يكاد يكون من النادر أو شبه المنعدم وجود دول من بلدان العالم تصل فيها “الراحة الدراسية” مقدار ما تبلغ عندنا من الطول ذلك أن العطلة الدراسية الكبري التي يمكن تعريفها بأنها”الفاصل الزمني بين توقف عملية التدريس خلال السنة الدراسية”ن”(N) و استئنافها السنة الدراسية”ن+1″(N+1) من دون احتساب فترة الامتحانات الختامية” تدومُ خمسة أشهر هي: يونيو،يوليو،أغسطس،سبتمبر و أكتوبر أي ما يزيد علي 40% من عدة الشهور عند الله.!!
و إذا أضفنا إلي العطلة الدراسية الكبري التوقفين الدراسيين بالثلث الدراسي الأول و الثلث الدراسي الثاني Premier et Deuxième trimestre) ( Les congés du و اللذين يبلغان ثلاثين يوما و لم نُغْفِلْ احتساب التوقفات الدراسية العديدة بمناسبة الأعياد الإسلامية و الوطنية و الإقليمية و الدولية لاستنتجنا أن صافي السنة الدراسية يقل عن ستة أشهر و لجاز منح بلادنا “لَقَبَ” أفضل الدول و المجتمعات التي تُحِلُ-في المتوسط- التعليم عاما و تُحَرِمُهُ عاما.!!
كما أن صافي العام الدراسي هذا إذا تم تدقيقه أكثر فلن يبقي منه أكثر من نصفه فإذا تذكرنا أن العطلة الدراسية الأسبوعية تشمل مساء الجمعة و كامل يومي السبت و الأحد أي ما يعادل يومين و نصف من أيام الأسبوع فإن صافي الشهر الدراسي لن يتجاوز 19 يوما دراسيا أي أن “خالص” صافي العام الدراسي( الستة أسهر) يساوي 114 يوما فقط إذا ما اقتطعنا منها تغيب الأساتذة الذي لن يبتعد كثيرا عن معدل 10% فإن صافي خالص العام الدراسي لن يتجاوز مائة(100) يوم أي ثلاثة أشهر و عشرا.!!
و يُخفي كل من “صافي” و “خالص” العام الدراسي تباينات شرائحية و طبقية و مناطقية صارخة ذلك أن صافي العام الدراسي يقل كثيرا عن أربعة أشهر ببعض مناطق حواضن الاسترقاق( آدواب) و المناطق الأخري الأشد فقرا و الولايات الأقسي حرارة حيث يتأخر غالبا الافتتاح المدرسي كثيرا بفعل إعادة تأهيل المدارس إلي غاية يناير أحيانا و يكون تغيب الأساتذة قاعدة لا استثناء و يُفْزَعُ إلي الاختتام الدراسي سريعا نهاية إبريل غالبا اتقاء للحر أو”تفريغا” للتلاميذ لمساعدة الأهالي في أشهر “شد الأحزمة” …
و إذا كانت بعض الدول ترفع عَقِيرَتَهَا ضد ظاهرة تدني المستوي الدراسي رغم حرصها -كل الحرص- علي أن لا تتجاوز كامل التوقفات و العطل الدراسية سقف الثلاثة أشهر و أن لا يقل صافي العام الدراسي عن تسعة أشهر خالصة بالإضافة إلي تسخير إمكانيات كبيرة لتشجيع الأساتذة و المعلمين و تحفيز الطلاب و المتدربين و عصرنة المناهج و تبسيطها فلا يستغربنً أحد أن يتجاوز المختصون وصف واقع التعليم عندنا بالمتدني إلي الضغط-ملء اليد- علي كافة أجراس نُذُرِ انهيار أو انعدام المستوي الدراسي.!!
و أملي كبير في أن يتخذ الطاقم المسؤول عن التربية و التعليم حاليا، و منهم أُولُو أهلية و تجربة و”قوة هادئة” في الحق، إجراءاتٍ عاجلة لتلافي انهيار التعليم عبر تحسين بعض المؤشرات الدراسية العام القادم إن شاء الله كرفع نسب النجاح في الامتحانات الخاتمة للمستويات الدراسية و خفض عدد التلاميذ بالفصول و زيادة نسبة التغطية بالمعلمين و الأساتذة لكن أَوْكَدَ الإجراءات عندي هي اتخاذ عاجل و ناجع التدبير من أجل الحد من “تآكل العام الدراسي” وذلك عبر رافعات تعجيل الافتتاحي ليكون منتصف سبتمبر و تأخير الاختتام إلي غاية نهاية يونيو ومحاربة تغيب الطاقم التدريسي،…
المختار ولد داهي ، سفير سابق