الخطاب الكامل لوزير الاقتصاد والمالية الموريتاني في مننتدى جاكارتا

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام علي أشرف الأنبياء و المرسلين

معالي رئيس مجلس المحافظين وزير المالية في دولة اندنوسيا الشقيقة
أصحاب المعالي الوزراء و المحافظون و رؤساء الوفود
معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
السادة المدعوون
أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.
يسعدني ويشرفني بمناسبة التئام هذا المحفل الذي يجمعنا كل سنة أن أشاطركم فرحة تلاقينا اليوم في هذا الربع القصي, الأصيل و العزيز من عالمنا الإسلامي.
أود في البداية أن أتقدم بالشكر جزيله و الامتنان موفوره لحكومة و شعب اندنوسيا على الضيافة الكريمة و الرعاية الأخوية اللتين أحطنا بهما منذ أن لامست أقدامنا هذه الأرض الطيبة الجميلة التي يفوح منها عبق الحضارة والتاريخ العريق.
أصحاب المعالي ،
سيداتي و سادتي،

إن لقاءنا هذا يشكل فرصة ثمينة للتشاور و التبادل فيما بيننا لتقييم مستوى أداء مؤسستنا وتدارس السبل الكفيلة بالارتقاء به ،كما أنها أيضا فرصة لتدارس سبل مواجهة التحديات التنموية المشتركة لعالمنا الإسلامي الكبير ، تلك التحديات التي أجملها التقرير السنوي الحافل لحصيلة 2015 المعروض على جمعكم الموقر، أجملها في تباطؤ النمو العالمي و تناقص التدفقات المالية نحو بلداننا و استمرار البطالة والفقر و تقلبات أسعار المواد الأولية و تأثيرات التغير المناخي دون أن يغفل ذلك التقرير استمرار المخاطر الجيوسياسية و التهديد الإرهابي و أزمات اللاجئين و الأوبئة الجديدة .
وقد أبلت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية البلاء الحسن في العمل علي رفع هذه التحديات والتقليل من أثارها السلبية.
إن هذه المؤسسة التي أطفأت شمعتها الأربعين قبل سنة من الآن ، ظلت في قلب المسيرة التنموية لعالمنا الإسلامي خلال العقود المنصرمة ، مواكبة الإصلاحات و التحولات و موفرة الدعم الفني و المالي الفعال للدول الأعضاء و مادة جسور التقارب بينها و معززة تكاملها ، وقد حظيت الدول الأقل نموا في هذا الإطار بمعاملات تفضيلية كريمة.
لقد ساعد البنك الإسلامي للتنمية من جهة أخرى في تطوير رؤية خاصة للتنمية البشرية مستوحاة من التعاليم الإسلامية تنشد الازدهار للإنسان و تضعه في قلب اهتماماتها كما سعى لإبراز الوجه الناصع و المشرق للإسلام عبر تشجيع تثمير الوقف و دعم الهندسة المالية والصيرفة الإسلامية واعتماد صور تمويل شرعية مبتكرة مقدما بذلك إضافة نوعية للساحة المالية الدولية هي الآن موضع اهتمام بالغ من لدن مراكز البحوث ومؤسسات التمويل العالمية،كما حظيت الجاليات الإسلامية و المرأة و الشباب بلفتة خاصة تذكر فتشكر.
أصحاب المعالي
أيها السادة و السيدات،
إن هذا الاجتماع ذو طعم خاص إذ نودع فيه الأب المؤسس ،نودعه رغم انه باق في قلوبنا ما بقيت في العالم من وفاء و إنصاف، فقد وسم هذه المؤسسة بطابعه المميز. طابع الوجه البشوش, و الكنف الموطئ, و القلب الأبيض, والعلم الفوار, والطموح الجامح, و الرؤية الثاقبة.
من منا كان يمكن أن يتصور البنك الإسلامي للتنمية بدون معالي الدكتور احمد محمد علي، لكنها سنة الله التي لا مبدل لها.
معالي الرئيس المؤسس، ما كانت تلك النتائج المشار إليها أنفا لتتحقق لولا نهجكم المتميز في القيادة، و لولا الإخلاص و التضحية و روح الإبداع التي تحليتم بها طيلة رئاستكم للبنك.
لقد كنتم الحاضن و الراعي و الموجه و القدوة ، تعهدتم هذه المؤسسة بالرعاية و هي غضة ورويتموها بالقيم الفاضلة فصلب عودها وتفتقت أزهارها و أينعت ثمارها و ها هي الشعوب الإسلامية تجنيها اليوم على شكل جامعات و مستشفيات وسدود ومساحات مروية و مجمعات سكنية ومحطات كهربائية وطرق معبدة ومطارات ، إلى غير ذلك من المرافق والمنشآت التي غيرت ملامح دول عديدة و عادت بالأثر الإيجابي الملموس علي حياة مواطنيها.و ها انتم تغادرونها اليوم و هي في أوج ازدهارها.
ما أروع أن يسلم الإنسان المشعل بشعور الواجب المؤدى وبإحساس الضمير المرتاح.
إن الحصيلة المشرفة للمجموعة للسنة المنقضية تشهد لكم و أود أن أتوقف فقط عند الزيادة المطردة لصافي الاعتمادات الذي تطور بنسبة 13 %في السنة الماضية رغم سياق دولي معقد و متأزم خلق ظروفا ومعطيات جديدة وأعاد ترتيب الالتزامات والأولويات.
وإننا على يقين من أن الرؤية الاستشرافية للعشرية القادمة التي هي قيد الإعداد من طرف مجموعتنا ستحمل المزيد من المبادرات و الإصلاحات كما أننا واثقون من أن المملكة العربية السعودية, دولة المقر والمنبع, التي جادت علي العالم الإسلامي بالدكتور أحمد محمد علي و واكبته ودعمته طيلة أربعين سنة حتى وصل البنك لما وصل إليه, هي مؤتمنة علي اقتراح رئيس جديد سيكون خير خلف لخير سلف. إن السيرة الناصعة للدكتور بندر بن محمد حجار و مستواه العلمي العالي و تجربته المهنية الثرية تشكل ضمانات على استمرار بل و تطوير نهج النماء و التوسع نحو أفاق جديدة ، و انتهز هذه الفرصة لأهنئه و لأعبر له عن دعمنا و عن استعدادنا التام للعمل معه سويا على نجاح مهامه الجديدة.
أصحاب المعالي
أيها الجمع الكريم
شهدت بلادي, الجمهورية الإسلامية الموريتانية, في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا علي جميع الأصعدة. فقد فاق معدل النمو السنوي في هذه الفترة 5% وتمت السيطرة علي التضخم دون 3% ومعدل عجز الميزانية في حدود 2%. كما تم علي سبيل المثال لا الحصر تشييد أكثر من 3000 كم من الطرق وانجاز مشاريع عملاقة في مجال الماء و الطاقة حيث أصبح إنتاج البلد يفوق حاجاته الآنية.كما تمت توسعة ميناءي نواكشوط وانواذيبو وتشييد مطار جديد وبناء جامعة مكتملة الكليات. تم كل هذا لوجود رؤية واضحة لدي الحكومة تستفيد من دروس الماضي, تعبئ كل الموارد الداخلية أولا وتتوجه إلي الشركاء ثانيا بمشاريع ملموسة تستجيب للحاجيات الأساسية للتنمية. رؤية ترسخ الحكم الرشيد وتبني ثقافة الأداء وتطمح لكل ما يعزز الاندماج مع دول الجوار.
وقد واكبت بكل سخاء مجموعة التنسيق وعلي رأسها البنك الإسلامي للتنمية كل المشاريع العملاقة التي تم انجازها مؤخرا أو التي هي في طور الإنشاء: آفطوط الساحلي, آفطوط الشرقي, مشروع بحيرة أظهر, مشاريع الكهرباء ذات البعد الاندماجي مع دول المحيط , مشروع المطار الجديد, المركب الجامعي الجديد الخ. فلهم منا ولكل الشركاء الآخرين كل الشكر والامتنان والعرفان.
لا يخفي علينا ولا عليكم أن طريق التنمية والتحول الاقتصادي طويل ومعقد كما و لا يخفي عليكم ما يشكله تراجع أسعار المواد الأولية وعلي رأسها الحديد, الذي يعتبر المورد الأساسي للميزانية الموريتانية, من أثر سلبي. لهذا وذاك فإنني أتمني عليكم من هذا المنبر تكثيف الدعم لبلادي من أجل تعزيز المكاسب وامتصاص اثر الأزمة التي يشهدها العالم حاليا.
فبدعمكم ومواكبتكم سنتمكن من استغلال ثروتنا السمكية والمعدنية الهائلة, واستغلال أراضينا الزراعية الخصبة ومواردنا المائية الوفيرة, وتكوين مصادرنا البشرية المشهود لها بالتميز والنبوغ وتطوير فرص الاستثمار في بلادنا مما سيعود بالنفع علي شعبنا وشعوب المنطقة وهو لعمري ما تسعون إليه.
سيداتي سادتي،
لن يفوتني في ختام كلمتي هذه أن أهنئ أمانة المؤتمر الواحد الأربعين على حسن و إحكام التنظيم و أن أشيد بنشاط و حيوية أطقم مجموعة البنك الإسلامي للتنمية سواء على مستوى المقر أو على مستوى مكاتبكم الفرعية كما أحييي روح التعاون السائدة بين البنك و مكاتب المحافظين من جهة و بينه وبين المصالح الحكومية القطاعية من جهة أخرى.
وختاما وإذ أتطلع إلى أن يكون اجتماعنا هذا ، محطة بارزة في مسيرة بلداننا نحو التنمية الشاملة بإذن الله أجدد باسم بلادي خالص امتنان الشعب و الحكومة الموريتانيين لمجموعة البنك الإسلامي لما ظلت تقدمه من دعم مالي وفني قيم لاستراتيجياتنا ومشاريعنا التنموية .
و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون – صدق الله العظيم – وأشكركم السلام عليكم ورحمة الله تعالي و بركاته.

كما بدأت أعود
هنيئا لكم
شكرا لكم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته

Exit mobile version