أكد الدكتور مولاى ولد محمد لغظف الوزير الأمين العام للرئاسة ورئيس اللجنة التحضيرية لقمة نواكشوط، أن موريتانيا بصدد إطلاق عدد من المبادرات خلال رئاستها للقمة العام الحالي، من أجل لم الشمل والمصالحة العربية من ناحية، ومن أجل تعزيز التواصل والتعاون العربى من ناحية ثانية، ومن أجل تعظيم الاهتمام باللغة العربية كذلك.
وقال ولد محمد لغظف فى حوار خاص لـ»الأهرام« إن القمة العربية التى انعقدت فى نواكشوط أخيرا كانت فرصة لإعادة التعريف بموريتانيا فى عالمها العربي، ليس فقط بتاريخها كبلد المليون شاعر وبلد العلم والفقه والثقافة، وإنما أيضا باعتبارها بلد الفرص الواعدة والمليون فرصة استثمارية، ووجه المسئول الموريتانى الرفيع الدعوة للمستثمرين والدول العربية للمجيء إلى بلاده مؤكدا وجود كل التسهيلات اللازمة لاستقبالهم.
وإلى نص الحوار:
بعد اعتذار المغرب كيف استطاعت موريتانيا أن تنظم القمة العربية؟
كان تحديا كبيرا بالفعل، لأول مرة ننظم حدثا كبيرا بهذا الحجم، خاصة القمة العربية، وقد قبلنا التحدي، وكان ذلك قرار الرئيس محمد ولد عبد العزيز، واستطعنا والحمد لله أن نبرهن أن باستطاعتنا تنظيم واستضافة القمة العربية فى وقت قصير وظروف صعبة، واعتقد أن النتائج كانت إيجابية، فقد شاركت كل الدول العربية، والقرارات التى صدرت عن القمة كانت قرارات إيجابية، وتم وضع القضية الفلسطينية فى البوصلة، بعد أن نسيت فى قمم سابقة، خاصة بعد مايسمى بالربيع العربي، كما تم التركيز على التضامن العربى الافريقي، وهذا الأمر له أهمية خاصة، ردا على التوغل الإسرائيلى فى بعض الدول الافريقية، والتضامن العربى الافريقى يمر فى واقع الأمر بمخاطر عديدة.
وكيف استطعتم حشد الشعب الموريتانى بهذا الشكل حتى أصبحت القمة هى قمة كل مواطن فى موريتانيا؟
الأمر يعود إلى الرئيس ولد عبد العزيز الذى طلب من الموريتانيين أن يكونوا على مستوى التحدي، والشعب الموريتانى غالبا ما يستجيب للقضايا العربية ويعتبرها قضاياه الشخصية، فوجود هذا الكم الهائل من القادة العرب كان عاملا فعالا فى حشد الشعب كله .
ما هى أكبر التحديات التى واجهتموها؟
كان الامر كله تحديات، التنظيم والتنسيق والوفود والحضور والأمن والمواضيع التى ستطرح، وفى الواقع أن جميع القضايا العربية أصبحت قضايا صعبة.
كم عدد الأشخاص الذين عملوا فى تنظيم هذه القمة؟
أجاب ضاحكا: موريتانيا كلها ..ليس عندى رقم محدد، لكنه عدد كبير.. كانت هذه أول مرة نستضيف حدثا بهذا الحجم، استضفنا سابقا أعمال قمم إقليمية، تضم 5 أو 6 دول، لكننا فى هذه المرة استقبلنا العالم العربى كله.
كان المشهد العربى ممزقا؟
ممزق بكل المقاييس، لم يكن هناك موضوع يطرح بسهولة..كانت رغبة جميع الزعماء العرب حضور القمة، ومن لم يحضر كانت لديه ظروف خاصة، وكان لاتصالات الرئيس ولد عبد العزيز وعلاقاته الوطيدة مع القادة العرب والثقة التى بناها معهم أكبر الأثر فى نجاح القمة العربية.
ما الذى يمكن القول أن موريتانيا أنجزته عبر هذه القمة لمصلحتها خارجيا ؟
أعتقد ان انعقاد القمة فى موريتانيا أتاحت التعرف على موريتانيا وما تملكه من طاقات بشرية ومادية، شعراء موريتانيا وتاريخها وسياستها والفرص الاقتصادية الواعدة بها ، ولدينا الحمد لله شعب حيوى.
وماذا أنجزت موريتانيا بالقمة داخليا؟
لا شك أن غالبية الموريتانيين فى الحكم والمعارضة، تبنوا هذه القمة، وكانت بالنسبة لهم تحديا كبيرا، وقد توحدت الجبهة الداخلية والتفت خلف قرار الرئيس باستضافة القمة.
كيف يمكن استثمار هذا النجاح الذى تحقق والبناء عليه؟
أولا هناك قرارات صدرت عن القمة، وموريتانيا التى تتولى رئاسة العمل العربى المشترك لمدة عام ، وعليها دور فى تفعيل القرارات، وإعلان نواكشوط هو إعلان مهم للغاية، والاهتمام بالقضية الفلسطينية فيه أمر أساسي، وهناك بند خاص للاهتمام باللغة العربية الفصحي.
ما الذى يمكن أن تقدمه موريتانيا للقضية الفلسطينية؟
أن تدافع عن القضية الفلسطينية فى جميع المحافل، وإعطاؤها مكانتها وجعلها البوصلة الأساسية للعمل العربى المشترك.
هل يمكن لموريتانيا أن تلم الشمل الفلسطينى ؟
ستلعب موريتانيا دورا من أجل ذلك مع الدول العربية الشقيقة، ومع مصر العمود الفقرى للعالم العربي، ومادامت مصر بخير فالعالم العربى بخير، وأوضاع الدول العربية جميعا تتاثر بالأوضاع فى مصر سلبيا وإيجابيا.
وماهى تصوراتكم المستقبلية لقضية التعريب؟
اللغة هى وعاء الأفكار، وقد عشت فترة كبيرة فى بروكسل ورأيت كيف نشأ ونما الاتحاد الأوروبى المكون من 27 دولة أصبحت الآن 26دولة، ورأيت كيف تدافع كل دولة عن لغتها، وبعض هذه اللغات لايتكلم بها إلا بضعة ملايين ، فكيف باللغة العربية التى يتحدث بها مئات الملايين العرب، وأكثر من مليار ونصف فى العالم يتحدثون على الأقل خمس مرات فى اليوم، إذن لابد من الاهتمام بها وأن تجد مكانتها اللائقة بها، لأن معيار قوة اللغة وإشعاعها معيار لقوة الأمة.
موريتانيا التى طرحت مبادرات فى افريقيا.. هل يمكن أن تقوم بمبادرات مماثلة فى الشأن العربي؟
ستقوم موريتانيا بمبادرات عديدة فى الفترة المقبلة بالتعاون مع الأشقاء العرب من أجل القضية الفلسطينية، وستكون هناك أيضا مبادرات أخرى لمصالحات عربية، والدفع بالتضامن العربى الاقتصادي.
التعاون العربى الافريقى مهم فى الطرح الموريتاني؟
نعم هو قضية أساسية فوجود إسرائيل فى افريقيا أمرا خطير.
هل يمكن أن تلعب موريتانيا دورا على هذا الصعيد؟
لابد من تفعيل التضامن العربى الافريقى ، وعندما يتم تفعيله تصبح الدول الافريقية غير مندفعة تجاه إسرائيل . وموريتانيا هى بوابة افريقيا فى العالم العربى ، وأعتقد أن التعاون العربى الافريقى أساسى للأمن القومى العربي. والموريتانيون لعبوا تاريخيا دورا أساسيا فى هذا التواصل، وفى نشر الإسلام فى افريقيا.
هل تفرض تطورات الأوضاع فى هذا الأمر تنسيقا قويا بين القاهرة ونواكشوط ؟
هذا أمر ضرورى ، هناك قرون من التعايش السلمى والأخذ والعطاء بين شعوب القارة، ويجب الحفاظ عليها.
وكيف السبيل لاستعادة التضامن العربى الافريقى الذى تجلى فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؟
كله يعتمد على الإرادة, إرادة القادة العرب.
هل هناك ملامح لهذه المبادرات العربية التى تعتزم موريتانيا طرحها ؟
سيكون للرئيس ولد عبد العزيز مبادرات كثيرة، خاصة بالتنسيق مع القيادة فى مصر.
كنت مسئولا عن مبادرة الحوار الوطنى فى موريتانيا ..أين وصلت؟
الأمور تسير إن شاء الله من حسن إلى أحسن.
ماهى آفاق هذا الحوار الوطني؟
فى آجال قريبة ستظهر نتائجه، وسيعزز الوحدة الوطنية والديمقراطية .
تحدى الإرهاب كيف تواجهونه؟
لاشك أن المقاربة الموريتانية فى مكافحة الإرهاب كانت ناجعة، حيث اعتمدت فى الجانب الأمنى على تقوية القوات لمسلحة والجيش الموريتاني، وهناك أيضا مقاربة فكرية اعتمدت على مقارعة الفكر بالفكر، فضلا عن الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية و ورفع مستوى معيشة السكان والاهتمام بالشباب.
هل يمكن أن نقول إن خطر الإرهاب انحسر الآن عن الحدود الموريتانية ؟
الحمد لله لم تقع أى عملية إرهابية فى موريتانيا منذ 6 سنوات، رغم الأوضاع المضطربة على حدودنا.
موريتانيا حاولت إبراز وجه آخر لها خلال القمة العربية، ليس فقط باعتبارها بلد المليون شاعر وبلد الثقافة والفقه والعلم، وإنما أيضا باعتبارها وجهة اقتصادية مهمة وبلد المليون فرصة استثمارية .. ماذا تقولون للمستثمرين وللعالم العربى فى هذا الشأن؟
أقول لهم كلمة واحدة: الوقت المناسب هو الآن، بعد غد قد يكون متأخرا، هناك فرص واعدة فى مجال الصيد والمعادن والثروة الحيوانية وفى مجال الغاز والبنى التحتية ، فمن أراد فرصا فليأت إلى موريتانيا اليوم قبل الغد.
ما هى التسهيلات المتاحة؟
جميع التسهيلات موجودة، البلد آمن والقوانين الاقتصادية أعطت فرصا كبيرة.
ماذا عن التعاون الاقتصادى مع مصر؟
الشعب المصرى فى أعماقنا ووجداننا، والعلاقات مستمرة والتنسيق مستدام بين البلدين. لكن مازال التعاون الاقتصادى دون المستوي، لكن الإرادة قوية وستدفع به قدما ، ونحن لدينا قدرة كبيرة على التفاهم مع مصر، فلدينا تاريخ مشترك رغم التباعد الجغرافي، وكان لدينا فى السبعينيات أعداد اكبر من المصريين، وخصوصا فى مجال التعليم.
متفائلون بمستقبل موريتانيا؟
نعم كثيرا، مستقبل واعد إن شاء الله، كانت قمة الأمل، وأصبحت نواكشوط بعدها عاصمة الأمل.