الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد الصادق الوعد الأمين وعلي آله وصحابته أجمعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين
أما بعد فالي السادة الكرام من العلماء الفضلاء والأساتذة الأجلاء وجميع الحضور من المشاركين في الندوة الدولية. المنعقدة بانواكشوط حول الحوار والنقاش الفكري. لا شك ان من المعلوم عند عموم العقلاء وأهل الرأي أن طريق الحوار و النقاش الفكري والشرعي من أهم السبل وأكثرها نجاعة لمعالجة المشكلات الشائكة و توصيف الحلول المثلي ورسم السياسات الرشيدة بما يمكن المجتمعات الاسلامية من تجاوز الأزمات المعقدة والتطورات الخطيرة التي أصبحت تهدد كيانها وتدفع بكثير من البلدان الإسلامية إلي حافة الإنهيار وانفراط عقدها الإجتماعي والسياسي فضلا عن ما آلت اليه أوضاعها الاقتصادية من ترد وغياب للامن بشكل غير مسبوق حتي أضحت بعض البلدان الاسلامية بكل أسف عالة علي غيرها من البلدان الأخرى من أجل إيواء شعوبها رغم أنها لاتعاني من نقص في الموارد ولا في البنى التحتية أو الكادر البشري فكل ما تعانيه هذه البلدان هو غياب لغة الحوار والتفاهم على المصالح العليا و عدم الالتزام بالأوامر الشرعية القاضية بضرورة نبذ الفرقة بين المسلمين و الاعتصام بحبل الله و جماعة المسلمين. السادة العلماء و الحضور الكريم : لقد من الله سبحانه و تعالى على بلادنا و جنبها كثيرا من من المشكلات التي مرت بها بعض البلدان الأخرى . و نحن إذ نسأل الله سبحانه و تعالى أن يمن علينا و على جميع بلدان المسلمين بالأمن و الأمان و السكينة و الاطمئنان ، فإننا نحمده سبحانه على هذه النعمة ثم نشكر تلك الجهود التي قامت بها الدولة بكافة أجهزتها وفقا لتوجيهات القيادة العليا الداعمة لهذه السياسة.
كما نشكر كذلك السادة العلماء ممن ساهموا في تطوير سياسة الحوار و أوضحوا في كل المناسبات أهميته و سهروا بكل إخلاص على تبيين النصوص الشرعية مما كان له بالغ الأثر في تسديد رؤية الشباب من التيار السلفي في السجون و غيرها و قد ترتب على ذلك مكرمة العفو الرئاسي في خريف 2010 و ما تلى ذلك من إعانات لبعضهم بهدف دمجهم في الحياة النشطة و معالجة الجوانب الإقتصادية و الإجتماعية التي تسهم في تخفيف الاحتقان و التوترات.
السادة العلماء أيها الحضور الكريم : إن هذه المجموعة من سجناء التيار السلفي ترى أن تقديم رأي العلماء و الإقتداء بهم يعد واجبا شرعيا حث عليه القرآن الكريم في أكثر من موضع و حكاه بصيغة الأمر المقتضية الوجوب على قول أكثر أهل العلم كما عقد ذلك صاحب المراقي بقوله: و افعل لدى الأكثر للوجوب و قيل للندب أو المطلوب .
و الحق سبحانه و تعالى يقول في محكم الكتاب و يقول جل من قائل و يقول أيضا صدق الله العظيم
و إن هذه المجموعة التزاما منها بالأمر الرباني و انطلاقا من الضروريات المعرفية و الشرعية تعتبر نفسها ملزمة بكل ما يقرره السادة العلماء المشاركون في هذه الندوة و في غيرها من الفعاليات الرامية إلى إرساء السلم و الأمن و إشاعة لغة الحوار و التفاهم و نبذ لغة العنف و دواعيها . و نريد بناءا على ذلك إشراك السادة العلماء و غيرهم من أهل الفكر و الرأي في بعض المسائل المطروحة في قضية الحوار مع سجناء التيار السلفي سواء في ذلك الحوار الذي حصل و تمت الإشارة إليه سابقا أو في ما هو مزمع من الحوارات و النقاشات التي نرى ضرورة تسريعها و تفعيلها مع تثميننا لكل المنجزات التي حصلت في السابق و نود تقديم ذلك على شكل نقاط متتالية :
أولا: إن الاستجابة للحوار و الدعوة له مطلب أساسي لأصحاب هذه العريضة و هم على ذلك الأساس مستعدون له في كل وقت ويرون أن هناك ضرورة ملحة و أهمية كبيرة ليكون حوارا شاملا و بناءا و هادفا إلى تقديم رؤية متكاملة لكل المشاكل المطروحة بما في ذلك مسألة من صدرت في حقهم أحكام بالإعدام على خلفية أعمال معينة منسوبة إليهم و ستكون هناك قضية فقهية حول مسألة القصد الجنائي و غيابه حيث أن كل من تنسب إليهم هذه الأعمال إنما كانت بتوجيهات ممن تحلوا بصفة الآمر الذي يعتبر على قول المذاهب الثلاثة هو صاحب المسؤولية كما جاء في بداية المجتهد للعلامة ابن رشد و يمكن تخريج المذهب الرابع باعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة و مقتضياتها، و ما تستدعيه لغة الحوار و المصالحة من تخفيف و مراعاة للجوانب الإنسانية .
ثانيا: هناك بعض الأشخاص ممن شاركوا في الحوار السابق و التزموا بكل نتائجه و توجيهات السادة العلماء سوى أن بعضهم لا يزال في السجن لحد الساعة و البعض منهم خرجوا لكن بعد إكمالهم لمدة الحبس المقررة دون أن ينال أيا منهم تخفيف أو دعم على مثال ما حصل مع نظرائهم رغم التزامهم التام بالحوار بما تشهد به السلطات القائمة على السجن خلال السنوات الماضية و نحن بهذا الصدد لسنا معترضين على ما حصل و لكننا نود إشراك هذه المسألة في البحث و تخريجها على ما تقتضيه المصلحة العامة و نتائج الحوار.
ثالثا: من الأمور التي نعتبرها ذات أهمية مسألة الشكل الإجرائي لعملية الحوار و التفاهمات المرتقبة . فإن هذه المجموعة مع إعادة تأكيدها على ثقتها التامة في كل ما يقدمه السادة العلماء إلا أننا نرى مع ذلك ضرورة لقيام سلطات البلاد بتخويل السادة العلماء بعض الضمانات التي يتطلبها أحيانا موقف الأطراف المشاركة في الحوار لتكون النتائج المرتقبة أكثر جدية و شمولا و هذه المجموعة تؤكداستعدادها لذلك في كل الأحوال .
رابعا: إن مما لا يخفى على الجميع أن الدعم و التأطير للسجناء المستفيدين من نتائج الحوار ، كان له بالغ الأثر في تخفيف الكثير من الاحتقان و نحن من هذا المنطلق نجد أن من أهم المسائل المطروحة للحوار هي توسعة الدعم المادي و التأطير للشباب و زيادة الحصص الإعلامية التي تهدف إلى إشاعة معاني الأخوة و التراحم بين جميع مكونات الشعب و الأمة و يمكن لأصحاب الرأي و الفكر تقديم المقترحات لهذه المسألة. و في الأخير نتوجه بالشكر و العرفان إلى القائمين على هذه الندوة و المنظمين لها و نتمنى لهم كل خير وسعادة و نرجوا من الله العلي القدير أن تكون هذه الأعمال في ميزان حسناتهم و أن يعم الأمن و السلام كافة بلدان العالم الاسلامي .
حرر بالسجن المركزي بانواكشوط