أَوًلُ مَا يَجِبُ عَلَي المُتَحَاوِرِينَ!

تتواتر التسريبات و “الصًالُونِيًاتُ” القريبة من الموالاة و بعض أحزاب المعارضة علي أن اللمسات الأخيرة يتم وضعها هذه الأيام لانطلاق الحوار الذي ينتظره الرأي العام الوطني و يترقبه “الرقيب الإقليمي و الدولي” منذ فترة طويلة ظل خلالها أملُ التواصل بين الموالاة و المعارضة يُقدم رجلا إلي دائرة اللقاء والتشاور و يتأخر خطوتين إلي مُربع “الثلاجة” و النسيان أو “مَلْعَبِ” السجال و السِبَابِ.!

وإذا تأكدت صحة تسريبات انعقاد الحوار فإن أول ما يجب علي الأطراف التي ستشارك فيه هو “تصحيح و تحرير مَنَاطِهِ” من خلال إعطاء تعريف جامع مانع للحوار السياسي المطلوب حتي لا يشوش بعض الغلاة و المتطرفين علي مجرياته فيتخذون منه بصفة مباشرة أو غير مباشرة مناسبة “للمراء السياسي”و فرصة لزَلْزَلَةِ و زعزعة بعض “الثوابت الراسيات” “كالوحدة الوطنية” و “اللحمة الاجتماعية” و “الجسد الإقليمي الواحد”،…

و التعريف المطلوب ينبغي أن يحدد رُكْنَيْ الحوار وهما الأطراف المعنية بالمشاركة أولا و المواضيع ذات الأولوية التي يتعين نقاشها و تعميقها ابتغاء الخروج بتفاهمات و إصلاحات إجماعية ثانيا؛ و ذلك من غير لَبْسٍ و لا دَلْسٍ و لا لَفٍ و لا دَوَرَانٍ و لا مجاملة و لا مداهنة و بشكل دقيق دَافِعٍ لشبهات الفوضوية و الاستعراضية و “الكرنفالية” مُعَبِرٍ عن جودة التنظيم و منتهي الأهمية و غاية الجدية.

فبخصوص أطراف الحوار فلعله من الأنسب أن يتم حصرها في الأحزاب السياسية أو تكتلات الأحزاب السياسية فقط وذلك لسببين أولهما شَدُ عَضُدِ تحريم الترشح المستقل للانتخابات بحظر المشاركة في الحوار السياسي علي غير الأحزاب السياسية ضِفْ إلي ذلك سَدَ باب طلب المشاركة في الحوار أمام بعض “المنصات” السياسية المتطرفة التي فشلت في استيفاء شروط الحصول علي تراخيص بإنشاء أحزاب سياسية.

و في ما يتعلق بمواضيع الحوار فيجدر أن تكون سياسية بامتياز تتعلق بكل ما من شأنه تحسين الحكامة السياسية للبلد و ترقية النموذج الديمقراطي الموريتاني و عصرنة و إصلاح المدونة الانتخابية و الانتقال من جيل ” اللجان المستقلة للانتخابات” إلي جيل “السلط المستقلة للانتخابات” مطلقة الاستقلالية، عالية الكفاءة، فائقة القوة و الأمانة والقادرة علي توفير أقصي الظروف الضامنة “لطهارة” و نظافة المنافسات الانتخابية المقبلة.

أما المواضيع غير السياسية و خصوصا أمهات القضايا الوطنية كالوحدة الوطنية و اللحمة الاجتماعية و التوازن المناطقي و التفاوت الشرائحي،… فيجب علي “المكلفين” بالحوار المنتدبين من طرف أحزابهم أو تكتلات أحزابهم أن يؤجلوا الحوار حولها إلي ما بعد تطبيع المشهد الانتخابي و السياسي الوطني و استعادة الثقة الكاملة بين الشركاء السياسيين لما يتطلبه التداول و التدافع بشأنها من مناخ سياسي و اجتماعي هادئ،”بارد” و رشيد،…!!

و تمامُ تصحيح الحوار و تحرير مناطه أن يتم نقاش كل المواضيع السياسية التي كان من الممكن أن تطرحها الأطراف السياسية التي قد تقاطع الحوار و أن يتم السعي قدر الإمكان و فوق الإمكان- إلي تلبية طموحات الغائبين كأن يتم مثلا ترفيع المكانة البروتوكولية و الامتيازات المالية و العينية لزعيم المعارضة و كبار مساعديه وأن يتم إشراك زعيم المعارضة في اختيار بعض أعضاء المجلس الدستوري و السلطة العليا للسمعيات البصرية و أن تتم دَسْتَرَةُ وجوب انتظام اللقاءات الدورية التشاورية بين زعيم المعارضة ورئيسي السلطتين التنفيذية و التشريعية بالبلد،…

المختار ولد داهي ، سفير سابق

Exit mobile version