أوهام المنتدى / أفاتوبنت لمعيبس

بعد طول غياب عاد منتدى الديمقراطية والوحدة المعارض إلى الساحة الإعلامية عبر ندوة سياسية دعا خلالها رئيس المنتدى للتعبئة “لمواصلة النضال لإحداث التغيير المنشود”.. عودة المنتدى بعد أشهر من الغياب عن المشهد، بعد أن غير جلده، وبهذه الطريقة أيضا توحي أن القائمين على أكبر كتلة سياسية معارضة، خارج السياق، وقد فاتهم القطار فعلا، فبعد كل التحولات التي شهدتها موريتانيا ودول المنطقة بشكل عام، لم يعد لهكذا تصريحات أي معنى، فالقافلة قد عبرت مسافات طويلة، واللحاق بها يحتاج قدرا من الحكمة والتروي والعقلانية.. إن الذين أنفقوا سنوات طويلة في السير بين دار الشباب والمسجد العتيق حاملين شعارات الرحيل، لم يستخلصوا الدروس بعد، ومازال البعض منهم مصرا على مطاردة خيوط دخان سرعان ما تتلاشى في الأفق. والمفارقة أن من يطالبون اليوم بضمانات للمشاركة في الاستحقاقات البرلمانية والرئاسية ، بعد أن رفضوا دعوة الرئيس للحوار، هم أنفسهم من شاركوا في العهود الاستثنائية في انتخابات لا تخضع لأي معايير، في جو تطبعه الدكتاتورية بميسمها على كافة الصعد، والمضحك أنهم كانوا يخرجون من السجون لتشريع المهازل الانتخابية خلال سنوات 1996، 1997، 2001، 2003 ثم إذا انتهت الانتخابات أعيدوا إليها مرة أخرى. وحين تغيرت الأوضاع السياسية وطالبوا بضمانات جدية عهد إليهم بتسيير شؤون الدولة عبر توليهم أهم الوزارات السيادية، عام 2009 وجرت الانتخابات تحت وصاية حكومتهم المنبثقة عن اتفاق دكار، لكن الشارع لفظهم ورفض التصويب للبرنامج السياسي الذي رفعوه. اليوم يجني هؤلاء حصاد ما زرعت أيديهم، فهاهم يرددون كالببغاوات عبارات أكل عليها الدهر وشرب، بعد أن رفضوا المشاركة في النيابيات والبلديات، وباتوا خارج المشهد السياسي، ولا صوت لهم في البرلمان باستثناء قلة قليلة منهم خرجت عن قراراتهم وشاركت لتضمن لنفسها حضورا تحت قبة الجمعية الوطنية. بقي أن نقول إن موريتانيا الجديدة التي يقودها الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد أن وفرت كل الظروف والآليات لضمان سير المؤسسات السياسية في البلاد، لم تترك لهؤلاء من خيار سوى الانخراط في اللعبة السياسية بعد أن سدت كل الأبواب أمام عودة الأنظمة الدكتاتورية، فأجواء الحرية التي وفرها النظام تمثل حافزا مهما لجميع القوى السياسية بالمشاركة كل من موقعه، أما خيار المقاطعة فلا مبرر له أولا، ويتنافى مع ثقافة الأحزاب السياسة ثانيا، وعلى من فضل هذا الخيار أن يستعد لدفع ثمنه: خروجا من الحلبة، وغيابا عن المشهد بشقيه السياسي والإعلامي. والحقيقة أن ولد عبد العزيز ألقم معارضيه السياسيين حجرا للمرة العاشرة حين سحب البساط من تحت أرجل المعتاشين على السياسة، فحول شعار محاربة التطبيع إلى واقع حين قطع دابر العلاقات مع الصهاينة، وأمر بطباعة المصحف الشريف، وبناء أكبر مسجد في البلاد، ودشن إذاعة وقناة للقرءان الكريم، وأمر بدفع رواتب الأئمة والدعاة لأول مرة في تاريخ البلاد. وأخيرا وليس آخرا ها هو يعلن رفضه الإساءة للرسول الكريم ويوجه رسالة مفتوحة للقوى الغربية مفادها أن الإساءة للدين الإسلامي والرسول الكريم خط أحمر، فيقول ” أنا لست شارلي و لم أكن لأشارك في أي مسيرة ترفع شعارات مناوئة للإسلام”.. فمتى يستوعب قادة المنتدى كل ما حصل، ويفيقوا من سكرة “الرحيل” على واقع جديد يتطلب رؤية ثاقبة، وتعاملا أكثر نضجا..

Exit mobile version