجدية البرامكة، وأدخل لحن موريتانيا الجديدة كل أنحاء البلد، مشكلا أزمة فكرية وسياسية عند زمار جميع الأنظمة الشمولية المنهارة، وشموسهم وأقمارهم ونجومهم الآفلة ، لم يعد للسحرة أدلاء وجباة، ولا لكيد النسوة مجالس حكم، وجففت منابع الإرهاب الفكري ومراكز استغلال النفوذ، وأصبح انكشاف عوراتها ممكنا ومتاحا قبل وبعد كل تفتيش وتدقيق حسابات.
السادسة: فتح الفرص و أبواب الأمل لأجيال المستقبل
شباب موريتانيا الجديدة، فتحت أمامه الفرص في السلطة والتشغيل ومدارس الامتياز التعليمية، وتأسست الجامعات المؤهلة والمستشفيات المجهزة والمطارات الدولية، وأصبح يعول عليها في خطط وعائدات الزراعة والصيد والذهب والنفط والغاز…لم تعد تلك المصادر، قسمة ضيزي ،بين ثالوث الأجنبي الراحل، وبائع الرهائن الهارب، و مهرب العملة الصعبة المتمرس.
السابعة: التأسيس للجمهورية المتصالحة مع تاريخها وأبنائها
تم التأسيس لحالة مدنية ابيومترية، ولعلم وطني مقاوم للتحديات، ولنشيد وطني جامع، ولحياة ديمقراطية تؤمن بالجمع بين نهج الحوار و مخرجات الشراكة بين الأغلبية والمعارضة، ، لبنة لبنة ، دون ضم أو شتم أو الغاء، حتي يكتمل البنيان.، بحوار مؤسس لحكامة متفق على تحسين دائم لآلياتها ومخرجاتها ، تشريعا وتنفيذا.
الثامنة: الانتصار لدين الله القويم
بين العمري الأول والأحمد، بصمات مشتركة تليدة، أهمها الانتصار للحنيفية السمحة، ومحاربة مجاميع التكفيريين وعتاة المستهزئين بالدين الأحنف
وبين الرباطين شبه، لا شبهة في نواياه المعلنة ، وأهدافه المستقبلية.
المصحف يطبع ويوزع لأول مرة ، تفتح إذاعة للقرءان الكريم، وقناة أترجة للمحظرة، معززة بمجلس علمي لا يمكن تجاوزه، وبأنحاء موريتانيا الجديدة تبني وترفع المساجد، ويكرم العلماء في هيئة للافتاء والمظالم، وتصان حرية التعليم الأهلي والدعوة، ويسلك الحوار المتمدن مع الغلاة وأهل الزيغ، وتطوى صفحات الاستهزاء .
لقد انتهى جنون العلمانية في السبعينات، وشيطنة أربابها لأهل الدين القويم في التسعينيات ، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
التاسعة:المحافظة على المشترك ونبذ دعاة الصدام تحت أية يافطة ونشر الكراهية بأية مسوغات
إن معادن البلد ، رجالا ونساء، شبابا وشيبا ، عليهم الاصطفاف الآن، صفا واحدا ،ونبذ كل صراع عبثي، وكل ناعق بالفتنة في هذا الوضع الدولي، وفي وقت أجمع فيه الأفارقة على إطلاق عهد المصالحات التاريخية، وإنهاء الحروب الداخلية بكل أشكالها .
فهذا المؤتمر الافريقي 31 مرتكزا ومنطلقا، لبناء أمة افريقية صنعناها أربعينية من العاطفة والأحلام، ونصنعها منذ اليوم، بصمات مشتركة لا مراء في سلمها، وحرياتها، وتصالحاتها، ومنجزات منشآتها.
قد لا نجادل صف المعارضة والمحاصصة ، في أوجه الخلل والصراعات التي عاشتها القارة، ويمكن أن نعيشها معا دولا وشعوبا.
لكن الأصح أن نحافظ على المشترك ونبني عليه، وأن لانضيع الوقت في توزيع اكراهات الشتائم، وإثارة أحقاد المنزلقات ؟
العاشرة: لا خير في ثالوث الغزاة والطغاة والغلاة
الله غالب على أمره…..
تعالوا جميعا أغلبية ناصحة، ومعارضة راشدة، أنتم ترون اليوم بلا مراء ، نتائج تصارع الغزاة ، والطغاة، والغلاة من القرن الإفريقي إلى سواحل اليمن ، ومن سوريا إلي ليبيا، ومن جنوب السودان إلى شمال مالي، ومن الصومال الى الصحراء الغربية..
كم أفسدوا من دول، وكم شردوا من شعوب، وكم تركوا من عروش خاوية ، وديار مدمرة، ومؤسسات خربة.
أحد عشر: ركوب الجميع لسفينة النجاة من عصرالفتن
بصمة بصمات “عهد المغامرين”،على حد تعبير ” أهل الرحيل الآفل وفكر المستبد الثائر”،، أن نركب سفينة النجاة أغلبية واعية، ومعارضة جادة، سفينة عبرت بنا ربيع المآتم والشتائم، وبسلام إلى شاطئ الأمان من ” الولوال ومن ركام الزلزال”.
أليس جديرا بعقلاء البلد الشنقيطي، بلد معلم الكتاب والسنة، أن لا يذكر بلدنا في شنآن الحروب بالوكالة المدمرة، أو عاصفة تفجيرفي عصر فتن الدخن المظلمة، وأن نحافظ حاضرا ومستقبلا على التمكين لدولة الأمن والاستقرار، والعض بالنواجذ على البصمات العشر، وتحصينها من جميع الانزلاقات والنزاعات؟؟
حقيق بحكماء السفينة أن يمنعوا المفسدين والمتهورين من خرقها ، كي نفي لأجداد مضوا شهداء ومقاومين، ولأبناء بررة لا يزالون يحرسون الثغور ويحمون راية الاستقلال وحوزة الأرض ويحمون الاستقرارو العرض، بعيونهم الساهرة، وبمهجهم الطاهرة، ورؤوسهم المرتفعة، وليس بالقيل والقال، وكثرة السؤال، وإضاعة الأعمار وكنز الأموال.
الله أكبر..إفريقيا الحرة، تحارب الإرهاب والفساد،وتؤسس
لعصر الصلح بين شعوبها وشعابها
تلك عشر بصمات معززة بدرس قمة المرابطين تقول لمن أسف لفشل الرحيل ولمن يطبل للنزاعات والحروب الداخلية: فاتورة الصلح والحوار أقل تكلفة من حماية الأجنبي، وتناحر الإخوة.

محمد الشيخ ولد سيد محمد / أستاذ وكاتب صحفي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى